السبيل المضمون لكسب أصوات الكرد الفيليين في بغداد

 د . زهير عبد الملك

[24-02-2005]

كشفت نتائج الاقتراع في بغداد على القوائم الانتخابية المتنافسة عن حصول قائمة التحالف الكردستاني على نسبة ضئيلة بحدود ما يتراوح بين 1-2 في المائة من مجموع الأصوات، وهو ما يعتبر بمقاييس عديدة أمر طبيعي في مدينة عربية يصل عدد سكانها إلى حوالي 6 ملايين، بيد أن هذه النسبة تعتبر انتكاسة في ذات الوقت للحركة الوطنية الكردستانية إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن عدد سكان العاصمة العراقية من الكرد يصل إلى ما يقدر بنحو مليون نسمة معظمهم من الكرد الفيليين، وأن مجموع الأصوات التي حصدتها قائمة التحالف الكردستاني من المقترعين الكرد في بغداد لم يزد عن نسبة 10 في المائة فقط .

وفي أعقاب ظهور معالم هذه الانتكاسة بعد فرز أصوات المقترعين، بادرت الأحزاب الكردستانية إلى العناية بالكرد الفيليين من سكان محافظة بغداد ولربما المحافظات الجنوبية الأخرى في محاولات تستهدف تعبئة أصواتهم لصالحها في الدورة القادمة لانتخابات البرلمان العراقي في نهاية العام الجاري .

على الرغم من أهمية بيان أسباب الانتكاسة المشار إليها أعلاه في معرفة السبيل المضمون لكسب أصوات الكرد الفيليين في بغداد وفي المحافظات الجنوبية ، إلا أن هذا المقال سوف لن يتطرق إليها بل يركز على مناقشة مبادرة الأحزاب الكردستانية، ويحاول استشراف مدى فعاليتها في كسب أصوات الفيليين،ومن ثم تقييمها في ضوء معالجة جديدة ترتقي بطرح المسألة الفيلية في العراق من مجرد مجموعات سكانية متناثرة في العراق ترتبط ارتباطا قوميا وثيقا بالحركة الوطنية الكردستانية إلى الانفتاح على تطور المجتمعات الفيلية،التي أفرزت خلال الفترة من 1945-2005 نخبة واسعة من المثقفين والمتخصصين في مختلف المجالات العلمية والأدبية في الداخل والخارج. وهذه النخبة هي التي تتلمس اليوم ضرورات تنمية المجتمعات الفيلية في إطار خصوصية المسألة الفيلية الناشئة عن وجودها التاريخي خارج إقليم كردستان العراق.

يتوزع الناخبون الفيليون شأن غيرهم من الناخبين العراقيين جميعا على التصويت لصالح الجهات السياسية التي يتلمسون في سياساتها وبرامجها الانتخابية حرصها في الاستجابة الفعلية لمصالحها الخاصة بها والتي تتوسم فيها الإرادة والقدرة على تلك الاستجابة . وهم يدركون أن الدعايات الانتخابية شيء والوفاء بالوعود شيء آخر. كما أنهم يدركون شيئا آخر لا يقل أهمية عن ذلك ألا وهو أن الإرادة في الاستجابة إنما تتوقف على أولوية القضايا المطروحة على الجهة السياسية المعنية على مستوى البلاد ككل. ومن هنا يدرك الفيليون أن قضاياهم إنما تحتل مؤخرة قائمة الأولويات لدى جميع الأطراف السياسية في الحركة الوطنية والكردستانية العراقية، لا إهمالا وإنما بسبب ترتيب الأولويات في عراق دمره الاستبداد السياسي والعنصري زمنا طويلا .

ليس من المجدي في شيء الالتفات إلى الكرد الفيليين للعناية بهم أو توزيع المكافئات عليهم أو إيجاد حلول لمشكلاتهم كأفراد، فهذا أسلوب تبت فشله في حالات عديدة ومع مجموعات سكانية أخرى، وسلوك ينم عن قصور في النظر في إدراك جوهر الأسباب التي تحرك الرأي العام نحو صناديق الاقتراع لانتخاب ممثلين عنهم يتمتعون بالمصداقية السياسية للاستجابة الفعلية لمصالح شريحة الكرد الفيليين.

إن المعالجة العلمية تستلزم التمعن بشؤون الكرد الفيليين ومشكلاتهم المتراكمة منذ نشأت الدولة العراقية في عشرينات القرن الماضي وتطوراتها المأساوية في عقدي السبعينات والثمانينات وما بعدها ، ومراعاة دور النخب الكردية الفيلية الناشئة التي ترى في اضطلاعها بمهام تمثيل الكرد الفيليين والعمل على بناء مجتمعاتهم وتطويرها اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وتعبئة قوى الفيليين الانتخابية في إطار تنظيم بمستوى الحزب السياسي يشارك في العملية الديمقراطية في العراق الجديد داخل البرلمان العراقي بما يرفع قضايا الفيليين من مؤخرة قائمة الأولويات إلى مقدمة أولوياته ومهامه البرلمانية الحل المجدي لكي يندمج الكرد الفيليون في العملية السياسية إلى جانب الحركة الوطنية والكردستانية العراقية متمسكة بأهدافها الساعية إلى بناء عراق ديمقراطي تعددي فيدرالي.

وتدرك النخب الفيلية أن اضطلاعها بهذه المهام يأتي استكمالا للجهود التي ما انفكت تبذلها الأحزاب الكردستانية والأحزاب العراقية التي قارعت النظام الديكتاتوري المقبور دفاعا عن الكرد الفيليين إنما يستجيب لحاجات فعلية فرضها نمو المجتمعات الفيلية في العراق، وقد أن الأوان لأن تبادر إلى تولي زمام أمور شريحتها الكردية في إطار الحركة التحررية الكردستانية خصوصا والعراقية ذات التوجه الديمقراطي المؤمنة بحقوق الإنسان والمواطن العراقي في الحرية والأمان والتنمية، من خلال التحالف والتآزر معها وتوحيد خطابها السياسي وإياها.
______________
كتبت على عجالة هذا المقال
ما رايك ؟ أفكر بنشره كذلك في الصحف البغدادية.