الفيليون بين وحدة وتشتت القوى

Feb 2, 2005
بقلم: د. زهير عبد الملك

بعد أقل من عام سيتوجه العراقيون نحو صناديق الاقتراع للمرة الثانية.

وسيكون المطلوب منهم انتخاب جمعية وطنية جديدة تتولى السلطة و المسؤولية لفترة قد تزيد عن أربع سنوات، ويكون مشروع دستور البلاد جاهزا، ويرتسم أمام الجميع حجم المهام الجسام لإعادة بناء الوطن الذي خربه العابثون والطغاة .

لكن الفترة الفاصلة بين عمليتي الانتخاب الأولى والثانية
قصيرة وحاسمة بالنسبة للكرد الفيليين وطموحاتهم في الحياة الآمنة والكريمة في العراق الديمقراطي الفيدرالي.

وخير ضمانة لأمن الفيليين وتطوير مجتمعاتهم خارج حدود إقليم كردستان العراقي أن يبادروا إلى تعبئة جهودهم وتنسيقها لكي يضعوا وزنهم الفعلي في المجتمع العراقي السياسي والاجتماعي والاقتصادي في صف الحركة الوطنية التقدمية وتعبئة جمهور الكرد الفيليين من أجل دولة القانون والديمقراطية السياسية والعدالة الاجتماعية وازدهار الثقافات الوطنية.

أليس في مثل هذه الخطوة إلى أمام دليل على نضوج النخبة الكردية الفيلية فكريا وسياسيا، ودليل على قدراتهم الذاتية في تحمل المسؤوليات الوطنية تجاه أبناء جلدتهم والنهوض بمستويات حياتهم المادية والثقافية. وقدرة مجتمعاتهم في وسط البلاد وجنوبها على تدعيم أنشطة إعادة بناء العراق والرقي به إلى مصاف الدول المتقدمة ؟

فما المانع من أن يشكل الفيليون كيانا سياسيا متكاملا يضمنا جميعا تحت راية واحدة وهدف واضح لخدمة شريحتنا بأنفسنا ، ولدينا الإمكانيات والمستلزمات المادية والثقافية والكفاءات اللازمة لنصطف في ركب الحركة الوطنية العراقية الساعية إلى بناء عراق متحرر ديمقراطي تعددي واتحادي مزدهر بتقدمه الاقتصادي والثقافي .

محاولات النخب الفيلية لتشكيل كيان سياسي كثيرة وبعضها قديم يرقى إلى عقود خلت وبعضها الآخر استجد حديثا حتى أصبح حديث السلعة بين مثقفي الكرد الفيليين من الرجال والنساء شيبا وشبابا .
نعم كانت هناك خطوط حمراء حالت في وقت ما دون نشوء كيان سياسي للكرد الفيليين، بل وقد أفهمت النخب من الكرد الفيليين بأن أي كيان سياسي سيكون مضرا بمصالح أبناء شريحتهم . وقد استجابوا لتلك المحرمات لا لسبب آخر سوى الحرص على وحدة الحركة الوطنية الكردية.

أما وقد تغيرت الأوضاع وتغير ترتيب أولويات الأهداف، وتخلصت البلاد من شرور الاستبداد واصبح العالم قرية صغيرة وارتفعت عاليا في سماوات جميع البلدان رايات الديمقراطية وحقوق الإنسان فقد اختفت تلك الخطوط الحمر وتحولت إلى خطوط خضر ترحب بكل جهد يرمي إلى تنمية الموارد البشرية ماديا وثقافيا بظل التكافل والتضامن داخل الشعب الواحد ودولته الديمقراطية وسلطته الحاكمة بحسن الأداء والنزاهة من خلال صناديق الاقتراع .

نعم تغيرت الأوضاع وبات عل النخب الكردية الفيلية أن تقود أبناء شريحتها نحو مستقبل مشرق وغد سعيد بكل تفان وإخلاص وبنكران ذات. وهذا الهدف السامي هو الذي يتطلع إليه أطفال الكرد الفيليين اليوم حتى يقفوا إلى جوار أقرانهم من أطفال العراق مرفوعي الرأس بالرفاه والحرية والتقدم .

قيل الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك . فهلا بادرت النخب من الكرد الفيليين في الداخل والخارج نحو بناء كيان متين قائم على أسس سليمة تحمل بعد أقل من عام ممثليهم إلى الجمعية الوطنية العراقية المقبلة. وبذلك يكون للكرد الفيليين صوتا مسموعا وفاعلا في المجتمع العراقي .

: مقال لتبادل الآراء ولفتح حوار مثمر بين النخب الفيلية بمنتهى الشفافية والحرص على مستقبل شريحتنا وحبنا للوطن العراق.
zuhair@libero.it