مشاهد فيلية - بداية الانفال - تهجير الكورد الفيلية- المشهد الاول د. منيرة أميد أشتدت حملا ت التهجير ، بحيث لم يعد اي من الساكنين تلك المنطقة الحديثة في بغداد بمنجى منها. تلك المنطقة اشتهرت بمساكنها الحديثة الجميلة المبنية على أحدث طرز المعمارية. إذ تفنن مالكوها في هندستها المعمارية فكانت في حلتها تعكس جمال الذوق وروعة الاختيار، وأبهة التصاميم.أثار ذلك كله، حقد الجار الأتي من أتون صحراء التخلف والحقد والعصبية. اذ كانت هذه البيوت وساكنيها تنتصب شوكة في عينيه، التي لم تعرف للرحمة معنى ولا للجمال طعماً. كان بناء داره وبالذات سياج منزله، قبل وصوله وأقربائه للسلطة، مثارا للسخرية في ذلك المحيط. ليس بسبب الفقر والعوز وانما لضعف في الذوق و إختيار ما يتلائم مع المحيط . ابتلي سكان المنطقة بهذا الجار ( الجلف)، الذي لم يكن ليستصيغ ، سوى ان يكون منزله وساكنيه نشازاً مع كل ما يحيط بهم، فطريقة لباسهم وتصرفاتهم كانت تنم انهم لم يستوعبوا وجودهم الجديد في عاصمة الرشيد .. عاصمة الحضارة.. فلم يتخلوا حتى عن عادة تربية الاغنام ، التي كانت ترعى على حساب جمالية الزهور ، التي تعب اصحابها في اقتنائها وزراعتها عند مداخل بيوتهم . ومن هذا الواقع تحورت كلمات أحدى الاغنيات العراقية الشعبية المشهورة في تلك الفترة ، لتكون " حوشي(1) حوشي سبع تنكات(2) ". فأصدر قرار غير معلن أن من يددن بهذه الاغنية عقوبته الاعدام؟؟؟!!! ترددت في تلك الايام من السبعينات ، أن ذلك الجار الغير مرغوب فيه ، قرر بعد ان وصل قريبه الى سدة الحكم ، ان يشتري أجمل منازل الحي وابهاها . منزلا كان صاحبه قد اختار تصميماً نادراً، من أعمدة الرخام الى تماثيل السباع ( الاسود )، الى روعة التصميم الداخلي واتقانه. فحاول هذا الاخير مساومته بأن يدفع له مبلغاً خيالياً، لكنه رفض العرض بأدب جم ، مذكراً أن كل جزء من منزله هذا يمثل قطعة من أحلامه ولهذا يصعب ان يبيع احلامه مهما كان العرض مغريا . قد تبدوا هذه المسألة عادية وطبيعة تحدث في أي مكان في العالم لكن في ذلك الزمن من السبعينات وفي بلد أسمه العراق، زحفت فيه كل قيم الصحراء والبداوة على عاصمة الحضارة لم يتقبل الجار اللعين ذلك الرفض بطيب خاطر، ولم يعتبره ضمن حقوق الانسان ولم يفكر أن يستغل ماله في بناء منزل افضل بل، قررالانتقام. خرج أبنه البكر لجامعته صباحاً. فدهسته سيارة مجهولة وفر السائق ثم سجلت القضية ضد مجهول. وجاء إعتقال صاحب الدار بتهمة ملفقة لم يستطع التخلص منها بسهولة ، ليشمل التهجيربعد ذلك عائلته في بداية الثمانيات بحجة ، انهم من التبعية الايرانية؟؟ !!! وبهذا، استولت قطعان النظام على الدار والاملاك ، وحتى اوراق ثبوتية أصحابه. ورموهم على الجانب الاخر من الحدود. كانت هذه قصة من القصص الواقعية لتهجير عائلة من عوائل الفيلية التي ادونها هنا في سجل التاريخ والتي ساتبعها بقصص اخرى علها تسهم في انقاذ حياة الكثير من المهجرين اليوم عن اوطانهم واملاكهم وعائلاتهم. فتسهم احداثها في تتبيث قيم الانسانية التي تداس يوما عن يوم تحت القوة والاستبداد. ولعل ينتبه من بيده الامر.. أنه يجب واخيراً ان تعاد الحقوق لاصحابها.. ويسن قوانين تحترم فيه انسانية الفرد بعيداً عن اي أعتبارات أخرى. د. منيرة أميد 4 نيسان 2007 * الحوش باللهجة العراقية يعني "بيت" أما تنكات "علب السمن الفارغة المصنوعة من الصفيح، وكانت تستوعب 16 كغم من السمنة عادة. |