لقد أصدرت محكمة الجنايات الأولى التابعة إلى المحكمة
الجنائية العراقية العليا قراراتها ، بشأن إدانة المتهمين
في قضية إبادة وتهجير الكرد الفيليين في جلسة النطق بالحكم
المنعقدة يوم الأثنين الموافق 29/11/2010 ، والملاحظات
بصددها كما يأتي : ـ
1.
أكتفت المحكمة الجنائية العراقية العليا بجعلها قضية
مُجزئة ، وبالتالي أسهمت في تقسيم قضية الكرد الفيليين إلى
أجزاء عدة والتقليل من أهميتها وحجم ضحاياه وكوارثها ، حيث
إقتصرت على تهجيرات الثمانينات فقط ؟ !
2.
لم يتم تحريك أية دعاوى قضائية عن تهجيرات الأعوام
(1969–1970–1971) ، ولم تستقبل الشكاوى عنها مطلقاً ؟ !
3.
لم يتم تحريك أية دعاوى قضائية عن قضية الإختفاء القسري
لأكثر من (20,000) شاب فيلي مغيب في المقابر الجماعية ،
ولم تستقبل الشكاوى عنها مطلقاً ؟ !
4.
فصلت عن القضية علميات الترحيل الداخلي لعام / 1975 في
مناطق الشريط الحدودي في مندلي وخانقين وغيرها ، ودمجت مع
قضية التطهير العرقي لمحافظتي ديالى وكركوك التي لا
تجمعهما معاً أية عوامل مُشتركة مثل : { وقت إرتكاب الجرم
، وأسبابه ، ومُبرراته ، والبعد الزمني والمكاني بينهما }
؟ !
5.
أعتبرت قضية الشهيد المغدور : { سمير غلام } والمعروفة
بأحداث الجامعة المستنصرية جزء من قضية تصفية الأحزاب
الدينية ؟ !
6.
أجلت المحكمة القضية مراراً وتكراراً دون أسباب موضوعية
وبدأت بتأريخ 26/1/2009 وإنتهت في 29/11/2010 وأستغرقت
أكثر من (20) شهراً ، وكان المفروض أن يتم النظر في
القضايا حسب تسلسل تواريخ إرتكاب الجرم ، وتأتي قضية
الفيليين في المقدمة ومنذ وصول حزب البعث الفاشي إلى سدة
الحكم في إنقلاب 17/تموز/1968 ، في حين حسمت قبلها قضايا
الدجيل والآنفال وحلبجة والبارزانيين والإنتفاضة مع أنها
وقعت بعد جرائم إبادة الفيليين ؟ !
7.
عقدت المحكمة أولى جلساتها بتأريخ 26/1/2009 ولم تنقل عبر
شاشة القناة التلفزيونية الرسمية على غرار ما حصل مع سير
المحاكمات الأخرى ؟ !
8.
لم يجري إستدعاء أكثر من (87) مُشتكياً وشاهداً وجميعهم من
خارج العراق في قضية طالت أكثر من (500,000) مُهجّر فيلي و
(20,000) مُختفي قسراً ؟ !
9.
لم يكن فريق الدفاع لدى المحكمة بالمستوى المطلوب مقارنةً
بهول الجريمة والمأساة التي حلت بالكرد الفيليين ، وحسب
تأكيد الكثير من الجهات القانونية المُتخصصة ذات الخبرة
المهنية المُتراكمة التي إتفقت على ذلك ، وبضمنها أطراف من
داخل المحكمة ذاتها ؟ !
10.
أن وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين في إقليم كردستان لم
تتحمل مسؤولياتها تجاه القضية بموجب قانون الوزارة رقم (8)
لسنة 2006 ، ولم تطبق قانون حقوق وإمتيازات ذوي الشهداء
والمؤنفلين لإقليم كردستان رقم (9) لسنة 2007 المعدل
وقانون المفقودين في حملات الإبادة الجماعية رقم (3) لسنة
1999 بشأن الكرد الفيليين ، وأكتفت بتعيين فريق الدفاع
المذكور آنفاً وقدوم الوزير إلى جلسة النطق بالحكم وكأن
تطيبق العدالة مُتوقف على هذه الإجراءات فقط ؟ !
11.
حصلت مُتغيرات جوهرية على واقع المحاكمة ، إذ ترأس المحكمة
في البداية : { القاضي رؤوف محمد رشيد } وإنتقل بعد ذلك
ليتبوأ منصب وزير العدل في حكومة إقليم كردستان ، وبالتالي
حل محله : { القاضي محمد عبد الصاحب الكعبي } والذي بدوره
رقي بدوره إلى عضوية الهيئة التمييزية وقبل جلسة النطق
بالحكم عين : { القاضي سعد يحيى عبد الواحد } الذي رفض
الظهور على شاشات التلفزيون ، ونقلت عنه حسب التصريحات
الصحفية ووسائل الإعلام بأن المحاكمة لن تبث عبر القنوات
الفضائية ، مما يعد مخالفاً لمبدأ العلانية والشفافية الذي
مارسته المحكمة مع بقية القضايا ؟ !
12.
صدرت أحكام الإعدام بشكل فردي وعلى حدة ضد كل من : [ سعدون
شاكر محمود / وزير الداخلية الأسبق ] ، و [ مزبان خضر هادي
/ عضو مجلس قيادة الثورة المُنحل ] ، و [ عزيز صالح
النومان / عضو قيادة حزب البعث المُنحل ] ، وبتهمة الإبادة
الجماعية بمقتضى المادة (11) من قانون المحكمة الجنائية
العراقية العليا رقم (10) لسنة 2005 المعدل ، ومصطلح "
جريمة الإبادة الجماعية " وفق المعيار الدولي والوصف
القانوني بأنها عادةً ما ترتكب من قبل الحكومات وليس
الأفراد ، فمن غير المعقول أن يرتكب هؤلاء المدانين لوحدهم
تهجير أكثر من (500,000) مُهجّر فيلي و (20,000) مُختفي
قسراً وبدون مساندة سلطات الدولة آنذاك وتحت إمرتهم
الأجهزة الأمنية لإرتكاب هذه الأفعال الجنائية بقصد القضاء
على الكرد الفيليين وتدميرهم بهذه الصفة ، منها : { قتل
أفراد الجماعة ، وإلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد
الجماعة ، وإخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها
إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئياً ، وفرض تدابير تستهدف منع
الإنجاب داخل الجماعة ، ونقل أطفال الجماعة عنوةً إلى
جماعة أخرى } ، ويتحقق في خمس صور للسلوك الإجرامي : [
الإبادة الجماعية ، والتآمر على إرتكاب الإبادة الجماعية ،
والتحريض المباشر والعلني على وإرتكاب الإبادة الجماعية ،
ومحاولة إرتكاب الإبادة الجماعية ، والإشتراك في الإبادة
الجماعية ] ؟ !
13.
صدرت أحكام براءة لـ (10) متهمين ، وهذا ما لم يحصل في
بقية المحاكمات ؟ !
14.
وعليه فهل كل تلك الوقائع والأحداث كانت مجرد صدفة بحتة لا
أكثر ؟ ! |