قضية الكورد الفيليين وأبعاد معاناتهم وتسفيرهم في ظل التشريع العراقي

رياض جاسم محمد فيلي

ان مشكلة الكورد الفيليين لم تبدأ بتسفيرهم على شكل موجات متصاعدة منذ نهاية الستينات ومطلع السبعينات والثمانينات نتيجة لأشتراكهم الفعلي في الحركة التحررية الكوردية خاصة والحركة الوطنية العراقية عموماً، وانما ترجع اوليات معاناتهم الى زمن قيام الدولة العراقية الحديثة وتأسيسها تحت الانتداب البريطاني على يد قادة وضباط عثمانيين سابقين من ذوي النزعة الطورانية المتشبعين بسياسة التتريك العنصرية الشوفينية، فلم يجدوا الا ان يتخذوا من القومية العربية ستاراً لغاياتهم رغم عدم انتمائهم لها بل أغلبهم من أصول أجنبية، وعلى أثر ذلك صدر قانون الجنسية العراقية رقم (42) لسنة 1924 ذي الاطوار الشاذة والغريبة حيث لامثيل له في كل دول العالم على الاطلاق، وبموجبه أعتبر العثماني عراقي الجنسية حكماً وبصفة اصلية، في حين منح الكوردي الفيلي الجنسية العراقية بصفة مكتسبة لأسباب طائفية، أي يصبح العثماني مواطناً عراقياً من الدرجة الاولى وأن كان ساكناً في تركيا العثمانية والبلاد التابعة لها (مثل البلقان، الشام، مصر، ... الخ) وبغض النظر عن لغته وعرقه وجنسه، وبعكس الكوردي الفيلي الذي يصبح مواطناً عراقياً من الدرجة الثانية حتى وأن ثبت وجوده وآبائه في العراق منذ مئات السنين، أي أن طالب اللجوء وأينما وجد في دول العالم هو أحسن حالاً من الكوردي الفيلي، لكونه سيحصل على جنسية الدولة الملتجئ اليها بتزوجه أمراة من مواطنيها أو بولادة طفله على أراضيها أو بمرور فترة زمنية محددة قانوناً، أما الكورد الفيليون فمحرومون من كل ما تقدم لابتزوجهم عراقيات من الدرجة الاولى ولا حتى بولادتهم أباً عن جد في العراق ولاحتى بالفترة الزمنية وأن أمتدت الى الآف السنين في العراق !

