الاكراد الفيلية والتركمان الشيعةالمستهدفون طائفيا وقوميا - اسعد راشد


[30-05-2005]

الاكراد الفيلية والتركمان الشيعةالمستهدفون طائفيا وقوميا

ما يجري اليوم في تلعفر شمال العراق من مذابح وقتل على الهوية وتفرج رسمي ودولي يمثل قمة الانحطاط والسنخية الطائفية التي ترعرع عليها العرب "الاقحاح" من سنة العراق او سنة الجوار وجوار الجوار .. هذا الظلم الذي يقع اليوم على اخوتنا التركمان الشيعة كان من قبله قد وقع على اخوتنا الاعزاء الاكراد الفيلية الشيعة الذين ازهق نظام "اللواطين" الذي انجب "امراء" سلفية من امثال ابوتبارك ارواح الالاف منهم وشرد اعداد هائلة منهم الى خارج العراق ‘ هذا الظلم الذي يعاني منه الاكراد الشيعة والتركمان الشيعة هو استمرار لتلك الرؤية الشوفينية والطائفية التي يحملها "عربسنُة" ضد الشيعة ..

الاكراد الفيلية اضطهدوا ويضطهدون ‘ ليومنا ‘ مرتين مرة بسبب قوميتهم ككورد ومرة اخرى بسبب مذهبهم كشيعة ‘ النظام الصدامي المقبور مارس ابشع انواع القمع والبطش بحقهم وفي العهد الجديد لم ينصفوا باالشكل الذي يعيد لهم كرامتهم وحقوقهم ويعطى لهم دورا يناسب حجمهم السكاني الذي يوازي النصف تقريبا من حجم اكراد الشمال وهو امر دفع بهم وببعض رموزهم الشرفاء للقيام بتشيكل اطار خاص بهم يدافع عن حقوقهم ويحقق لهم بعض ما فقدوه في عهد النظام السابق القذر وما يجب ان يعطى لهم في العهد الجديد .. الاكرد الفيليون ظلموا ايما ظلم بسبب شيعيتهم وقوميتهم ونحن معهم في اي خطوة يرتأونها في سبيل اعادة تلك الحقوق ووقف الحيف الذي لحق ويلحق بهم ..

الفيليون عانوا كثيرا الا ان معاناتهم غدت اليوم في اطار "العملية السياسية" تجد شيئا من الانفراج لتبني جهات عديدة وجهة نظرهم سواء في التحالف الكوردستاني او في الائتلاف الشيعي رغم ان الامر مازال في بداية الطريق الا ان التحديات التي يواجها العراقيون عامة والشيعة خاصة تفرض عليهم ان يوسعوا من نطاق تحالفاتهم مع القوى الاساسية القومية والمذهبية وعلى اسس رصينة تكفل لهم ان لا يضيعوا الهوية القومية ولا الانتماء الشيعي الذي يوفر لهم مساحة اوسع في التحرك والمناورة بما يضمن لهم حقوق كاملة ..

هذا الامر ينسحب وبشكل اكبر على التركمان الشيعة الذين اصبحوا يواجهون تحديا كبيرا مع تزايد عمليات الابادة والتطهير الطائفي التي اخذت تنالهم في عقر دارهم وتهدد وجودهم في ظل صمت دولي وسكوت عربي وتفرج حكومي على ما تتعرض له مناطقهم وخاصة "تلعفر" ذات غالبية شيعية تركمانية والتي اكتسها الارهابيون القادمون من وراء الحدود وبتحالف مع جهات سلفية وبعثية سنية ارهابية تسعى تحويل المدينة الى "مدائن ثانية" وهذا ما نلمسه بوضوح من خلال الهجمات الارهابية باالسيارات المفخخة التي تستهدف مساجدهم وبيوتهم ودخول افواج افواج مسلحين ارهابيين من مناطق مجاورة الى تلفعر من اجل التطهير الطائفي ‘ وفيما تحاول وسائل الاعلام العربية وخاصة الفضائيات الممسوخة كقناة "العربية" التي تحولت في الفترة الاخيرة الى بوقا طائفيا ووصفت ما يجري في تلعفر بانها مواجهات "بين مسلحين سنة وجماعات شيعية"!!

وهو خطاب خطير يحمل بداخله تحريضا واضحا لرأي العام السني ضد الشيعة رغم ان ماحدث في تلعفر هو اعتداء وحشي سني سلفي بعثي عبر "رسل الموت" السيارات المفخخة ضد الشيعة اودى بحياة اكثر من 40 انسان مسلم شيعي لم يكن لهم ذنب سوى انهم يحملون "الهوية الشيعية" وهم يشكلون في تلك المدينة الاغلبية المطلقة ..

