حقوق الكرد الفيليين وتجاهلها في ورقة عمل القائمة الكردستانية

 

رياض جاسم محمد فيلي *

riyadhfaylee@gmail.com

riyadhjasim@yahoo.com

 

     أن تجاهل حقوق الكرد الفيليين مسألة طبيعية جداً وليست المرة الأولى التي تنتهجها الكتل السياسية والحزبية الكردستانية بحق أبناء جلدتهم من الكرد الفيليين ... فهل هي مجرد صدفة بحتة أو حدث عابر أم هو إقصاء وتهميش ! ؟ ... وهل هو تغييب متعمد أو غير متعمد ! ؟ ... ومن جملة هذه الحوداث والوقائع التي نفترض فيها حسن النوايا وليس العكس ، وهي كما يأتي : ـ

1. راجع مقالتنا بعنوان { تعقيب على البلاغ الختامي للمؤتمر الثالث للإتحاد الوطني الكردستاني } ، وهذا البيان تجاهل أصلاً ذكر أسم الكرد الفيليين ، وبالتالي لم يتطرق إلى معاناتهم بالمرة ، والمنشور على الموقع الإلكتروني للإعلام المركزي التابع للإتحاد الوطني الكردستاني ، وعلى الرابط الآتي : ـ

http://pukmedia.com/2009-10-23-12-04-43/6003-2010-06-27-08-45-24

     في حين أكد رئيس الجمهورية بأنها " مأساة غدت واحدة من أفدح الجرائم التي إرتكبها نظام الجور والإستبداد " ، معرباً عن أسفه " لعدم إلتفات قوى كثيرة خارج العراق إلى الجريمة التي إرتكبت بحق الفيليين " [ السومرية نيوز ، 18/5/2010 بغداد ] . ونعبر نحن عن أسفنا لعدم إلتفات قوى كثيرة داخل العراق أيضا إلى هذه الجريمة ... طيب السؤال المطروح هنا ... لماذا نسى أو تنسى حزبه لهذه المأساة قبل غيره ! ؟ أما كان من الأجدر أن يستذكرها حتى يكون دافعاً للآخرين للتحرك عليها ، بغية إنهاء مظلومية الكرد الفيليين إلى الأبد ... ولا نعرف هل الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم سيدرج هذه القضية الحساسة والمفصلية والمهمة ضمن جدول إعمال المؤتمر الثالث عشر للبارتي المزمع عقده في شهر تشرين الثاني القادم أو يتجاهل هو أيضاً ... العلم عند الغيب ، والكلام أيضاً موجه إلى بقية الأحزاب الكردية ومنها { حركة كوران ، والإتحاد الإسلامي ، والجماعة الإسلامية ، والحزب الشيوعي ، وحزب المحافظين ،  والحزب الإشتراكي ، وغيرها - - - إلخ } .   

2. لم تقم مؤسسات إقليم كردستان المتمثلة بـ { رئاسة الإقليم ، ومجلس الوزراء ، والمجلس الوطني الكردستاني } والجهات الحكومية والوزارية الأخرى ، علاوةً على الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني وغيرهما من الأحزاب والكتل والتيارات والقوى السياسية الكردية على حد سواء ... بإستذكار واقعة تهجير وإبادة الكرد الفيليين وإدانِتها ببيانات رسمية وعِبْرَ وسائل الإعلام مثل الإحتفال { فاجعة حلبجة ، والآنفال ، وإبادة البارزانيين ، والهجرة المليونية } ، وإعتبارها من المناسباتِ القومية ، ومعالجة الآثارَ الرجعيةِ والأضرار المُترتبة على الفيليين وتعويضهم ورفع الغُبن عنهم وإعادةِ الإعتبار إليهم على الوجه الأكمل بتشريع خاص ! ؟ واسوةً بقرار مجلس النواب رقم (26) لسنة 2008 الذي إعتبر الجرائم المرتكبة في إقليم كردستان من جرائم الإبادة الجماعية وقرارات البرلمان الكردستاني ذات الصلة ... أم مازال الكرد الفيليين أجانب في العراق الجديد وفقاً لعقلية النظام المقبور ! ؟ ... راجع مقالتنا بعنوان { جريمة إبادة الكرد الفيليين ... والصمت الحكومي والتجاهل الرسمي عن إستذكار هذه الفاجعة الآليمة ! ! } ، والمنشورة على الكثير من المواقع الإلكترونية ، ومنها على عنوان الرابط الآتي : ـ