علاوة على كل هذا الظلم يجب على الكوردي الفيلي تقديم طلب إلتماس لغرض منحه التجنس بعد أستيفائه لـ (12) شرطاً منصوص عليها في تعليمات الجنسية، في حين يأخذ العثماني الجنسية تلقائياً ودون الحاجة لتوفر أية شروط بالمرة، وهذا مخالف لأحكام المادة (6) من القانون الأساسي العراقي (الدستور الملكي لسنة 1925) والتي نصت على ما يلي : (لافرق بين العراقيين في الحقوق امام القانون وأن أختلفوا في القومية والدين واللغة)، فأين المساواة التي دعى اليها الدستور ؟ فشخص منحه كامل الحقوق وآخر سلب منه أهم حق الا وهو حق المواطنة، وقد أطلقت رصاصة الرحمة على هذه المساواة الزائفة لتلغى نهائياً وبالتالي أصبح الدستور الملكي مناقضاً لنفسه بصدور قانون التعديل الثاني رقم (69) لسنة 1943 اذ عدلت بموجبه الفقرة (1) من المادة (30) من القانون الاساسي العراقي لسنة 1925 وكما يلي : "لايكون عضواً في أحد مجلسي النواب والاعيان ما لم يكن عراقياً اكتسب جنسيته العراقية بالولادة أو بموجب معاهدة لوزان أو بالتجنس على أن يكون المتجنس منتمياً الى عائلة عثمانية كانت تسكن عادةً في العراق قبل سنة 1914 ومر على تجنسه عشر سنوات" أي ان الكوردي الفيلي لايستطيع تولي عضوية أحد المجلسين (الاعيان والنواب) الا اذا كان مكتسباً للجنسية العراقية بالولادة في حين ان العثماني يصبح عيناً أو نائباً لمجرد كونه متجنساً لمدة عشر سنوات من اسرة تسكن عادة في العراق قبل عام 1914، كما أن التشريعات والدساتير اللاحقة في العراق لم تعالج من الموضوع شيئاً يذكر، بل زادت من الطين بلة، فكلما تقدمت السنين زاد وضع الكورد الفيليين سوءاً وتعقيداً. وعلى صعيد ذي صلة هو ما حصل عام 1950 حينما طرد المواطن الكوردي الدكتور جعفر محمد كريم العضو المؤسس للحزب الديمقراطي الكوردستاني، ثم صدر في العام نفسه قانون أسقاط الجنسية العراقية عن اليهود رقم (1) لسنة 1950 وتبعه القانون رقم (12) لسنة 1951 تحت تأثير الحركة الصهيونية، وفي عام 1954 صدر مرسوم ذيل الجنسية العراقية رقم (17) وبموجبه جرى عام 1955 أسقاط الجنسية عن كل من عزيزشريف وعدنان الراوي والدكتور صفاء جميل الحافظ وكاظم السماوي وكامل قزانجي وتوفيق منير وأكرم حسين محمد وبهاء الدين نوري بابا علي وجاسم حمودي وعبد الرزاق الزبيدي وزكي خيري وصادق جعفر الفلاحي وكامل صالح السامرائي ومحمد عبد اللطيف الحاج محمد وعلي الشيخ حسين الساعدي والمواطنة بهية مصطفى، وتحت الضغط الشعبي العارم لم يتم أبعاد سوى توفيق منير وكامل قزانجي الى تركيا وبهية مصطفى الى أيران، ولقد أوجد هذا الأجراء سابقة خطيرة وترتبت عليه عواقب وخيمة ساعدت على ترسيخ فكرة الاسقاط والابعاد في ذهن السلطة الحاكمة، فلقد أستغلت جيداً من قبل نظام البعث الفاشي مستقبلاً، ومهدت السبيل لأتساع الدائرة من ترحيل محدود الى عمليات تسفير بالجملة شملت شريحة مهمة من الشعب العراقي متمثلة بالكورد الفيليين لتكون أول ضحايا الانفال والتطهير العرقي المعروفة بالجينو سايد، وطافت قضية الشيوعيين المبعدين على السطح لكونها مخالفة لروح الدستور خاصة في المادة (7) من القانون الاساسي العراقي والتي حظرت أبعاد العراقيين ونفيهم الى خارج البلاد، وهذا ما كشفته وقائع جلسات محكمة الشعب بعد ثورة 14 تموز عام 1958 الوطنية وأثناء محاكمة وزير الداخلية في العهد الملكي سعيد قزاز.
وتطورات قضية التسفير متلاحقة ففي 30/5/1963 صدر قانون الجنسية الجديد تحت رقم (43) لسنة 1963 وكان أشد وطأة من سابقه، وقد لوحظ أنه صدر بعد ثلاثة أشهر من وقوع أنقلاب 8 شباط الاسود، بهدف الانتقام من الكورد الفيليين نظراً لقيام مقاومة مسلحة للأنقلاب في مناطق سكناهم مثل حي الاكراد وساحة النهضة وباب الشيخ والكاظمية، كما زج بالآلاف منهم في السجون والمعتقلات وتم تعذيبهم على أيدي البعثيين ورجال الحرس القومي الذي أدى الى استشهاد عدد كبير منهم تحت التعذيب مما أضطر عدد كبير منهم الى مغادرة البلاد منذ ذلك الوقت، أما بالنسبة للقانون المذكور أعلاه فقد شدد من شروط منح الجنسية وأعطى لوزير الداخلية صلاحيات واسعة ومنها أسقاط الجنسية ولأسباب أمنية ودون الرجوع للقضاء، أضافة الى جعل العرب من أبناء الامة العربية أعلى مرتبة من الكورد الفيليين، الا أن أحلام البعثيين المريضة في القيام بحملات تهجير واسعة النطاق قد تلاشت نتيجة طردهم من السلطة في أنقلاب 18 تشرين الثاني عام 1963.

وفي 10/5/1964 صدر الدستور العراقي المؤقت في عهد عبد السلام عارف، وقد ضم أوضاعاً غريبة وشاذة وخاصة مايتعلق بالكورد الفيليين، ففي المواد (41 و 72) من الدستور أعلاه "قد أشترطت على كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ونوابه والوزراء حين توليهم مناصبهم أن يكون عراقياً ومن أبوين عراقيين ينتميان الى أسرة تسكن العراق منذ عام 1900 وكانت تتمتع بالجنسية العثمانية، وأن لا يكون متزوجاً من أجنبية، وتعتبر العربية التي من أبوين وجدين عربيين عراقية لهذا الغرض" فهذه الشروط المبينة اعلاه ذات تفسير واضح لا تدع مجالاً للشك، فمعناها حرمان الكورد الفيليين من حق المشاركة في الحياة السياسية والشؤون العامة، ومنعهم من تولي المناصب الحكومية الرفيعة، وقد شمل هذا الحظر أيضاً العراقي بصفة أصلية أذا كان متزوجاً من أمراة كوردية فيلية، ورغم قيام الحكومة في وقت لاحق بتعديل تلك المواد تحت ضغط الشارع العراقي الا أن أجراءها كان بعد فوات الاوان.