التركمان يشكل الشيعة 60% من تلك القومية وقد اضطهدوا زمن صدام قوميا وطائفيا واقصوا عن الحياة السياسية كاخوتهم "الكورد الفيلية" واليوم وفي العهد الجديد وبفعل عوامل سياسية وغياب قيادات واعية توحد صفوفهم وتقودهم نحو نيل حقوقهم تحولوا الى "فئة" مهمشة ليس لهم دور واضح في العملية السياسية وقد سعت اطراف عديدة قومية محسوبة على "السنّة" واخرى "دينية" حديثة لا تملك برنامج سياسي بزج التركمان الشيعة في معركة وهمية وتنافر مع اخوتهم الكورد الذين يشكلون اليوم رقما صعبا في تلك المنطقة وهم يلعبون دورا مركزيا في حكومة بغداد المركزية كما انهم يهيمنون بثقلهم السكاني والسياسي على القرار السياسي في الشمال وكركوك ‘ وكان من المفترض ان تقام جبهة موحدة بين التركمان الشيعة والتحالف الكردستاني من اجل مواجهة الهيمنة العربية السنية السلفية التي تسعى من خلال الثغرات القائمة في جدار العلاقات الكوردية التركمانية تضعيف موقف التركماني الشيعي ودق الاسفين بينهم وبين الاكراد من اجل اعادة الهيمنة العربية السنية على تلك المناطق وهو امر فيما لو تحقق سوف يلحق اكبر الضرر باالمشروع الديمقراطي في كركوك والشمال وسوف يعزز من جبهة قوى الظلام والتحالف البعثي السلفي ‘ والحال ان المطلوب هو قيام تحالف كوردي ـ تركماني شيعي من اجل مواجهة الخطر الحقيقي الذي يشكله البعثيون والسلفيون والذين اخذوا اخيرا باعادة ترتيب صفوفهم والتحرك على عدة جبهات منها الجبهة التركية التي زارها اخيرا ذلك العفن المجرم حارث الضاري والتقى خلال تلك الزيارة بعض قادة الاتراك وطلب منهم العون من اجل مواجهة التحالف الشيعي الكوردي المتمثل في الحكومة الجعفرية رغم زيارة الجعفري الاخيرة لتركيا الا ان الخط التركي قد تم تفعيله اخيرا على عدة محاور ولعل اللقاء الذي اجراه السفير التركي مع الارهابي "الضاري" في مقر ما يسمى "ام القرى" يكشف مدى الاطماع التركية في العراق وحلم الاتراك باعادة "امجاد العثمانيين" السنة وطموحهم للسيطرة على الشمال العراقي ..

والواضح من خلال تلك التطورات التي تجري في تلعفر ضد الشيعة التركمان واستمرار عمليات استهداف الرموز الشيعية وكوادرهم في كركوك ان القوى البعثية السلفية تستغل حالة الجفاء والتباعد بين الاكراد من جهة وبين التركمان الشيعة من جهة اخرى من اجل تكثيف حضورهم الارهابي في تلك المناطق ولتكريس الوضع بما يخدم اجندة "التحالف البعث السلفي" مع دخول عنصر جديد اخر على الخط لصالح السنة العرب والسنة التركمان الذين يقفون صفا واحدا مع الاتراك ضد الكورد وضد الشيعة خاصة مع تشكل الحكومة الجديدة التي يقودها الشيعة والاكراد ..

تلك التطورات تتطلب تحركا شيعيا عاما وتركمانيا شيعيا خاصا من اجل ايجاد جبهة موحدة مع الكورد لمواجهة الارهاب العربي السلفي القادم من وراء الحدود وبتحالف مع العناصر المحلية البعثية والسنية التي توفر لهم اللوجستيك والملاذ الامن ..

ان التحالف الكوردي ـ التركماني الشيعي يمكن ان يضيف عنصرا جديدا لمعادلة العملية السياسية خلال كتابة الدستور وخلال التصويت عليه والذي يمكن ان يشكل ذلك التحالف فرصة لنجاح العملية الانتخابية بما يخدم الاهداف التاريخية للشيعة والكورد في الفيدرالية وفي عزل المناطق الارهابية القذرة وجعلها تفشل في عرقلة التصويت على الدستور الذي سوف يخضع لللاستفتاء العام والذي في حال رفض ثلاث محافظات يمكن ان تفشل العملية السياسية وترمي البلاد في دوامة من الارهاب السلفي البعثي .. تلك الثغرة في الدستور والتي يحاول الارهابيون والبعثيون من ازلام هيئة علماء الخطف والوقف الاموي والحزب المنافق الاسلامي استغلالها لخلط الاوراق واعادة البعث وهيمنة الاقلية على العراق يمكن ومن خلال التحالف الكوردي ـ اللتركماني في محافظات الشمال وكركوك تفويت الفرصة عليهم وجعلهم في اقلية مقابل الاكثرية الكردية والشيعية التركمانية وغيرهم يتم من خلال ذلك التحالف افشال تلك المحاولة وسد تلك الثغرة في الدستور ..

اسعد راشد