فيليات : والمحكمة قائمة على قدم وساق.. الشاهد إبراهيم بازكير:تهجير الفيليين كان ضربة للكورد والعرب ..


أجرى الحوار / مجلة فيلي
25 / 4 / 2009
تعد قضية تهجير وتغييب الكورد الفيليين من كبريات الجرائم التي اقترفتها السلطة البعثية الشوفينية ضد شرائح المجتمع العراقي ، وهي مقدمة فعلية لكافة الجرائم التي تلتها في عمليات ابادة البارزانيين والانفال وقصف مدينة حلبجة بالاسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا ، وبعد السقوط المخزي للطغمة البعثية تشكلت محكمة الجنائية العراقية العليا للنظر في هذه القضايا لانزال القصاص العادل بمن تثبت الوقائع والشهادات ادانتهم .

وقد كشفت الشهادات الحية التي ادلى بها بعض الشهود في قضية تهجير وتغييب الكورد الفيليين عن عمق الجريمة التي اقترفتها وعمق المأساة الانسانية التي تعرضت لها العوائل الامنة التي شردت من ديارها وتم الاستيلاء على املاكها وعقاراتها وتغييب فلذات اكبادها من الشباب الذين كانوا في عمر الزهور فضلا عن المعاناة المستمرة في حياة المنافي والغربة بعيدا عن الوطن الحبيب...

ارتأينا اللقاء باحد الشهود الذين عاشوا تلك المأساة بكل تفاصيلها وادلى بجزء منها امام المحكمة لتوضيح بعض الامور المتعلقة بسير هذه المحكمة ، سألناه في البداية عن بطاقته الشخصية فأجاب قائلا: اسمي إبراهيم مير عباس امان الله بازكير، خريج كلية الادارة والاقتصاد / الجامعة المستنصرية ، ناشط اجتماعي.

س/ يبدو انكم من الكورد الفيليين المهجرين قسرا وعنوة ضمن عمليات التهجير والتسفير التي قام بها النظام السابق عام 1980 ؟
: - نعم ، ان هذا الظلم والحيف قد وقع على الكورد الفيليين في مثل هذا الشهر (نيسان) عام 1980 وبدأ ازلام النظام المباد بهذه الحملات العنصرية والهجمات الشرسة ضد العوائل المسالمة من الكورد الفيليين ، الذين كانوا يسكنون ديارهم بكل امان . وكانوا يخدمون هذا الوطن بكل صدق واخلاص ، فأغارت عليهم قطعان النظام وسلبتهم حقوقهم وصادرت اموالهم وجمعت النساء والشيوخ والاطفال وأخذت الشباب وابعدتهم عن اهليهم وهجروا الاطفال والنساء والحوامل والشيوخ وسيروهم في متاهات الصحراء والجبال الى الحدود وسيروهم على حقول الالغام التي كانت تنفجر من تحت اقدامهم فاستشهد العديد منهم نتيجة لذلك ، وكنت انا وعائلتي اصابها ما اصاب جميع الكورد الفيليين من المآسي والويلات.

س/ بعد 29 عاما على هذه الجريمة البشعة التي ارتكبها النظام البعثي المباد بحق الكورد الفيليين الذين يشكلون جزءا لا يتجزا من الشعب الكوردي واحدى الشرائح المهمة من المجتمع البغدادي ، ما هو شعوركم كونكم كنتم ضحية والان تقفون امام المتهمين وهم في قفص الاتهام في محكمة جنائية عراقية وترون بام اعينكم المتهمين وهم قابعون في تلك الاقفاص؟

: - بصراحة كان الشعور مزيجا من الحزن والفرحة ، من الحزن لاني رايت بام عيني هؤلاء الناس الهمج الرعاع الوحوش وكيف كانوا يحكمون هذا البلد ويقتلون شبابنا واخوتنا واهلونا ويغتصبون اخواتنا و(يفرهدون) بلا حدود اموالنا واملاكنا، وغمرتني الفرحة وانتابني شعور باني اليوم استرددت حق اخوتي من الكورد الفيليين.

س/ كما هو معروف فان شريحة الكورد الفيليين فيها العديد من الكفاءات من الاطباء والمهندسين واساتذة الجامعة وكفاءات اخرى هجرها النظام البعثي المباد بتهمة التبعية الايرانية الى خارج الحدود ، ومعلوم ايضا ان الكثيرين من المهجرين التجأوا الى الدول الاوربية ،كيف كان الاستقبال وماهو التباين بين اخراجكم قسرا من العراق واستقبالكم من الدول الاوربية، وما هو وجه التباين بين هذين الموقفين؟