وأستمر الحال من سيء الى أسوء، فوقع أنقلاب 17 تموز الاسود عام 1968، حيث صدر في 21/9 من نفس السنة الدستور البعثي الاول وهو مؤقت أيضاً، حيث نصت المادة (20) من هذا الدستور على ما يلي : "أ ـ الجنسية العراقية يحددها القانون، ولا يجوز أسقاطها عن عراقي ينتمي الى أسرة تسكن العراق قبل 6 آب عام 1924 وكانت تتمتع بالجنسية العثمانية وأختارت الرعوية العراقية، ب ـ يجوز سحب الجنسية عن المتجنس في الاحوال التي يحددها قانون الجنسية".

والمقصود هنا يجوز أسقاط الجنسية العراقية عن من لم يكن عثماني الجنسية سابقاً، وبالتالي يبرر سحب التجنس من الكورد الفليين بأعتبارهم أجانب مما يسهل عملية أبعادهم الى خارج البلاد تحت أية ذريعة كانت، كما أن المادة (66) من الدستور البعثي جاءت تاكيداً وامتداداً لما نصت عليه المواد (41، 72) من دستور عام 1964 قبل تعديلها، وهكذا أتضحت نوايا البعثيين الحاقدة والخبيثة، فقاموا بحملة تهجير أستهدفت حوالي (70.000) الف كوردي فيلي في الاعوام (1969 - 1970 - 1971) وعلى الرغم من توقيع أتفاقية 11 آذار عام 1970 بين حكومة البعث والحزب الديمقراطي الكوردستاني برئاسة المغفور له الملا مصطفى البارزاني والذي رشح السيد حبيب محمد كريم أمين عام الحزب لمنصب نائب رئيس الجمهورية كأحد بنود أنهاء النزاع، الامر الذي رفضه صدام حسين رفضاً قاطعاً وبشدة لكون السيد حبيب محمد كريم كوردي فيلي، والجدير بالذكر أن أول أمرأة عراقية نفذ فيها حكم الاعدام في تاريخ العراق المعاصر كان على يد جلاوزة النظام البائد في عام 1975 وعلى المواطنة الكوردية الفيلية الشهيدة الخالدة ليلى حسن قاسم.

وفي 16/7/1970 صدر الدستور البعثي الثاني، وتحديداً ما نصت عليه فقرة (أ) من المادة (42) من الدستور، والتي أجازت لمجلس قيادة الثورة أصدار القوانين والقرارات الأرتجالية والكيفية والسرية وتكون لها قوة القانون والالزام ودون أية رقابة أو مساءلة، ونظراً لتمتع رئيس وأعضاء مجلس قيادة الثورة بالحصانة التامة وفقاً للمادة (40) من الدستور، فقد صدر سلسلة من التشريعات لا أول لها ولاآخر وذات صلة بإسقاط الجنسية عن الكورد الفليين وتسفيرهم، ومنها ما يستهدف إذلالهم والتضييق عليهم، وكما يلي :

أولاً : قانون منح الجنسية العراقية للعرب رقم (5) لسنة 1975 والقرار رقم (890) في 4/8/1985 والقرار رقم (511) في 19/7/1987 والقرار رقم (141) في 21/5/1991 وبموجب كل ماتقدم أجيز للعرب من أبناء الامة العربية الحصول على الجنسية العراقية ودون أية شروط مع أحتفاظهم بجنسيتهم الأصلية وعدم تجنيدهم الى الخدمة العسكرية أضافة الى أمتيازات عديدة منها منحهم قطع أراضي سكنية وقروض مصرفية وعقارية وتسهيلات تجارية وصناعية وأستثمارية، في حين أن الكوردي الفيلي يخدم في الجيش الخدمة الالزامية وخدمة الاحتياط ويقدم التضحية تلو التضحية حتى لو كان أهله مسفرين ومع ذلك يظل أجنبياً عميلاً في نظر السلطة الدكتاتورية ولا يتمتع بأي من الامتيازات المقررة للشهداء والمعوقين والاسرى في الحرب، رغم أن المتعارف عليها دولياً بأن الأجنبي لايسوق الى الخدمة العسكرية، وفي حالة أذا ما سوق اليها فأن هذا الامر سوف يسهل ويسرع معاملة منحه الجنسية، ويتضح من بنود هذا القانون وما تتبعه من قرارات أنه يستهدف تغيير البنية السكانية والطبيعة الديموغرافية للشعب العراقي، وهذا ما تبين بجلاء أثناء الحرب العراقية الايرانية وقدوم أكثر من أربع ملايين مواطن مصري وأصبحوا أعلى منزلة من المواطن العراقي.

