هل يصنع العراقيون الطغاة حقا ؟

بقلم : د. زهير عبد الملك

 حكم الأجانب العراقيين على امتداد العصور والقرون الماضية .  ومعظم أولئك الحكام من الطغاة والقساة وغلاظ القلوب، وممن سرقوا ثروات العراق وجهود مواطنيه، وأخرهم أبناء الأسرة الهاشمية السعودية الذين نصيهم المستعمرون البريطانيون على حكم البلاد اعتبارا من عام 1920.

وكابد العراقيون من ظلم هؤلاء الطغاة الغرباء ومن عذاباتهم وإرهابهم سنوات وعقود بل وقرون متوالية، حتى كادت حياة العراقيين تصطبغ بالكآبة جراء الفقر الذي رافق حياتهم أبا عن جد والمرض الذي عبث بحياتهم ومماتهم جيلا بعد جيل والجهل الذي نخر في عقولهم فحشاها بالأساطير والأوهام والخرافات حتى باتت ترتسم على وجوههم إمارات الكآبة الغضب والجزع وإن كانوا سعداء مسرورين.

لقد سرق الحكام الأجانب والغرباء أموال العراقيين وثرواتهم كما سرقوا حياتهم الروحية ورفائهم على مر العصور والأزمان.

ولم يبدأ العراقيون بإنتاج حكامهم من بينهم إلا في 1958 ، لكن أولهم سرعان ما تحول إلى ديكتاتور وثانيهم أهوج منذ البداية ثم تحول إلى ديكتاتور وثالثهم لم تتح له الفرصة الكافية لأن يتحول إلى ديكتاتور أما الرابع فقد حزم أمره منذ البداية على معاداة الديمقراطية والحرية وحقوق العراقيين وأرسى الخامس حكمه على نظام فاشي دكتاتوري دموي ومن ثم سلمه لقمة سائغة إلى المستعمرين الأجانب مرة أخرى.

وفي 2003 ، أعاد العراقيون الكرة وعادوا إلى حكم بلادهم بأنفسهم، بعد أن تعاهدوا على إنشاء دولة ديمقراطية برلمانية تعددية فدرالية، ووضع دستور دائم للبلاد يفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ويلتزم بمبدأ سيادة القانون ويصون حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة ويحترم مؤسسات المجتمع المدني ، ويحل الخلافات عن طريق الحوار الأخوي البناء ونبذ العنف في العمل السياسي.

وما زلنا ننتظر المخاض المنتظر للدولة الجديدة . إنها عملية لم تنجز بعد لكنها عملية خطيرة بكل المعايير وأخطر ما فيها أن يعيد التاريخ نفسة ويعيد العراقيون إنتاج الطغاة ؟
ولكن لأي من المستعمرين سيسلم البلاد هذه المرة؟

libero.it@ zuhair

 

Back