مؤتمر المقابر الجماعية الدولي الثالث في أربيل

ومؤتمر الكرد الفيلية المزمع عقده في لندن وحقوق الكرد المهدورة

 

أ. د. كاظم حبيب

 

في الفترة بين 9 - 11 كانون الثاني 2011 سيعقد المؤتمر الدولي الثالث بشأن المقابر الجماعية في العراق في مدينة أربيل. ورغم انعقاد مؤترين قبل ذاك, أحدهما في بريطانيا والثاني في النجف, فأن الحكومة العراقية, كما اشار إلى ذلك نائب رئيس اللجنة التحضيرية السيد طالب الرماحي في اجتماع اللجنة التحضيرة, قد قصرت في واجبها إزاء هذا الفصل الأكثر حزناً وألماً من جرائم الفاشية في العراق.

إننا نأمل أن يجد هذا المؤتمر بما سيبحثه ويقرره أذناً صاغية من جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية والسلطة القضائية في العراق بهدف بلورة القرارات إلى قوانين من جهة وبصدد تنفيذ مضامين تلك القوانين من جهة ثانية وتأمين محاكمات جادة ووفق الأسس التي أحيلت محاكمة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت بحق الكرد الفيلية باعتبارها جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية حقاً. وارى لزاماً على الحكومة العراقية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية الديمقراطية او التي تتبنى الديمقراطية في برامجها والمجتمع العراقي عموماً النهوض المشترك بهذه المهمة من خلال تحويل هذه المأساة الإنسانية إلى تقليد سنوي لفضح الجرائم التي ارتكبتها القوى الفاشية في العراق, قوى حزب البعث الصدامي والحكومة الصدامية واجهزتها القمعية. كما يفترض أن تنشر معلومات كافية عن ضحايا المقابر الجماعية من الكرد والكرد الفيلية والعرب من الوسط والجنوب وكل من كان ضحية لتلك الجرائم من مختلف القوى والأحزاب السياسية العراقية التي قمعت بشتى السبل في العراق. ولا بد من استعادة عائلات تلك الضحايا حقوقهم المشروعة. ويفترض أن ننتبه إلى ان ما عشرات الألوف من الكرد الفيلية هم من بين ضحايا النظام الذين ربما هم تحت الأرض العراقية في المقابر الجماعية. أتمنى لهذا المؤتمر النجاح في تحقيق ما يتطلع إليه أهل الضحاي وكل الشعب العراقي من قرارات تخدم المهمة المركزية لهذا المؤتمر. أرجو أن تنتبه اللجنة التحضيرية إلى اهمية مشاركة مجموعة من ممثلي الجماعات البشرية التي استشهد منها الكثير ودفن في المقابر الجماعية ومنهم الكرد الفيلية الذين تم تجب دعوتهم في مؤتمرات سابقة.  

أما المؤتمر الثاني الذي يفترض أن يعقد في الربع الأول من العام القادم في لندن, فهو المؤتمر الخاص بحقوق الكرد الفيلية وضحايا جرائم الفاشية من الكرد الفيلية. إن أهمية هذا المؤتمر تأتي من ثلاثة جوانب:

1 . أن الحقوق المشروعة والعادلة التي صادرها النظام الدكتاتوري في العراق غير متحققة إلى الآن, بل إن هناك إصراراً من جانب الحكومة وأجهزة الدولة على عدم تلبيتها.

2 . إن أغلب القوى السياسية العراقية أوعدت وحنثت بوعدها في الاستجابة لهذه الحقوق, ومنها القوى الحاكمة في العراق دون استثناء, ومن استجاب لها لا يمتلك السلطة لتحقيقها.

3 . وأذ تعجز القوى الداخلية والحكومات العراقية المتعاقبة عن حلها أو لا تريد حلها بتعبير أدق, فلا بد للرأي العام العالمي والقوى المحبة للعدالة والمدافعة عن حقوق الإنسان أن تتدخل لتساعد هذا الطيف الرائع من بنات وابناء الشعب العراقي, الكرد الفيلية, للوصول إلى حقوقهم المشروعة كمواطنات ومواطنين لا غير, إذ لم يطالبوا بأكثر من ذلك.

فما هي الحقوق المشروعة لهذا الشريحة الكبيرة من بنات وابناء الشعب العراقي؟

لقد كتب الكثير من الأخوات والأخوة الكرد الفيلية أو ممن التزم الدفاع عن قضيتهم العادلة من العرب, من امثال الأستاذ القاضي زهير كاظم عبود أو الدكتور تيسير الآلوسي والدكتور منذر الفضل أو الأستاذ الكاتب جاسم المطير أو الشاعر فالح حسون الدراجي والكاتب الدكتور عزيز الحاج والكثير من أعضاء التجمع العربي لنصرة القضية الكردية, عن القضايا التي يفترض معالجتها لصالح الكرد الفيلية. وسأحاول هنا الإشارة إلى ما يفترض, كما أرى, ان يثار في مؤتمر لندن بشأن الحقوق العادلة لهذه الشريحة الكبيرة من العراقيات والعراقيين الكرد الفيلية:

أولاً: يفترض الإسراع ودون تأخير تنفيذ قرار منح كل الكرد الفينيلية الجنسية العراقية دون تأخير ودون مطالبة بدفع مبالغ (رشوة) لإنجاز هذه القضايا من جانب الأجهزة العاملة في دوائر الجنسية. فهم عراقيون ومن أهل أصل العراق. فقد وصلتني شكاوى كثيرة بهذا الصدد عجز اصحابها عن دفع ما طلب منهم ولم يحصلوا على ما هم يسعون إليه.