ثانياً : قانون تعديل الجنسية العراقية رقم (147) لسنة 1968 والقرار رقم (413) في 15/4/1975 وبموجب هذين التشريعين منعت المحاكم من النظر في الدعاوى الناشئة عن تطبيق احكام قانون الجنسية، وأنما أجيز الاعتراض على قرارات وزير الداخلية لدى رئيس الجمهورية ويكون قراره قطعياً . وبالتالي ترتب على هذا الامر الغاء حق المواطن في التقاضي ومراجعة المحاكم والالتجاء اليها وسلوك سبل الطعن المكفول له دستورياً ودولياً وخاصة ما ينص عليه الاعلان العالمي لحقوق الانسان، كما أدى ذلك الى تقويض دور القضاء وأستقلالية سلطته، وبالتالي لن يستطيع الكوردي الفيلي الاعتراض والشكوى على قرار تسقيط جنسيته وأبعاده الى خارج البلاد.


ثالثاً : القرار رقم (180) في 3/2/1980 والذي تضمن شروطاً مشددة للحصول على الجنسية ولم تكن معروفة في التشريعات السابقة وأعطى وزير الداخلية صلاحيات مطلقة وكاملة في قبول تجنس الاجانب ورفضه، وحثهم على تقديم طلبات أكتساب الجنسية العراقية خلال مدة نفاذ القرار المحددة بـ (6) أشهر والاسيتعرضون للطرد وهو بمثابة أنذار أولي وقد شمل ذلك الأجنبي المتزوج من عراقية والاجنبية المتزوجة من عراقي، فيما أعتبر القرار عدداً من العشائر الكوردية هي أجنبية وهي عشائر (السوره ميري والكركش والزركوش وملك شاهي وقره لوس والفيلية والاركوازية والكويان) ولايشمل بأحكام هذا القرار من كان وجوده في العراق ضرر على أمن وسلامة الوطن وليس مستمراً بالاقامة والسكن للفترة الزمنية المحددة لكل حالة من الحالات المبينة في القرار اعلاه، فلقد كانت كل الاجراءات تستهدف جمع معلومات أستخباراتية متكاملة عن كل المتقدمين بطلبات الحصول على الجنسية وجردهم، بغية تمكين الاجهزة الامنية من الوصول اليهم بدقة متناهية والتحضير لعمليات أعتقالهم وتسفيرهم.

رابعا : القرار رقم (200) في 7/2/1980 حيث جاء فيه عدم السماح للاجنبي الذي أقام في العراق قبل نفاذ هذا القرار، أو يقيم فيه مدة خمس سنوات من الاستمرار في أقامته كما لا يجوز العمل بأي نص يتعارض مع أحكام هذا القرار، وبالتالي أتضح الهدف من صدور القرار رقم (180) بعد أربعة أيام فقط.

خامساً : القرار رقم (518) في 10/4/1980 والذي أستثنى الاجنبي الايراني الاصل من الاحكام الخاصة بالتجنس الواردة في القرار رقم (180) في 3/2/1980.

سادساً : القرار رقم (666) في 7/5/1980 السيئ الصيت حيث أنه جاء تتويجاً لكل القرارات السابقة، والذي بموجبه تم أسقاط الجنسية العراقية عن كل عراقي من أصل أجنبي أذا تبين عدم ولائه للوطن والشعب والاهداف القومية والاجتماعية العليا للثورة، ولوزير الداخلية أن يأمر بأبعاد كل من أسقطت عنه الجنسية العراقية وفقاً للقرار اعلاه ما لم يقتنع بناء على أسباب كافية أن بقاءه في العراق أمر تستدعيه ضرورة قضائية أو قانونية أو حفظ حقوق الغير الموثقة رسمياً والقرار هنا واضح لا يحتاج الى شرح بل قام بتفسير القرارات السابقة والتي كانت غامضة ومبهمة.

سابعاً : القرار رقم (474) في 15/4/1981 والذي بموجبه يصرف للزوج المتزوج من أمراة من التبعية الايرانية مبلغ قدره (4000) دينار أذا كان عسكرياً و (2500) دينار أذا كان مدنياً في حالة طلاقه من زوجته وتسفيرها الى خارج القطر، ويشترط لمنح المبلغ المشار اليه اعلاه ثبوت حالة الطلاق أو التسفير بتأييد من الجهات الرسمية المختصة وأجراء عقد زواج جديد من عراقية وبهذا الصدد أيضاً صدر تعميم سري لمدير عام مكتب أمانة القطر (علي حسن مجيد) حول ضوابط الزواج للرفاق الحزبيين كتاب حزب البعث العربي الاشتراكي العدد/3/33138 تاريخ 14/11/1983.