http://www.bingeh.com/news.php?action=view&id=723

3. لم تكلف نفسها اللجنة القانونية في المجلس الوطني الكردستاني إدارج أية حقوق للكرد الفيليين في مشروع دستور إقليم كردستان وكأنهم ليسوا من أبناء القومية الكردية ، وقد جاءت صيغته النهائية المطروحة بتأريخ 22/6/2009 وقد حذفت من مسودة الدستور عبارة تضمنت " تأسيس المفوضية الخاصة بحقوق الكرد الفيليين " ، وبالتالي تتحمل القيادات الكردية المسؤولية بأعلى مستوياتها بإعتبارها غير مستعدة لتقبل الآراء والأفكار وفتح قنوات الحوار والتفاهم ، والذي كان سيؤدي إلى كسب الرصيد الجماهيري والإنتخابي من الأوساط الفيلية ... راجع مقالتنا بعنوان { رأي ووجه نظر بشأن حقوق الكرد الفيليين في مشروع دستور إقليم كردستان العراق } ، والمنشورة على الكثير من المواقع الإلكترونية ، ومنها على عنوان الرابط الآتي : ـ

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=178131

4. وعلى سبيل المثال أن وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين تتجاهل ما حل بالكرد الفيليين من حملات التهطير العرقي والتهجير القسري وأعمال الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية ، ولم تساهم قط في إعادة الإعتبار إليهم بصفتهم جزء من الأمة الكردية ، ولا تتحمل مسؤولياتها وواجباتها الأصولية تجاه الفيليين بموجب قانون الوزارة رقم (8) لسنة 2006 ، حيث أن المادة (2) من القانون آنفاً قد حددت مهام هذه الوزارة ومنها { إحياء المناسبات الخاصة بذكرى الشهداء والمؤنفلين وتمجيدهم وتخليدهم والعمل على التعريف هذه الجرائم في أوساط العالم محلياً ودولياً } ، وبالتالي قامت بالتحضير والإعداد لمؤتمرات شتى حول { فاجعة حلبجة الشهيدة ، وعمليات الآنفال السيئة الصيت ، وإبادة البارزانيين ، وإنتفاضة آذار ، والهجرة المليونية } ، ولكنها لم تكلف نفسها إصدار بيان إستنكار وإدانة رسمية لإستذكار جريمة إبادة وتهجير الفيليين ، ولم تطبق قانون حقوق وإمتيازات ذوي الشهداء والمؤنفلين لإقليم كردستان رقم (9) لسنة 2007 إذ نص ( البند خامساً / أ ) من المادة (1) الشهداء هم { كل من استشهد نتيجة جرائم الإبادة الجماعية أثناء جرائم الآنفال أو إستعمال الأسلحة الكيمياوية أو الإبادة القمعية للبارزانيين والفيليين } ، إذ أنها تركز إمكانياتها على الجرائم المرتكبة في الإقليم حصراً وكأن الفيليين لم يقدموا التضحيات الجليلة والدماء الزكية في سبيل الحركة التحررية الكردستانية منذ نشأتها وإنطلاقها ، ولا يقف الأمر عند هذا الحد فقد نصت المادة (1) من قانون التعديل الأول لقانون حقوق وإمتيازات ذوي الشهداء والمؤنفلين لإقليم كردستان رقم (9) لسنة 2007 على سريان القانون رقم (3) لسنة 1999 على جميع الشهداء والمفقودين والمؤنفلين في الإبادة الجماعية وهم { الكرد الفيليين والبارزايين وضحايا الآنفال والأسلحة الكيمياوية في حلبجة والمناطق الأخرى والمفقودين خلال إنتفاضة آذار والهجرة المليونية التي تلتها في كردستان العراق } ، وبالرجوع إلى القانون رقم (3) لسنة 1999 وهو قانون المفقودين في حملات الإبادة الجماعية إذ تضمن ( البند أولاً ) من المادة (1) على أن { المفقودين خلال حملة تهجير الكرد الفيليين من قبل حكومة العراق المركزية سنة 1980 ، ويعتبر 31/12/1980 تأريخاً لإعلان فقدانهم ، وأن التحري عن مصيرهم قد أسنتفذت وسائله ومدته وغايته بمضي أربع سنوات على فقدانهم } ، وكل هذه القوانين والتشريعات هي مجرد حبر على ورق وذر الرماد في العيون بدليل أن الوزارة لم تستذكر فاجعة الفيليين بصفتها قضية { حق ، وعدل ، ومساواة } ، ودون أن تضع في حسبانها الوقوف على مسافة متساوية أزاء قضية الفيليين فهي تعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية أو أدنى مرتبة ! ؟ ألا يستحقون رد الإعتبار ! ؟ وهذه من المآخذ الموجهة إلى تلك الوزارة وغيرها وكذلك المنظمات غير الحكومية نتيجة إهمالها غير المبرر لقضية وطنية عادلة ، وبالنهاية هي لا تصرف من جيبها بل تتوفر لديها التخصيصات المالية الكافية للوفاء بالإلتزامات الأدبية والأخلاقية والإعتبارية تجاه حقوق الفيليين ، ونحن اليوم في العراق الجديد لا بد من الإحتكام إلى الدستور الإتحادي ومبادىء القانون الدولي بمعيار واحد وعادل غير قابل للتأويل في حل قضية الكرد الفيليين ، وعليه لا بد من رفع دعوى قضائية ضد وزارة الشهداء والمؤنفلين أمام المحاكم المختصة التابعة لمجلس القضاء في كردستان بإعتبارها لم تنفذ التشريعات النافذة ما أدى إلى الإخلال بإستعادة حقوق الكرد الفيليين .