ثانياً: يفترض تقديم المساعدة للعائلات الكردية الفيلية التي تعذر عليها إلى الآن العودة إلى العراق وهي تريد العودة فعلاً وموجودة في إيران أو أجبرت على ترك إيران لأسباب كثيرة وتعيش في الشتات العراقي.

ثالثاً: يفترض تغيير تلك الأشخاص العاملون في الأجهزة الإدارية اذين يرفضون أو يعطلون تنفيذ القرارات التي صدرت حول استعادة الكرد الفيلية لأملاكهم وأموالهم وعقاراتهم...الخ وكل الحقوق المهضومة لهم دون عقبات بيروقراطية لا مبرر لها.

رابعا:ً ينبغي تقديم التعويضات اللازمة لتلك العائلات التي فرضت عليها الهجرة القسرية وعانت وفقدت الكثير من أفرادها وأموالها بسبب ذلك التهجير القسري المشين للنظام الدكتاتوري السابق. (لا بد من الإشارة إن حكومة الإقليم تدفع تقاعد لمجموعة من العائلات الكردية الفيلية التي استشهد لها ابناؤها ودفنوا في المقابر الجماعية).

خامساً: لا بد من التحري عن الأشخاص الذي غيبوا خلال سنوات حكم الدكتاتورية الغاشمة, إذ يتراوح عددهم وفق أقل التقديرات بين 15-20 ألف إنسان كردي فيلي.

سادساً: العمل من أجل الكشف عن الذين دفنوا في المقابر الجماعية من الكرد الفيلية إلى جانب التحري عن كل ضحايا المقابر الجماعية من المواطنات والمواطنين العراقيين.

في 10/3/2008 وقع عدد من الشخصيات العراقية المدافعة عن حقوق الشعب الكردي بياناً لخصت فيه بعض أهم القضايا التي يفترض أن تعالج أوردها فيما يلي:

1 . إلغاء القوانين والمراسيم والقرارات والإجراءات التي صدرت عن النظام الاستبدادي السابق والتي أدت إلى مصادرة حق الكُرد الفيلية في المواطنة ومصادرة جنسيتهم العراقية وأموالهم المنقولة وغير المنقولة. (وإذ صدر مثل هذا القرار, فأن تنفيذه يجري ببطء شديد وعبر معوقات من الأجزة المختصة بالجنسية).

2 . إتاحة الفرصة أمام جميع الكُرد الفيلية بالعودة إلى العراق دون عائق.
3
. أستعادتهم لحقهم الكامل في المواطنة العراقية التامة وحصولهم جنسيتهم العراقية المسلوبة منهم وإلغاء التمييز عنهم.

4 . استعادة كامل حقوقهم التي سلبت منهم , سواء أكانت أموالاً منقولة أم غير منقولة وتوفير مستلزمات العيش الكريم لهم بعد عناء وعذاب طويلين.

5 . إعادة جميع من فصل منهم أو طرد من الوظيفة إلى وظيفته وعمله, ومنح من أصبح في عمر التقاعد, حقه في راتب تقاعدي على أن تحسب له سنوات التهجير القسري أو السجن أو الطرد والفصل لأغراض الترفيع والتقاعد.

6 . تعويض العائلات المنكوبة بأبنائها تعويضاً مناسباً واعتبارهم شهداء سقطوا ضحايا الاستبداد والشوفينية.

7 . إصدار قرار من الحكومة العراقية تؤكد فيه حرصها على تسريع حل هذه الإشكاليات دون عمليات بيروقراطية محبطة للجهود المبذولة لحل المشكلات الراهنة.

أن من حق الكرد الفيلية على كل القوى السياسية العراقية, وخاصة التحالف الكردستاني بأحزابه الكردية, أن يمارسوا الضغوط المستمرة على الحكومة العراقية الراهنة والجديدة لتنفيذ ما صدر من قرارات بهذا الصدد والتي لم تنفذ إلى الآن. لا يكفي أن نقول بأن على الكرد الفيلية أن يعملوا من اجل حقوقهم, بل علينا جميعاً التضامن معهم لضمان تنفيذ ما تقرر لهم خلال السنوات المنصرمة السبع المنصرمة. إذ من المؤلم حقاً أن نعيد كل ذلك بعد أكثر من عامين على صدورها وبعد 7 سنوات من سقوط الدكتاتورية وبعد خمس سنوات تقريباً من تشكيل حكومة المالكي التي أوعدت الكرد الفيلية بالكثير وحنثت بوعودها في جانب التنفيذ فعلاً.

أملي أن تتوحد كلمة الكرد الفيلية حول تلك المطالب والنضال من اجل تنفيذها وتعبئة الرأي العام العالمي لصالحها.

1/10/2010                                                  كاظم حبيب

 

Back