1.  الكـرد الفيليــة : شعـار فـي عيـون الثقافـة الوطنيـة

     

حسن حاتم المذكور

بـدايـة : فيمـا احاول كتابتـه الآن ’ ارغب الأشارة فيـه الى امرين :

اولهمـا : اني لا اعبـر بالظرورة عـن مواقفي  وقناعاتي التي اكتسبت عراقيـاً  مجمـل  تقاسيمهـا عبـر تجربتـي الشخصيـة ’ والتي ليس بأستطاعتي اطلاقاً المساومـة عليهـا او حتى مجرد التفكير بحرفهـا عن سياقهـا التاريخي انكساراً او محاولـة القفـز عليهـا ’ مـع احترامي الشديد لوجهـات نظـر الأخرين فيهـا ’ بقـدر ما اطـرح هنـا انطباعاتـي التي سجلتهـا اثنـا تواجـدي ضمـن وفـد المثقفين العراقيين للتضامـن مـع الكورد الفيليين حـول بعـض وجهات نظر وطروحات  المسؤولين والجماعات الذين تحدثنـا معهـم  بخصوص مهمتنـا واحيانـاً  حـول الحالـة العراقيـة والعمليـة السياسيـة والتطورات العاصفـة التي ستحدد مصيـر ومستقبل العراق وطنـاً وشعبـاً  .

ثانيهمـا : ان حساسيـة المثقف الوطني  وخشيتـه فـي ان لا يحسب او يجيـر دوره  ومواقفـه علـى هـذا السياسي او ذاك او يفسـر على انـه ينضـح مـن تحت ابـطيهمـا او بـوقاً  يؤدي وظيفـة سلطويـة مدفوعـة الأجـر ’ يجب ان لا يؤثـر عليـه ذلك سلبـاً ليصبـح اخيـراً ضحيـة الأفراط  فـي النرجسيـة والتردد والتخوف مـن الأقتراب الـى الشأن السياسي ’ عليـه وبالظرورة ان يكون مرنـاً ايجابياً فـي تعاطيـه مـع الهـم الوطني سياسيـاً ’ يقابـل ذلك وبالظرورة ايضـاً ان يكون السياسي على قـدر مقبول مـن المستوى الثقافـي الى  الحد الذي يكـون فيـه  مؤهلاً لأحترام  الدور الرئآدي  للمثقف الوطنـي واهميـة الثقافـة الوطنيـة  بشكل عام  ولا يفكـر اطلاقاً  فـي احتواء المثقف او مساومتـه على استقلاليته واضعاف دوره مستغلاً مـركزه في السلطـة ومقدرات الثروة الوطنيـة لأبتزازه او تحجيـم وتشويـه مهنيتـه ومهماتـه الأنسانيـة والوطنيـة ’ فالمثقف الوطني لا يمتلك غيـر وظيفتـه الأجتماعيـة والأنسانيـة التـي كلف بهـا مـن قبـل مواهبـه الشخصيــة .

العـراق ــ وطنـاً وشعبـاً ــ يعيش الآن مواجهـة مصيريـة بين ثقافـة الأمس الكريهـة وثقافـة اليوم مستقبلاً ’ صحيح ان الصنـم السياسـي للنظـام  البعثـي العروبـي  قـد سقط  فـي 09 / نيسان / 2003 ’ الا ان صنمـه الثقافـي لا زال قائمـاً شرسـاً وحشياً يتناسل طائفيـاً وعنصـريـاً ’ لهـذا اصبحت المواجهـة ورغـم قساوتهـا ظـرورية وحتميـة بيـن الثقافتين ’ وعندمـا  يكون السياسـي على قـدر مـن الثقافـة  سيكون بالتأكيـد  منحازاً  بـوعـي الى صف  الثقافـة الوطنية ’ بعكسه سيكون سنداً وركيزة لثقافـة الـردة والتشويـه والفساد وعائقـاً لمجرى التطورات السويـة .

عندما يتجاوزالمثقف نقاط  ضعفـه ومحنته واورامـه الذاتيـة ويحسـم مواقفـه ويتساما تواضعـاً امام المهام الوطنيـة والأنسانيـة يصبـح  شجاعـاً جريئـاً موضوعيـاً فـي اداء رسالتـه واحترام ادواره ومواقفـه وقناعاتـه ومهنيتـه .