5. أن التصريح الصحفي لـ { د. محمود عثمان / عضو وفد تحالف الكتل الكوردستانية } ، [ موقع مؤسسة شفق للثقافة والإعلام للكرد الفيليين 15/2/2010 ] ، يتحدث فقط عن معالجة وحل مشاكل الكرد الفيليين والمتمثلة بإسترداد الجنسية العراقية والأموال والعقارات المصادرة تعسفاً ، وبأنها ستكون من أولويات مهام وواجبات القائمة الكردستانية مع أن ورقة عملها للتفاوض مع القوى العراقية لتشكيل الحكومة الجديدة جاءت خالية من الإشارة إلى قضية الكرد الفيليين ! ؟ ولم يشر مطلقاً في تصريحه بأنه لابد من المشاركة الفعلية والحقيقية للكرد الفيليين في العملية السياسية وإتخاذ القرار على أعلى المستويات بعيداً عن الإقصاء والتهميش ، ألا يستحقوا أن يكونوا وزراء ومسؤولين بدرجات خاصة وعليا على أساس الجدارة والإستحقاق بعد سنوات طويلة عجاف غيبوا فيه عن المشهد السياسي العراقي ! ؟ فلماذا تختزل مشكلة الفيليين بهذا المنظور والحجم الضيق ، ولا يحق لهم ممارسة العمل السياسي بعيداً عن الهيمنة الحزبية فهم ليسوا بحاجة إلى أوصياء عليهم أو يكونوا تابعين لأحد ، ولاحظوا التصريح فيه عبارة " ستكون من أوليات القائمة الكردستانية " أي الفعل بزمن المستقبل ونستنتج بأنه لا يوجد فعل في زمن الماضي واليوم مرت سبع سنوات على سقوط الصنم في 9/4/2003 ولازلنا ننتظر نقطة الصفر للبدء بحل قضايا الفيليين ! ؟ وبالتالي فأن الأمر لا يتوقف على إصدار بيانات جبر الخواطر وإطلاق الوعود الهلامية ... فالكرد الفيليين بحاجة إلى الأفعال لا الأقوال .   

6. هذه المواقف الحزبية والسياسية هي غيض من فيض ، ولا ننسى إنعقاد مؤتمر أربيل للكرد الفيليين قبل تسعة أيام فقط من إنتخابات 15/12/2005 ، ليفسر بجلاء واضح الهدف الحقيقي من وراء عقده والذي أقصي منه الكثير من المثقفين والمستقلين ، ليخرج بجملة من التوصيات التي كانت مجرد حبراً على ورق وذهبت مع أدراج الرياح بمجرد إنتهاء المؤتمر الذي ولد ميتاً ، وأهم ما يلفت النظر هو نص الفقرة الأخيرة بالرقم (13) من تلك التوصيات كشرط جازم ، ومضمونها { يوصي المؤتمر الكرد في بغداد والمناطق الواقعة خارج إقليم كردستان بدعم قائمة التحالف الكردستاني (730) والتصويت لها } ، مما يعطي الإنطباع بأن أياً من مقرارات المؤتمر سوف لن تنفذ ما لم يتحقق الشرط رقم (13) آنفاً وهذا ما حصل فعلاً .

 

* باحث مُتخصص بشؤون الكرد الفيليين

النقال / 7702754010 (00964

Back