التدخل الخارجي في العراق بين التحليل و الواقع - د. زهير عبد الملك

[26-10-2005]

- التدخل الإيراني في الشؤون العراقية واقع لا ينكره أحد . و‘ن يحلو للبعض القول بعدم المبالغة به .  الحكومتان العراقية والإيرانية تؤكدان كلاهما على التفاهم وحسن الجوار فما الذي يحدث على وجه التحديد؟

إيران تتدخل وحكومتها تنفي والحكومة العراقية تعاني تؤكد حرصها على العلاقات الودية بين الطرفين.
والشيء بالشيء يعرف : سورية قلب العروبة النابض بدورها تتدخل بوحشية القتل والتفجيرات والسيارات المفخخة وتنفي علاقتها بالقاتل والمقتول ، لكن الحكومة العراقية تخطت منذ فترة حاجز الصمت وبدأت بإدانة السوريين علنا . للتدخل السوري والإيراني هدف واحد بيد أن تكتيك التنفيذ مختلف إلى حد كبير. التدخل الإيراني أرحم من قسوة السوريين وبشاعة جرائمهم .

ومع ذلك هدفيهما واحد :
صحيح أن إيران شعرت بارتياح تام جراء تحرير العراق . ومن الصحيح أيضا أن سورية حزنت جراء سقوط صدام في العراق وانكشاف جرائم البعث العربي الاشتراكي ومقابره الجماعية . ولكن ليس كل ما يفرح جيد ، وليس كل ما يحزن سيئ . هذا هو الحال بالنسبة إلى إيران ، وذاك هو الحال بالنسبة إلى سورية.

قرأت الدبلوماسية الإيرانية والسورية الخطة الأمريكية للشرق الأوسط بنفس الطريقة ، وتوصلتا إلى نفس الاستنتاج : مصلحة إيران ومصلحة سورية تقضيان بعدم إتاحة الفرصة للأمريكيين لإنها مهماتهم في العراق وعدم السماح للعراقيين إقامة نظام ديمقراطي تعددي فيدرالي بأي ثمن مهما كان .

هنا تفتقت عبقريات المخابرات الإيرانية والسورية:
* الحدود العراقية مفتوحة مثلما كانت وما زالت فهي عصية على الإغلاق أراد الأمريكيون والعراقيون أم لا.

*ما علينا سوى إلهاء الأمريكيين بمحاربة ما يسمونه الإرهاب خارج الولايات المتحدة أي في العراق أولا . ومن ثم عرقلة بناء الدولة العراقية الديمقراطية الفيدرالية على العراقيين ثانيا . وبذلك يبقى الأمريكيون مشغولين بالوضع في العراق . أما نحن فسننجوا بجلدينا ونستمر إلى ما شاء الله في بانتظار أن تغير أمريكا سياستها الخارجية : لربما بمجيء رئيس جديد إلى البيت الأبيض ، فهؤلاء مغفلون يغيرون رئيسهم من حين إلى آخر.

أمريكا جادة وحازمة في تنفيذ مخططها للشرق الأوسط. وقرارها مؤسساتي نابع من طبيعة نمو نظامها العالمي بعد أن انفردت بالعالم. فالديمقراطية أضحت شرطا لنمو الأسواق بظل العولمة . الحكومة العراقية تدرك بوضوح حقيقة ما يجري في المنطقة . والأمريكيون يدركون ما يحدث على الحدود الشرقية والغربية للعراق أحداث هذه الأيام تكرار لما حدث منذ سنوات قليلات وسقط الصنم .

فهل جاء الدور على صنم الشام ؟
وهل درست إيران استراتيجيتها في حالة وقوفها وحيدة في الميدان ؟

وهل ستظهر قوة ذات رؤية واضحة وضمير حر لتخليص السوريين والإيرانيين من عواقب سياسات البعث المدمرة وسياسات الإسلام السياسي المتشدد على خلاف روح العصر ومنطق التاريخ .

وهل ستحسم الحكومة العراقية الحالية موقفها لصالح الديمقراطية السياسية ذات الشفافية وتسخير قوى الشعب العراقي من أجل البناء والتقدم بدلا من النواح والبكاء على الأطلال .

zuhair@libero.it