وفـد المثقفين العراقيين للتضامـن مـع الكـرد الفيليين والذي قـرر وبطريقـة  فـريدة ان يعطي مثالاً رائـداً للتضامـن الوطني ’ التئـم  نخـوة  وبدون معرفـة سابقـة فـي مدينـة استانبول التركيـة قادمـاً  مـن شتات المهجـر حاملاً علـى اكتاف وجدانـه وضميـره  مظلوميـة اشقاءه  فـي الوطن الكرد الفيليين  ومعاناتهـم الى جانب ثقـل الأعباء الماديـة والصحيـة رسالـة  بأتجـاه العراق مختاراً بـوابـة اقليـم كردستان طريقـاً  بأتجاه مـن يتفهـم  حقـاً الأهميـة الوطنيـة والأنسانيـة للمهمـة التـي فـي عيونـه .

لقـد عبـر وفـد المثقفين العراقيين للتضـامن مـع الكرد الفيليين عـن حقيقتين مـن التاريـخ العراقـي .

اولهمـا : التأكيد القاطـع على ان الكرد الفيليين شريحـة عراقيـة رافدينيـة اصيلـة وان جرحهـا هـو عراقـي ايضـاً ’ وانهـم ليس وحدهـم فـي مواجهـة مصيرهـم ’ فالعـراق معهـم ’ لهـذا كان الوفـد قـد تشكـل عفويـاً مـن مجموعـة عراقية لا يجمع بينهم الا الهوية الأكبـر( الأنتمـاء التاريخي للوطـن ) ’ انهـا مبادرة وطنية انسانية مجردة ’ ورغم تواضعهـا كانت قـد اشارت الى الوجـه المشرق للحقيقـة العراقيـة ووطـن المستقبـل .

ثانيهمــا :  ان تلك المبادرة ـــ  المـوقف ــ الذي عبـر عنـه الجهــد التضامنـي المتحـد لأعضـاء الوفـد مـع اهلهـم في العراق الكورد الفيليين’ اكـد ايضـاً ’ ان الهوية الوطنية التاريخية الحضارية المشتركـة لأهـل العراق ’ ورغم الهزائم والأنتكاسات والخسائر ’لا زالت واقفـة متحـدية وأنهـا المنتصـرة اخيــراً .

تلك الحقيقتين ومدلولات  اخـرى كثيـرة ’ عبـر عنهـا  وفـد المثقفين العراقيين للتضامن مـع الكورد الفيليين مـن حيث التشكيلـة والهـدف والجهـد  والتضحيـة  الأخويـة ’ جعلت  المسؤولين فـي الدولـة  والمجتمـع العراقـي يستقبلونـه بحـرارة ومودة اخـويـة نادرة .

فـي اقليـم كردستان العزيز كان الأستقبال عراقياً حميماً يتدفـق مستقبلاً مشتركاً زاهـراً ’ حيث كانت الكلمـة الودية للشخصيـة المتواضعـة السيــد رئيس حكومـة الأقليـم مسعـود البـرزاني " اشكـر جهدكم وانـا تحت تصرفكـم  " مدلولاتهـا التضامنيـة وابعادهـا التاريخيــة الـى جانب الترحيب الأخـوي للسيـد رئيس مجلس النواب الكردستاني عـدنان المفتـي وجميـع الأخـوة الذين التقيناهـم مـن حكومـة الأقليم قـد عبر بوضوح عـن روح التسامح والمحبـة والألفـة والحرص الشديد على المصير المشترك ومستقبـل الوحـدة الوطنيـة بين مكونات المجتمـع العراقـي .

هناك زيارات ولقاءات هامـة جـداً ’ كزيارة مدينـة حلبجـة ولقاء شهود كانوا قـد عاشوا مرارة المجزرة وفواجعهـا الى جانب اللقـاء مـع رئيس وزراء اقليم كردستان السيد نيجرفان بارزاني  والسيدة هيـرو مصطفـى ــ  الطالباني ــ  ووزير الداخليـة السيد كريم سنجاري ولقـاء مـع عدد مـن الأكاديميين والمثقفي الكورد الفيليين فـي اربيل وكذلك مـع السيد كوسرت رسول والدكتور حسان مفتـي والأستاذ العزيز الأخ مـدحـي المندلاوي سنعود اليهـا بالتأكيد في مقالات لاحقـة .

كانت اللقاءات مـع مسؤولي حكومـة الأقليم والشخصيات الأجتماعيـة الأخرى والدور الذي لعبتـة صوت العراق والعراقيين فضائيـة الفيحـاء ومديرهـا الأخ الدكتور محمـد الطائي التي تميزت جميعهـا بالأهتمامات العاليـة والمودة الصادقـة  قـد فتحت امام الوفـد فـي بغـداد اهتمامات وترحيبات فـي غايـة الأهميــة .

هناك الكثيـر حـول رحلـة الثقافـة الوطنيـة تضامنـاً مـع الكورد الفيليـة سنعود اليهـا فـي مقالات  لاحقـة ... والى اللقــاء فـي بغـداد .

28 / 05 / 2008

smathcor@web.de

Back