:- ساقول لك شيئا قد ذكرته في المحكمة، كان افراد عائلتي كلهم من خريجي الجامعات وانا واحد منهم، وكان لي اخ خريج كلية الطب جامعة البصرة عام 1982 وتقدم للتعيين فرفضوا تعيينه ، وقد زودت المحكمة بكتب رسمية صادرة عن مديرية الامن العامة تقول بصريح العبارة: بعد الاستفسار عن السيد الدكتور جميل مير عباس امان الله ، اثبت انه حسن السيرة والسلوك ولا ينتمي الى اي حزب . وكتاب اخر ورد فيه : لم تحصل الموافقة على تعيينه كونه من التبعية الايرانية ، ان البلد يصرف ملايين الدنانير على طلبة العلم وكما تعلمون ان مهنة الطب مهنة وخدمة انسانية لاتفرق بين الناس والطبيب لا يفرق بين الكوردي والعربي والمسيحي والصابئي واليهودي ويحاول ان يتعامل مع المريض كإنسان، غادر اخي العراق متوجها الى ايران وثم غادر الى ستوكهولم في السويد حيث استقبلته الدولة السويدية مشكورة على وقوفها الى جانب المظلومين وقالوا له نحن نصرف ملايين الدولارات لتخريج طبيب واحد وانت طبيب جاهز وعينوه مديرا لاحد الاقسام في احد مستشفياتهم ، لماذا صرف عليه بلده ملايين الدنانير وهو من الاوائل وفي اختصاص نادر وهو امراض الجملة العصبية ولم يتم تعيينه في بلده، لقد كانت غاية هذا النظام بل هذه العصابة ضرب عصفورين بحجر واحد كما يقول المثل السائر، اولا ضرب الكوردي الفيلي لانه كوردي فيلي وهو تمييز عنصري وثانيا ليبقى هذا الشعب متخلفا، فالضربة اساسا كانت للكورد والعرب على حد سواء، هكذا كان هذا النظام الجائر.


س/ استاذ إبراهيم شاهدناك في المحكمة وانت تقدم طابعا بريديا للمحكمة كدليل ماقصة هذا الطابع وماذا كتب عليه؟
:- كنت احتفظ بهذا الطابع لفترة طويلة لانه كان دليلا على بدايات التمييز العنصري والتطهير العرقي للكورد الفيليين ، وهو طابع يبلغ ثمنه 250 فلسا عليه صورة الطاغية وهو رئيس للجمهورية من المفروض انه الاب الروحي للعراقيين ككل وهو يقسم امام كامرات التصوير والاذاعات و التلفزيونات قائلا : والله والله والله ان الدماء التي سالت في المستنصرية لن تذهب سدى..
س/ استاذ ابراهيم كونكم احد ضحايا جرائم النظام المباد وهي جريمة العصر جريمة تهجير وتغييب الكورد الفيليين وتابعتم مجريات جلسات المحكمة ، برأيكم ماذا تتوقعون من المحكمة ان تصدر من الاحكام بحق المتهمين في هذه القضية؟
:- نظرا لهول هذه الجريمة انا اقول لو كان هناك حكم اقسى من حكم الاعدام كان جديرا بالمحكمة ان تصدره بحق هؤلاء المجرمين لان الاعدام قليل بحقهم.

س/ سبق للمحكمة ان اصدرت احكاما باعدام بعض المتهمين بهذه القضية بناء على ادانتهم على خلفية جرائم اخرى كعلي حسن المجيد وسلطان هاشم ولكن لم يصدر امر رئاسي بتنفيذ الاحكام ، ماهو السبب برأيكم ،ماذا تطالبون الحكومة وعلى رأسها مجلس الرئاسة في هذا المجال؟:- كضحية اتمنى ان يتم تنفيذ الاحكام اليوم قبل الغد بحق هذه الجراثيم وهذه الغدد السرطانية، لان بقاءها داخل الجسد العراقي دون استئصال سوف تنتشر داخل هذا الجسد.

س/ هناك خشية من تكرار ما حصل مع احد الطيارين الذين شاركوا في قصف مدينة حلبجة الشهيدة  بالاسلحة الكيمياوية الذي فرمن سجون الامن في مدينة السليمانية وهو يعيش حرا طليقا في احدى الدول الاوربية..انتم ماذا تقولون؟.
:- المسؤولون الحقيقيون في الوقت الحاضر في الحكومة المركزية وحكومة اقليم كوردستان مدعوون للتعجيل في تنفيذ الاحكام في المدانين للحيلولة دون تكرار هذا الامر.

س/ حضرتم في المحكمة كشاهد ، كيف تقيمون اداء المحكمة بالنسبة لمافي قضية تهجير وتغييب الكورد الفيليين؟
:- لقد كان مستوى اداء المحكمة فوق الجيد من جميع النواحي ، من طرف المشتكين ومن طرف المتهمين ، لا يوجد تمييز ولا عنصرية والجميع يتمتع بحقه ، والمحكمة محكمة قانونية جدا، وهي تحاول احقاق الحق.

س/ هل لديكم ماتضيفونه فيما يخص المحكمة وأداءها؟
:- اعتقد ان المحكمة قائمة على قدم وساق وهي تقوم بواجباتها وتحاول تحقيق العدالة وارجاع الحقوق الضائعة للكورد الفيليين وتبذل الجهود في هذا السبيل.

 

Back