ثامناً : أضافة الى قرارات اخرى ذات صلة بموضوع الجنسية وأكتسابها، كمنح الجنسية العراقية للاجنبيات المتزوجات من عراقيين، وتولي السلطة المالية أدارة العقارات العائدة للزوجات العراقيات الملتحقات بأزواجهن المسفرين، ومنع الزوج الغير عراقي من التصرف بأموال زوجته العراقية مثل نقل الملكية والوراثة، كذلك تحديد ضوابط زواج الموظف في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي من أجنبية، وترتيب هذه القرارات كما يلي :

أ ـ القرار رقم (1468) في 14/9/1980

ب ـ القرار رقم (1610) في 23/12/1982

ج ـ القرار رقم (1194) في 2/11/1983

د ـ القرار رقم (329) في 15/3/1984

هـ ـ القرار رقم (456) في 15/4/1984

و ـ القرار رقم (363) في 27/4/1986

ز ـ القرار رقم (722) في 15/9/1987


تاسعاًً : علاوة على تشريعات سرية او غير منشورة في الجريدة الرسمية وما خفيّ كان أعظم أو تكون على شكل تعليمات وتوجيهات وأوامر، ومنها حرمان الكوردي الفيلي من التعيين في دوائر الدولة وخاصة ديوان الرئاسة وهيئة التصنيع العسكري واذا سمح له التعيين فعلى نطاق ضيق ومحدود وفي وظيفة بسيطة وتحت المراقبة الامنية المستمرة ولا يجوز له تولي الدرجات الوظيفية الخاصة رغم ثبوت كفائته وإخلاصه في العمل، كذلك منعه من الاشتراك في أي عمل أو نشاط أقتصادي، تجاري أو صناعي مع الدولة كالتعهدات والمناقصات والمزايدات، ولا حتى من حقه أكمال الدراسات الجامعية العليا والالتحاق بالكليات العسكرية والشرطة، وعدم شموله بأمتيازات الشهداء والمعوقين والاسرى نتيجة للحروب الصدامية، مع عزله في معسكرات خاصة للتدريب أثناء أداء الخدمة العسكرية وأخذ بيانات مفصلة عنه، وتزويده بشهادة جنسية مميزة لكي يسهل التعرف على أصله وتجنسه من قبل الجهات الامنية والحزبية والاستخبارية عند طلبها المستمسكات الرسمية منه أو أثناء مراجعته لدوائر الدولة، وعلى أثر ذلك وأثناء عمليات التسفير وما بعدها حصلت حملات تطهير لكل الدوائر العامة وتم بموجبها طرد الآف من الكورد الفيليين من وظائفهم ومن بينهم أطباء ومهندسين وقضاة وضباط وعلماء وأساتذة جامعيين ومدرسين، ومن خيرة أبناء المجتمع من الذين قدموا له خدمات جليلة لاينكرها أحد والعدو قبل الصديق، وحتى التجار وأرباب الصنائع الذين خدموا الاقتصاد العراقي لم يسلموا من هذا الامر، أذ جرى تسفيرهم بكل مكر وخديعة بناء على دعوتهم لاجتماع عاجل في غرفة تجارة بغداد وما أن وصلوا كان رجال الامن بأنتظارهم وكل هذا معروف للقاصي والداني.

عاشراً : وهذا ما عدا المصادرة المجحفة للمدرستين الابتدائية والثانوية الاهليتين للكورد الفيليين وناديهم الاجتماعي والرياضي رغم ما قدمته للمجتمع من نخبة خيّرة متعلمة وأجيال مثقفة واعية من العرب والكورد على حد سواء، فكانت هذه الاجراءات المتعسفة تستهدف طمس معالم الثقافة الفيلية ومحو تاريخها المشرف وتراثها العريق.

وهكذا كان الكورد الفيليين طيلة الثمانين سنةً الماضية تحت رحمة المطرقة والسندان والمتمثلة بالقوانين الجائرة التي أصدرتها الحكومات العراقية المتعاقبة وخاصة القرارات الاجرامية الظالمة زمن البعث وبجرة قلم صدام حسين، حيث ذهب ضحيتها حوالي (500.000) الف كوردي فيلي مسفر وحوالي (10.000) شخص محجوز من خيرة شباب الفيلية في غياهب السجون والمعتقلات ولايعرف مصيرهم لحد الان أكثر من نصفهم كانوا من العسكريين (اثناء ادائهم الخدمة الالزامية)، ومنذ عام 1980 حيث تم حجزهم بموجب تعليمات وزير الداخلية رقم (2884) لسنة 1980 بخصوص المهجرين العراقيين، كذلك تم مصادرة أموال المسفرين المنقولة وغير المنقولة على نحو تعسفي ودون تعويض او منحهم مهلة لتصفيتها ورميهم على الحدود ليعبروا من بين حقول الالغام ومات قسم منهم بسبب انفجار الالغام او نتيجة للمرض والجوع والتعب خصوصاً كبار السن منهم والاطفال والنساء، وكانت تبريرات النظام المقبور وحججه ضد الكورد الفيليين هي مشاركتهم في نشاطات تخريبية مدعومة من ايران ومنها حادث التفجير في الجامعة المستنصرية وبدراما محبوكة من اجهزة البعث القمعية، وذلك لشن الحرب ضد ايران، أما الكورد الفيليين الذين لم يسفروا فقد جعلهم النظام ورقة احتياط يلعب بها في اي وقت يشاء، وأستمر بتشديد الخناق والتضييق على نشاطهم الاقتصادي والتجاري وتجميد أموالهم وممتلكاتهم طيلة أيام الحرب على أعتبار كونهم جواسيس وخونة وعملاء وبالتالي يشكلون طابوراً خامساً لايران.

