هل الفيليون كورد أم من قومية أخرى ؟

 بقلم د. زهير عبد الملك

 في ديسمبر / كانون الأول 2005  سافرت إلى استوكهلم لكي أدلي بصوتي لأول مرة في حياتي في انتخابات البرلمان العراقي بحرية تامة، وصوت باعتباري كرديا من سكنة بغداد إلى الجهة التي كنت أعتقد فيها ممثلة عني وعن تطلعاتي في قيادة شعبي العراقي نحو شاطئ الأمان والإخاء والحياة الديمقراطية الحرة التي تضمن حقوق الإنسان أيا كان.

وفي هذه الأيام أقرأ ما يفيد بوجود ضرورة تحتمها التقسيمات الإدارية والفيدرالية الحالية للعراق ، ولأن إقليم كوردستان بحدوده الإدارية الحالية لا يشمل جميع أبناء الشعب الكوردي في العراق ، وحيث أن الكورد الفيليين يقطنون خارج حدود إقليم كوردستان، فقد طالبت  أكثر من جهة كوردية من مثقفي الفيليين مجلس النواب العراقي بأن تشمل المادة المحذوفة رقم 50 هذا المكون الهام من مكونات الشعب العراقي ،أي الكورد  الفيليين، إضافة إلى القوميات الأخرى من كلدان وسريان واشور وايزديين وشبك وصابئة.

 ترى ما الذي تغير في ذهن أولئك المثقفين من الكرد الفيليين .

 التقيت مرة في أواخر التسعينات بشاب كردي متحمس من الفيليين في دار للنشر بمدينة استوكهلم ، وسمعت منه ما معناه أن الفيليين ليسو كردا ولا عربا ولا فرسا بل هم قومية قائمة بذاتها ولها حقوق مغتصبة ، وقد هجرهم صدام وزبانيته بالقوة من بلادهم العراق.

لقد أدركت من مرارة الحديث الذي كنت أسمعة من هذا الشاب حجم المأساة التي تعرض لها الفيليون في العراق خلال عمليات التسفير،  وهول الصدمة التي واجهوها في إيران ، وذاقوا لأول مرة بالملموس دناءة الطغاة الحاكمين في العراق وإيران على حد سواء : أنتم إيرانيون أطردوهم إلى بلادهم / أنتم عراقيون أرجعوا إلى بلادكم. 

 وعلى هذا الأساس فهمت منه أن الحماس والرغبة في الانعتاق وتحرير كل الفيليين في الملاجئ وجلبهم إلى السويد إنما يطغي على مشاعره الإنسانية العارمة، بحيث لم يعد يرى سوى أبناء جلدته بلا كرد ولا عرب ولا فرس ولا سائر المخلوقات المبتلية بظلم الظالمين.

 ولدت أمثال هذه الأفكار التي تعبر عن الجزع والتراجع في ظروف كانت فيها الحركة الوطنية العراقية المعارضة للحكم الديكتاتوري في العراق في انحسار وعزلة إلا من أصدقاءها المخلصين وأنصارها ، فما بالها اليوم تلد هنا وهناك في أوساط المثقفين من الكرد الفيليين وقد تحررت البلاد من جبروت صدام وظلمة الأسود. 

 بودي أن أهمس في أذن هؤلاء المتنورين وكلهم أصحابي وأعزتي إلا تيأسوا ولا تستعجلوا ولا تنعزلوا بأنفسكم عن أمتكم الكردية وشعبك العراقي النبيل وتمسكوا بحقوقكم وبضمانات تلك الحقوق وعلى رأسها النظام السياسي والاقتصادي الديمقراطي والفيدرالي في عراق بعيد عن الدكتاتورية والحروب  الداخلية والخارجية ويحترم حقوق الإنسان والقوميات التي يزهر بها المجتمع العراقي. وغدا لناظره قريب.

 

Back