فوق سريره
في الطابق العلوي من قصره، وقد أحيط سريره بمظلتين ملونتين تتدلى من
أطرافهما عقود الخرز من كل الألوان والشراريب المذهبة.
ويقول
أفراد عائلته أنهم ما زالوا يحتفظون بكرسيه حول مائدة الطعام، ويحرصون
على وضع جميع أنواع الطعام والشراب أمام الكرسي الفارغ في كل وجبة.. وإذا
ما تناولوا طعاماً خارج القصر لأي سبب يحرصون على إحضار حصة الملك
«المريض جداً».
تقع هذه
المملكة، التابعة عملياً ونظرياً لإندونيسيا ويسكنها أكثر من 650 ألف
نسمة، في أقصى الطرف الجنوبي من البلاد.
واشارت
القبس ان هذه التقاليد ليست حصراً بالملوك والحكام، بل تشمل الجميع..
فالأموات عادة ما ينتظرون شهوراً وسنوات قبل دفنهم بانتظارالوقت المناسب
لوصول كل الأقارب والمعزين، وكذلك الاتفاق على مكان إقامة هؤلاء وأولئك
ومن سيتكفل بإطعامهم وغير ذلك من النفقات. وهي تقاليد تعود لقرون عديدة
مضت تجمع بين العادات القبلية وممارسات الأوائل من المسيحيين
البروتستانت.
وكانت
الحكومة الإندونيسية قد حظرت هذه الطقوس فور حصولها على الاستقلال عن
هولندا في عام 1945، لكن قبائل التوراغان غير المسلمة التي تعيش في جزيرة
«سولاويسي» لا تزال تمارس عاداتها وتقاليدها بكل حرية.
وحسب
التقاليد المتبعة، كانوا يجففون جسد الميت باستخدام أنواع معينة من
الأعشاب الطبية التي يعتقدون أنها إكسير الحياة الأبدية، ومن ثم ملء جسد
الميت بالخل، لكن بعض التغيير قد طرأ في السنوات الأخيرة فصاروا يضعونه
مغطس (بانيو) مليء بسوائل تحنيط يدخل في تركيبها الفورمالدهايد
(الفورمالين)، ومن ثم يتم لف الميت بعشرات، وربما مئات الأمتار من القماش
الأبيض، بحيث لا يترك للهواء مجال للوصول إليه.
ويقول
علماء أصل الإنسان أن قبائل التوراغان تعود في أصولها إلى بحارة قدموا من
الصين إلى المنطقة قبل أكثر من خمسة آلاف عام، ومن ثم اعتنقوا المسيحية
التي غيرت بعضاً من تقاليدهم القديمة، لكنهم احتفظوا بكل ما يتعلق
بالموت.
يعتقد
أبناء هذه القبائل أن تصميمات بيوتهم جاءت من الآلهة.. فكل منازلهم
المبنية من الخشب تواجه جهة الشمال، حيث يعتقدون أن الآلهة موجودة هناك،
بل انهم يطلقون على مناطق الشمال اسم أرض الرب. وتقضي التقاليد أيضاً أن
يسجى الأموات ووجوههم إلى الجنوب اعتقاداً منهم أنهم بذلك يتمكنون من
مشاهدة أقاربهم الذين سبقوهم إلى الجنة.
كذلك، فكل
البيوت مصممة على شكل قوارب مشرعة الصواري اعتقاداً منهم انهم بذلك
يقدمون الاحترام لأجدادهم الذين أبحروا إلى تلك المنطقة.. أما البيوت من
الداخل فهي مزينة بقرون الثيران التي تقدم كقرابين في الجنازات.
Back