كما ان قضية الجنسية لم تقتصر على الكورد الفيليين فقط بل امتدت لتشمل كل من الكلدو آشوريين والارمن وقسم غير قليل من العرب، حيث ان الحكومة استيقضت من سبات عميق لتتذكر في عام 1972 أصدار عفواً عاماً عن القائمين بالحركة الاثورية في عام 1933 وتعيد لهم الجنسية العراقية لمن أسقطت عنه من المشاركين بتلك الحركة بموجب القرار رقم (972) في 25/11/1972 وفي هذا الصدد صدرت في عام 1997 تعليمات جديدة لمنح الجنسية العراقية للآثوريين الاانها كانت مجرد حبر على ورق وللاستهلاك الاعلامي فقط.

إن ما قام به النظام المخلوع من ظلم وجور بحق الكورد الفيليين لم يكن مخالفاً لكل الاديان السماوية والاعراف والمواثيق الدولية فحسب، وأنما كان مناقضاً لاحكام دستوره الذي أصدره في 16/7/1970 وخاصة في المادة (16) منه والتي نصت على ما يلي : "لا تنزع الملكية الخاصة الا لمقتضيات المصلحة العامة وفق تعويض عادل حسب الأصول التي يحددها القانون"، والمادة (19) ونصت على ما يلي : "المواطنون سواسية امام القانون، دون تفريق بسبب الجنس أو العرق أو اللغة أو المنشأ الاجتماعي أو الدين"، وكذلك مناقضاً أيضاً لقانون الجنسية العراقية رقم (43) لسنة 1963 وخاصة ما نصت عليه المادة (20) وكما يلي :

لوزير الداخلية سحب الجنسية العراقية من العراقي في الاحوال الاتية :

1 ـ اذا قبل دخول الخدمة العسكرية لاحدى الدول الاجنبية دون أذن سابق يصدر من وزير الدفاع .

2 ـ اذا عمل لمصلحة دولة أو حكومة أجنبية أو جهة معادية في الخارج أو قبل في الخارج وظيفة لدى حكومة أجنبية أو أحدى الهيئات الاجنبية أو الدولية وأبى أن يتركها بالرغم من الامر الصادر اليه من الوزير.

3 ـ اذا قام في الخارج بصورة معتادة وأنضم الى هيئة أجنبية من أغراضها العمل على تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي للدولة بأية وسيلة من الوسائل.

وحتى لا تتكرر هذه المآسي الوحشية والقاسية، نتشرف بأيضاح النقاط التالية لحضراتكم وكما يلي :

أولاً: أن الكورد الفيليين هم عراقيون أصلاء أباً عن جد ولم يعرفوا غير العراق وطناً لهم وخدموا في مؤسساته ودوائره وتدرجوا في الوظائف العامة وقدموا الكثير من الشهداء أثناء تأديتهم الخدمة العسكرية، وهذه حقيقة لا تغيب عنها الشمس ولايختلف عليها أثنان حتى على مستوى المسؤولين القياديين في النظام الصدامي العفلقي، وقد أكدت هذه الحقيقة العديد من المراجع التاريخية ومنها :

1 ـ من هو العراقي ؟ أشكالية الجنسية واللاجنسية في القانونين العراقي والدولي تأليف الدكتور عبد الحسين شعبان .

2 ـ بغداد في العشرينات تأليف عباس البغدادي.

3 ـ تاريخ الفيلية تأليف عباس العزاوي أعداد حسين الجاف.

4 ـ الفيليون تأليف نجم سلمان مهدي.

ثانياً: رد الأعتبار الى الكورد الفيليين وتعويضهم مادياً ومعنوياً وأعادة المهجرين منهم الى ديارهم معززين مكرمين والكشف عن مصير أبناءهم المفقودين والمحتجزين، وتفعيل حقهم الطبيعي بالمساهمة في الحياة السياسية العامة ومنها حق الانتخاب والترشيح وأبداء الرأي في الأستفتاءات الشعبية وتولي المناصب العليا في الدولة دون قيد أو شرط (والتي كانت محصورة بازلام النظام وأعوانه وأقرباء الطاغية) نظراً لعدم وجود أي دور سياسي للفيلية منذ قيام الملكية وحتى سقوط النظام الدكتاتوري في 9/4/2003 ورغم ما كانوا يمتلكونه من ثقل أقتصادي وأدخال ذلك في صلب الدستور الدائم ولو على سبيل العموم.

