في خصوصية الكرد الفيليين

بقلم : د. زهير عبد الملك

يشار من حين إلى آخر أن للكرد الفيليين خصوصية تميزهم عن بقية الشرائح الثقافية والعرقية التي يتكون منها الشعب العراقي.
وقد وجدت بعد عودة هذا المصطلح إلى الظهور بعد انقطاع طويل أن الكشف عن مضمونه بات أمرا مهما.
فهل للكورد الفيليين خصوصية ما فعلا؟؟


لعل أول ظهور لهذا المصطلح في صحافة الكرد الفيليين أنفسهم كان في أواخر عام 2002، أيام بدء العد العكسي لسقوط نظام البعث في العراق. ففي هذه الفترة سارع عدد من شباب الكورد الفيليين وأغلبهم ممن هجروا أطفالا من العراق وكبروا وتكونوا في إيران وفي أوروبا إلى محاولة إيجاد موطئ قدم لهم في الساحة العراقية التي شهدت نشاطات سياسية محمومة على مختلف الاتجاهات ولمختلف الأغراض والأهداف تمهيدا لاستقبال التغير الذي سيطرأ على الوضع في البلاد.


وحيث لم يكن أي من هؤلاء على علاقة سياسية واضحة المعالم من أي من الأحزاب السياسية الكردية فسرعان ما وجدوا أمامهم سؤالا كبيرا يتعلق بهويتهم القومية والوطنية في وطن تعلق في ذاكرتهم حلما جميلا ليس إلا. لكن هؤلاء لشبان كانوا يدركون بوضوح شديد أمرين أسايين هما : انهم كورد، وهم أبناء شريحة من سكان العراق الأصليين الذين استوطنوا الجزء الجنوبي من بلاد ما بين النهرين منذ أقدم العصور. لكنهم كورد لكنهم يعيشون خارج حدود كوردستان حيث يندمجون اندماجا تاما في النسيج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والروحي في قرى وقصبات وسط وجنوب البلاد والأقلية في المدن الكبيرة ولاسيما في بغداد.ومن هنا تصور هؤلاء لأنفسهم خصوصية قومية ومذهبية فريدة في بابها.


بيد أن واقع الحال يشيرإلى أن هذه الخصوصية مفتعلة لا تستند إلى أساس. إذ هي مجرد استقراء لواقع الحال وترجمة حرفية له للمنطق. والحال يقول أن للعراقيين جميعا عربا وكوردا ومن أقليات أخرى خصوصيتهم بين شعوب الأرض كافة. ذلك أن العراقيين مظلومون منذ فجر التاريخ إلى يومنا الحاضر. بل أن هذا المجتمع الذي شهد ولادة الحضارة الإنسانية في ربوعه إنما خضع باستمرار باستثناء العقود الأخيرة من تاريخه الحديث إلى تسلط الفئات الحاكمة الأجنبية على مصائره وثرواته ، وحينما أسعفته الأقدار لكي يتولى أبناؤه حكم البلاد ابتلى بسيطرة عملاء الأجانب على مقدراته أولا ثم شهد سيطرة الدكتاتوريين من المعتوهين على شؤونه وحينما أتيحت له فرصة لكي ينجو بمستقبله من العتاة وقع في قبضة أبنائه من أخطر اللصوص من مرتدي العمائم السود والخضر والبيضاء .
 

libero.it@ zuhair

Back