من أصل غير أجنبي رياض جاسم محمد فيلي نشرت جريدة الصباح بعددها (694) في 9/11/2005 وتحديداً في الصفحة السادسة أعلاناً صادراً عن عمادة كلية الشرطة ببغداد حول فتح باب التقديم اليها ونصت الفقرة الأولى من شروط القبول (( على أن يكون الطالب المتقدم عراقياً بالولادة ومن ابوين عراقين بالولادة ومن اصل غير اجنبي )) ( الأنتباه الى كلمة من اصل غير اجنبي لطفاً ) ، مع إرفاق شهادة الجنسية العراقية للطالب ووالديه أصل وصورة وعلى راس المستمسكات المطلوبة كجزء من عملية الكشف والتحري عن اصل الشخص المعني وبمجرد الرجوع الى أولياته وأضابيره المحفوظة لدى دوائر الجنسية والأحوال المدنية وبكل سهولة ويسر ، مع فرضها شرط أضافي بالنسبة لسكنة محافظات أربيل ، السليمانية ودهوك هو أجادة اللغة العربية قراءةً وكتابة ً، وكأن كلية الشرطة التابعة لوزارة الداخلية قد اعدتنا الى الوراء ما قبل 9/4/2003 بنفسها البعثي الصدامي اي زمن النظام البائد ، وذلك عن طريق إلتزامها بالتشريعات الجائرة المجحفة كخلاف صارخ وانتهاك فاضح لمبادىء وروح الدستورين الأنتقالي والدائم وفي تحد واضح وظاهر للعيان لا يقبل الشك والجدل ، تمسكت كلية الشرطة بتطبيق قرار ما يسمى بمجلس قيادة الثورة (( المنحل )) ذي الرقم ( 384 ) في 4/6/1987 والمنشور في جريدة الوقائع العراقية الرسمية العدد ( 3154 ) في 15/6/1987 والذي نص على تعديل كافة التشريعات النافذة التي تشتطر بشأن المشمولين باحكامها بأن يكون عراقياً بالولادة ومن ابوين عراقيين بالولادة الى الصيغة الجديدة (( أن يكون عراقياً بالولادة ومن ابويين عراقيين بالولادة ومن اصل غير أجنبي )) ( أي التعديل أضاف عبارة ومن اصل غير أجنبي ) ولايعمل بأي نص يتعارض مع القرار المذكور الذي أصبح ركيزة مهمة من سياسة التطهير العرقي المعتمدة من قبل النظام المقبور ، والتي جّرت الويل والمصائب والمحن على شريحة أساسية من مكونات الشعب العراقي والمتمثلة بالكرد الفيليين لا بل طعنتها في صميم أصالتها وهويتها وعراقتها ، وقلعتها من جذورها بتهجير أكثر من نصف مليون فيلي وتغييب أكثر من خمسة عشر ألف شاب فيلي دون ذنب أو جرم ، وصادرت أموالها وممتلكاتها وضربت حياتها الاقتصادية والأجتماعية وعلى مختلف الاصعدة وطيلة العقود السابقة ، ورغم بزوغ شمس مضيئة على عراق جديد فمازالت الشريحة الفيلية مكبلة بأغلال الماضي الأسود وقيوده القاسية بأحزانه وأوجاعه وفواجعه ، ولم يتغير من الامر شيء بالنسبة لها ... نعم سقط الصنم و مسك في الجحر بشحمه ولحمه ، لتنشىء بدلاً عنه صدامية بدون صدام ، وما هو أعلان كلية الشرطة خير دليل على ذلك ، فلقد ضرب تصرفها اللاقانوني عرض الحائط قانون أدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية وخاصة نصوص مواده (6) و(11) ، أضافة الى أحكام الدستور العراقي الجديد المستفتى عليه في 15/10/2005 والمصادق عليه من قبل الشعب بكلمة ( نعم ) ، فما حدث هو مخالفة دستورية صريحة لا يجوز السكوت عليها او حتى التغاضي عنها ولا أن تمر مرور الكرام أذ تشكل الركن المعنوي لجرائم الأبادة الجماعية بحق الشعب عامة والفيلية خاصة وبالتالي لا يمكن أن تسقط بالتقادم .
************************** هذا ومن ناحية أخرى
وعلى صعيد ذي صلة ، فقد أقرت الجمعية الوطنية مؤخرا قانوناً جديداً للجنسية
العراقية عملاً بإحكام الفقرة( و) من المادة (11) من قانون أدارة الدولة
العراقية للمرحلة الإنتقالية ، والتي إلزمت بأصدار التشريعات الخاصة بالجنسية
والتجنس والمتفقة مع أحكام الدستور الانتقالي ، الا أن طريقة أقرار القانون
لم يكن متفقاً بالمرة بل مخالفاً لنص الفقرة (ج) من المــــادة (32) والتي
مضمونها ما يلي : (( لا يجري التصويت على مشروع قانون في الجمعية الوطنية الا
بعد قراءته مرتين في جلسة أعتيادية للجمعية ، على أن يفصل بين القراءتين
يومان في الأقل ، وذلك بعد أن يدرج مشـــروع القانون على جدول أعمال الجلسة
قبل التصويت بأربعة أيام على الأقل )) ولــكن الذي حدث هو أن أعضاء الجمعية
الوطنية لم يحصلوا على مشروع قانون الجنسية بقراءته الثانية ولم توزع نسخته
المطبوعة عليهم الا قبل عشرة دقائق فقط من أنعقاد جلسة التصويت عليه وليس مدة
يومان كما نص الدستور والتي تمنح لغرض المناقشة والدراسة ، أي لم يترك
للأعضاء حرية أبداء الرأي وأتخاذ القرار المناسب وكأنهم بين المطرقة والسندان
مما يدل على وجود طبخة جاهزة معدة سلفاً ، وهذا ما أكده النقاش والجدل
المحتدم داخل أروقة قاعة الأجتماعات ، وبالنتيجة يضطر عضو الجمعية بالموافقة
على مشروع القانون رغم عدم قناعته به حتى لا يفسر رفضه على انه ضد أعادة
الحقوق المغتصبة للمهجرين قســـراً والمسقط عنهم الجنسية باطلاً وعلى رأسهم
الكرد الفيليين ، ويظهر بصورة الخارج على القاعدة والاجماع الذي لا يقبل الشك
يقر بمظلومية قضية الكرد الفيليين ، وما يزيد الامر تعقيداً ويثير الغرابة
والريبة هو عدم نشر القانون المقترح في وسائل الاعلام المختلفة وفي وقت
أعتادت الصحافة العراقية نشر مشاريع القوانين قبل وبعد أقرارها وسواء كانت
معدلة أوغير معدلة ، وهذا يقودنا بالأستدلال والأستنتاج بأن واضعي القانون
المذكور بأطرافهم الخفية يحاولون جاهدين ولو في الفترة الأنية على أقل تقدير
التعتيم والتكتم ولحين تمرير القانون وأقراره بشكل نهائي من خلف الكواليس
والأبواب المغلقة ويصبح أمراً واقعا ً لا محال بهدف تفويت الفرصة على الأصوات
الحرة وممن لا يحمد عقباه الأعتراض على فقرات وبنود المشروع ، مما يترتب عليه
تعديله او أعادة صيغته من جديد أو أستبداله بلائحة أخرى ، وعليه ستكون معاناة
الكرد الفيليين مكرسة في أطار أفق جديد وصورة براقة ونظرة حضارية وفي ظل
تشريع عصري باطنه غير ظاهره .
Back |