ثالثاً: أصدار قانون جديد وعادل للجنسية العراقية ووفقاً للمعايير العصرية السائدة ويلغي الطبقية والفوقية، وينصف الكورد الفيليين المظلومين ويؤكد على عراقيتهم الأصيلة، كما يحل كل المشاكل السالف ذكرها ويزيل أثارها المتراكمة طيلة ثمانين سنة وبالفعل صدر قانون مؤقت على عجل خلال هذه المرحلة الانتقالية ولا يوجد في البلاد أي دستور الا انه لن يكتسب الشرعية الكاملة ما لم تكن أولى مهام السلطة التشريعية المنتخبة وفقاً للدستور الدائم تشكيل لجان مختصة لاعادة النظر في قانون الجنسية ودراسته من جديد بهدف اتخاذ قرار نهائي اما بالابقاء عليه كما هو أو تعديله أو استبداله بقانون آخر مع الاخذ بنظر الاعتبار ملائمته لروح واحكام الدستور ورأي الجهة القضائية المختصة بالرقابة على دستورية القوانين فيه، حتى لايطعن بشرعية اعادة الجنسية العراقية للكورد الفيليين وبحجة ان الامر تم وفقاً لتشريع مؤقت وليس دائم، وحتى لايعيد التاريخ نفسه وما حصل للكورد الفيليين من معاناة وظلم بموجب قوانين وقرارات مؤقتة وفي ظل دساتير مؤقتة ايضاً.

رابعاً: أيجاد ضمانات حقيقية وملموسة وأدخالها في صلب الدستور الدائم وبنصوص واضحة غير قابلة للتفسير أو التأويل، وبالتالي تكون أسسا ومحددات لقانون الجنسية الجديد وأطار عام لا يخرج عنه، لتلافي أية تسفيرات مستقبلاً وتحريم إسقاط الجنسية عن أي مواطن وحظر أبعاده الى خارج البلاد أو منعه من العودة اليها ولأي سبب كان وتحت أي ظرف، وأن هذه الحصانة الدستورية مطلوبة حتى لا تتلاعب أية أغلبية بسيطة من أعضاء السلطة التشريعية (البرلمان) بالقانون وفقاً لمشيئتها، حيث أن الدستور هو مصدر القوانين جميعاً، وعليه فأن عملية تعديله تكون صعبة جداً وتحتاج الى زمن طويل من المداولات والجلسات في البرلمان، أضافة الى توفر أغلبية خاصة تصل الى أغلبية ثلثي نواب البرلمان أو حتى أغلبية ثلاثة أرباع النواب، وربما بعد أن إستكمال هذه الإجراءات، يعرض التعديل الدستوري على الاستفتاء الشعبي ليكتسب الصفة الشرعية النهائية، في حين أن تشريع أي قانون وفقاً للاعراف الدستورية وما تنص عليه الأنظمة الداخلية لمعظم برلمانات دول العالم الديمقراطية كما يلي: "لا تكون جلسات البرلمان صحيحة الا بحضور أغلبية أعضائه، وتصدر القرارات بأغلبية الاعضاء الحاضرين" أي معناها أن تشريع القانون لا يتطلب سوى حضور أغلبية النواب الى جلسة البرلمان وموافقة أغلبية الحاضرين، وبالتالي يصدر القانون بموافقة ربع النواب كحد أدنى من مجموعهم، وهذا يعتبر شيئاً خطيراً بالنسبة لقانون الجنسية إذ من الممكن بواسطة هذه الأغلبية المشار اليها (ربع النواب) تعديل القانون أو الغائه أو تغييره عن مساره الصحيح، كما يجوز لنائب واحد حق اقتراح تعديل القانون في حين ان تعديل الدستور لا يتم الا باقتراح مقدم من ثلث النواب مع بيان اسباب التعديل وشرح مبرراته وخاصة نحن في بلد أنتهكت فيه حرمة سيادة القانون وأستقلال القضاء أستناداً الى الفقرة (أ) من المادة (42) من دستور عام 1970 كما ان العراق حديث عهد بالحرية والديمقراطية فلابد ان يكون دستوره الجديد أكثر تفصيلاً وتشعباً وحتى لو يتناول أموراً عدة من الممكن تركها للقوانين العادية، ومن هذه الضمانات المتعلقة بالجنسية والمقترح أدخالها ضمن باب الحريات والحقوق والواجبات العامة من الدستور الدائم ما يلي :

1 ـ يكفل لكل عراقي حق المواطنة والجنسية على قدم المساواة دون تفريق بسبب الجنس او الاصل او العرق او المعتقد وينظم القانون احكام الجنسية العراقية وشروط اكتسابها بصورة عادلة.

