الاكراد الفيليون، حتى الاحصاء السكاني لا يحصيهم! ... حسين القطبي

 

Thursday, 29. July 2004

 

 

لا اعرف اذا كان القدر يسخر من الناس بمثل هذه القساوه، ام ان البشر تتلذذ بكل هذا الظلم.
في الوقت الذي صار حتى للحيوانات التي تعيش في مجتمعات منصفه بطاقات هويه، فأن هنالك الان مئات الالاف من البشر الذين يعيشون في مجتمعات بدوية لا يحيزون اعتراف ولو بانهم احياء. يستكثرون عليهم تدوين اسمائهم في السجلات وكان هذا يحتاج ايضا الى كفاح واعمال نضاليه بطوليه.
سقط نظام البعث الذي وصف بانه الشوفيني واستهل الفيليون البشرى وكانهم قد ضمنوا اعادة الجنسيه، ودورهم المصادره، اموالهم التي استحوذ عليها البعثيون دون وجه حق، وسينكشف مصير اكثر من عشره الاف شاب احتجز في العام 1980، بل هنالك منهم من تصور بانه قد تحقق حلم المساواة في بلد جديد لن يكون فيه مكان لتمييز قومي واضطهاد قبلي.
ومر عام وانقضى، وهذا الثاني يركض اسرع من الزيلات العسكريه التي نقلتهم الى الحدود فيما مضى, وليس من بارقة امل، لااحد يريد ان يعيد لهم ممتلكاتهم وكان الحرام مازال طعمه حلوا، ولا احد يؤيد عودتهم الى البلاد وكان صدام مازال في السلطه، او ان السبب لم يكن صدام، بل حب الحرام وشهوة الاستحواذ. حتى الحكومة الجديده التي تشكلت بجلها من المتضررين السابقين من النظام فانها تدعو وصراحة بضرورة عدم عودة المهجرين من الاكراد الفيليين بينما تستقبل مئات العوائل من المهاجرين العرب قي الجنوب، وهو عمل انساني تشكر عليه على اي حال، ولو ان مقتضيات العمل الانساني يجب ان تشمل الجميع، والا فهو غير انساني.
الدعوة الى الانتخابات صدرت من ايات الله العظام، تجاهلت تماما كل هذه الاعداد خارج الوطن ودون ان تدعوا ولو من باب ذكر الشيئ بالشيئ الى اعادة المهجرين، وتناست ان غبن حقوقهم الانتخابيه على الاقل هو تجاوز على حقوق الاخرين وهو اثم ايضا. الاحزاب القديمه و المعروفه بتاريخها، والتي ومن مفارقات القدر ان يشكل الاكراد الفيليون نسبه كبيره من منتسبيها، خصوصا تلك التي كانت شبه حاكمه في ايران، هل هي شوفينية ايضا؟
تحاشى السيد عبد العزيز الحكيم ذكر الاكراد الفيليه حين سؤل عن المهجرين في زيارته الاخيره الي ايران مدعيا ان المهجرين هم عوائل عربيه و فارسيه!
الاحزاب الكرديه نسيت ان تدعوا ولو شكليا الحكومه العراقية الجديده الى الاعتراف بالهويه لهؤلاء ولو بمنصب رمزي كان يعين احدهم عضوا في مجلس الحكم او وزيرا في الحكومه المباركه لكي يحس الاخرون ان ثمة تغيير قد حصل بعد سقوط البعثيين مثلا.
اما التشكيلات الجديده، والتي نمت كالفطر في العام والنصف الاخير فليس عليها حرج كونها تتحجج بان جذورها الزمنيه ماتزال تمتد في فترة البعث الملوث والحصار الذي يعفيها من الالتزامات الانسانيه.
واليوم فان هنالك استحقاقا اخر على وشك الحدوث، الاحصاء السكاني، اخر ما يمكن ان يظلم. فهو حق الانسان كونه انسانا فحسب، يتحول فيه الفرد الى عدد بغض النضر عن اي اعتبار اخر، اشبه بعد الرؤوس مع الكائنات الاخرى، واذا ما اراد ساسة العهد الجديد ورجال دينه ان يواصلوا غض الطرف فيه عن كتله سكانيه ويسقطوها بالسهو المتعمد من عملية عد البشر، فان ذلك يوضح بان الخلل مازال قائما وان السبب في الظلم الذي كان لم يكن نظام صدام، بل ان قصر النظر الشوفيني حالة متأصله في النخب العراقيه وللاسف.
لم يطالب الاكراد الفيليه اي حزب او جماعه سياسيه او حقوقيه لاقامة حملة مطالبه باعادة هويتهم والاعتبار لمواطنتهم، بل تركوا الامر لانصاف المنصفين في مجتمع يبدو انه لا يصغي اليوم الى صوت منصف.
الاحصاء وثيقه رسميه، ربما ستعتمد في المستقبل لاثبات النسب السكانيه واماكن تواجدها، وستكون مصداقيتها على المحك في مدى شموليتها وصدقها في عكس واقع التركيبه السكانيه في العراق، وليس هنالك الكثير من الامل يعول على ذلك، اذ حاولت جهات عدة المحافظة على الاجراءات الصداميه الجائره واظهارها كحقيقه في الاحصاء الجديد سواء في قضية المهجرين من الاكراد الفيليه الى ايران، او الى مناطق اخرى في البلاد من خانقين و جلولاء ومندلي وبدره، او في قضية المرحلين من كركوك، او اثار تغيير القوميه في سنجار وغيرها.
الاحصاء الذي لم يظلم من قبل ظلم الفيليين، فما الذي تغير من عهد الفاشيه؟


حسين القطبي
Tohussein@hotmail.com