مكالمة من ألمانيا وتلفزيون الفيحاء

بقلم د. زهير عبد الملك

 

تلقيت ظهر اليوم مكالمة من سيدة عراقية ما زالت تنتظر البت في قبولها مقيمة في ألمانيا.

ودار بيننا الحوار التالي :

    -هلو ، عمو كيف صحتك، حاولت الاتصال بك قبل الآن ولم أجدك ؟؟!!!

-        نعم عزيزتي ،متأسف ، ذهبت لشراء بطاقة سفري

-        أهلا وسهلا بك ، ستأتي لزيارتنا ؟، آه ، كم سنفرح بمجيئك ،

-        يؤسفني ليس هذه المرة ، وليكن في السفرة القادمة. غدا أسافر إلى ستوكهولم لأشارك في الانتخابات.

-        أي انتخابات ؟؟!!!!

-        أراكم معزولين عن العالم ، وعما يجري في العراق .وإلا ما الذي حصل ؟؟!

-        لا أبدا ، ولكن من ستنتخب أنت ؟

-        ليس من المهم من سأنتخب ، وإنما المهم أن أشارك في الانتخابات . ألا توافقيني في ذلك ؟

-        نعم،  ولكن لا نعرف من ننتخب !!

-        أسمحيلي عزيزتي  هل تشاهدون التلفزيون ؟؟

-        نعم ، بكل تأكيد ،

-         نشاهد قناة الجزيرة والعربية والقنوات الأخرى .

-        هل تشاهدون قناة الفيحاء العراقية؟

-        لا أعتقد ،تفضل لكي تتكلم مع زوجي ،

-        أهلا أخي كيف الصحة والأحوال والأولاد ؟

-        بخير والحمد لله ،

-        في ما يتعلق بالانتخابات هل ذهبتم لتسجيل أسمائكم ؟

-        عمي !! أي انتخابات ،ولمن ننتخب ؟ ,وأين نذهب ؟

-        الانتخابات للجمعية الوطنية العراقية الانتقالية ، وبإمكانك أن تنتخب من تشاء من أكثر من مئة  قائمة وأكثر من 7000 مرشح ، أما أين تذهب فلمدينة كولن وهي على بعد أقل من ربع ساعة بالقطار من بيتك. كما يكنك الحصول على بطاقة سفر بسعر مخفّض. المهم أن تشارك في الانتخابات .

-        لو كنتم تشاهدون قناة الفيحاء ، لما احترتم  في من تنتخبون فهي تستعرض لكم بكل إخلاص وحب جميع ما يردها من دعايات انتخابية مجانا ولوجه العراق العزيز ، ولما ترددتم ، إذ بإمكانكم أن تكشفوا الغث من السمين والمدعي قولا، من:  من  ينطق بلغة الحقيقة ويسنده التاريخ في دفاعه عن الشعب العراقي ووفائه للعهود والتزامه بالوعود .ويهدف إلى بناء عراق ديمقراطي تعددي اتحادي على طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حتى يبرأ العراق من الفقر التخلف الحضاري والجهل .

-        والمشاركة في الانتخابات واجب  وطني و..و ... عند هذه النقطة انقطعت المكالمة بيننا.

 

النتيجة : هذا الرجل وزوجه نموذج غريب الشأن : هربا من العراق قبل سقوط النظام بأشهر قليلة تحت وطأة الظلم والقهر وفساد سلطة البعث ووصلا إلى ألمانيا.. وقد تحرر العراق من جرائم البعث، وها هم رجالات العراق يعيدون بناء الدولة على أسس متينة . أولها إقامة نظام ديمقراطي تحمل فيه صناديق الاقتراع باسم الشعب السياسيين إلى دفة الحكم، وتنزلهم منها في الدورة الثانية إذا لم يقتنع الناخبون بحسن أدائهم وخدمتهم لأبناء الشعب .

لا أتمنى أن يتلكأ أي عراقي في أن يسجل اسمه مع الناخبين ومن ثم يشارك في انتخاب من يريد بلا استثناء ولا أستثني أحدا من المرشحين. وإن كنت أفضل أن  لا يفرط بصوته ولا يدلي به عبثا ، بل  ينتخب عنه نوابا مشهود لهم بالإخلاص لقضية شعب كاد يدمره الظالمون الذين حكموا البلاد بأقسى أساليب البطش والنهب والسلب، والعباد بلا تفويض منهم ، ولم يدعوا معارضا يرفع رأسه للاعتراض عليهم في مجلس منتخب حر يمثل العراقيين عربا وكردا وقوميات أخرى ، منصبين أنفسهم بالقوة الغاشمة حكاما أبديين وأبناؤهم من بعدهم ينتظرون .

عيب على العراقي في عين الأجانب على الأخص أن يتردد أو أن لا يشارك في انتخابات بلاده بطرا أو إهمالا أو خشية كائن من كان ولاسيما أولئك الذين يعارضون إجراءها في موعدها المقرر. . فالذين يعترضون وأولئك الذين يعارضون إقامة سلطة سياسية عن طريق صناديق الاقتراع هم من يريدوا في حقيقة الأمر،  وفي نهاية المطاف تنصيب سلطة من القتلة واللصوص على رقاب الشعب العراقي ،أو هم ممن لا يرغبون في جلاء القوات متعددة الجنسيات من البلاد بأسرع ما يمكن،  مهما كانت مبرراتهم وأيا كانت أقاويلهم .

وإنها لكذبة مفضوحة واستهتار بعقول الناس إذ يدعون بعدم شرعية أو إمكانية إجراء الانتخابات يظل الاحتلال.

 

zuhair@libero.it