2 ـ يعتبر عراقياً كل شخص مقيم في العراق أذا توفرت فيه أحدى الشروط الآتية:

أ ـ أن يكون قد ولد في العراق.

ب ـ أن يكون أحد أبويه ولد في العراق.

جـ ـ أن يكون قد أقام في العراق أقامة عادية لمدة يحددها القانون.

3 ـ يعتبر عراقيا من كان احد ابويه عراقياً سواء الأم أو الأب ودون الحاجة الى الشروط المبينة في الفقرة اعلاه.

4 ـ لا يجوز بحال أسقاط حق الجنسية عن أي مواطن عراقي ولا يحرم من جنسيته تحت اي ظرف كان ولأي سبب من الأسباب.

5 ـ يتمتع العراقي في خارج البلاد بحماية الحكومة العراقية وفقاً للأصول الدولية المرعية.

6 ـ لا يجوز سحب الجنسية عن المتجنس الا في حالة ثبوت ادانته بتهمة الخيانة العظمى وبقرار من المحكمة الدستورية العليا وبأشراف ومراقبة هيئات حقوق الانسان، ويجوز لمن فقد تجنسه حق التظلم امام القضاء المختص وفق الاجراءات المبينة في القانون.

7 ـ يكفل القانون منح تسهيلات خاصة للمغتربين العراقيين وأبناءهم وفروعهم ولمواطني الاقطار الأقليمية المجاورة من ذوي الأصول العراقية.

8 ـ يحق لكل مواطن ان يستعيد جنسيته العراقية التي أسقطت عنه، كما يجوز له التخلي عن جنسيته وقتما يشاء، ويحق لكل عراقي الاحتفاظ بجنسية أجنبية اضافة الى جنسيته العراقية.

9 ـ يجوز للاجانب الذين أقاموا في العراق اقامة عادية وما زالوا مستمرين فيها حق طلب أكتساب الجنسية العراقية خلال مدة يحددها القانون وفقاً للشروط المبينة فيه.

10 ـ يحق للمتجنس الاسهام في الحياة السياسية العامة بمرور مدة محددة قانوناً من تاريخ تجنسه.

11 ـ لا يجوز مطلقاً أبعاد أي مواطن عراقي او نفيه الى خارج البلاد او منعه من العودة اليها.

12 ـ تسليم المواطنين او اللاجئين السياسيين محظور، وتحدد القوانين والاتفاقات الدولية أصول تسليم المجرمين العاديين.

13 ـ يحدد بقانون الوضع الحقوقي والقانوني للاجانب المقيمين في العراق وفقاً للقوانين والاعراف الدولية.

14 ـ يعاد كافة المهجرين والمبعدين وخاصة الكورد الفيليين وترد اليهم جنسيتهم العراقية واموالهم وحقوقهم المغتصبة والكشف عن مصير ابنائهم المفقودين وتعويضهم عما لحق بهم من اضرار جسيمة تعويضاً عادلاً (ضمن باب الاحكام الانتقالية والختامية من الدستور الدائم).

خامساً: أن يؤكد الدستور الدائم على دعم إستقلال القضاء وحصانته ونزاهة القضاة وتجردهم وعدم تعرضهم للعزل الا في حالات محددة في القانون، ولاسلطان عليهم في قضائهم غير القانون ولايجوز لأي سلطة التدخل في سير القضايا أو شؤون العدالة، وسيادة القانون أساس الحكم وخضوع الدولة للقانون، وتشكيل مجلس أعلى للقضاء ومحكمة دستورية عليا، وحظر اي نوع من المحاكم الخاصة او العسكرية او الأستثنائية وبكل أشكالها، وتفعيل دور القضاء الاداري والسلطة الرابعة المتمثلة بهيئات حقوق الأنسان والصحافة ووسائل الأعلام وبالتالي ينعكس بشكل أيجابي على موضوع الجنسية والرقابة على تشريعاتها دستورياً وقضائياً وحتى شعبياً.

وبذلك نضمن لأنفسنا كعراقيين على حد سواء قيام المجتمع المدني ومؤسساته الحرة في ظل حكم الدستور وسيادة القانون وعدل القضاء من أجل بناء عراق ديمقراطي فدرالي موحد.

-----------------------------------
*مختص بشؤون الكورد الفيليين والدفاع عن حقوقهم الدستورية والقانونية
الكاتب الصحفي / رياض جاسم محمد فيليriyadhjasim@yahoo.com

Back