هذا أنا كما أنا

 

عبد الستار نورعلي

 

 

 هذا أنا كما أنا،

 

*  *  *

 

لايزالُ الوجهُ وجهي

لايزالُ اللونُ لوني

لاتزالُ العينُ عيني

لايزالُ الحرفُ حرفي

لايزالُ الصوتُ صوتي

لاتزالُ الرؤيةُ الصافيةُ الأحداقِ

دنيايَ وأحلامي وبيتي

لايزالُ الناسُ في كل زوايا الفقرِ ناسي

فهمو زادي وكاسي

شجري وردي وآسي

ونديمي

وأنا وحدي نزيلٌ في الأماسي

بينَ كأسٍ واحتباسِ

وهمو نبضُ حروفي

في بحاري والمراسي

حبهمْ تاجٌ ثمينٌ

فوق راسي

 

*  *  *  *  *

 

فأنا لم أتغيرْ

أبداً

لنْ أتغيرْ

 

*  *  *  *  *

 

أنا هذا وسطَ الستينْ

مرتْ منْ غيرِ تلاوينْ

ماكنتُ رهينَ الوجهينْ

أو ثعباناً بلسانينْ

أتراقصُ فوق الحبلينْ

فانظرْ، وتأملْ بيقينْ!

ياذا القلبِ المَيعاشرْ غشْ *

أو يزرعُ أنيابَ الوحشْ

أو يملكُ تاريخاً هَشْ

ولساناً كلسانِ حَنَشْ!

 

أنا هذا من غير الغشْ

ما كنتٌُ بتاريخٍ هَشْ

كذاباً تزويراً طشْ *

أو مخلبَ حيوانٍ وحشْ

أو صوتاً منْ سمٍ رَشْ

أو قلباً يملؤهُ دَغَشْ *

 

أنا لا أملكُ غيرَ الدمْ

أصفى من نبعٍ زَمْزَمْ

لمْ يتلوثْ

لا بشرابٍ

لا بطعامٍ

مسروقٍ منْ جائعِ فمْ

أو طفلٍ منْ غير الدمْ

 

أنا لا أملكُ غيرَ الحرفْ

ما كانتْ يوماً تلتفْ

مثلَ الأفعى

أو تصـطفْ

في أسواقِ البياعينْ

في أعقابِ الغشاشينْ

في أبوابِ المغتصبينْ

أوطاناً وحياةَ أممْ،

أنا لا أملكُ غيرَ قلمْ

لا يعرفُ عنوانَ الذمْ

أو بيعَ الذمةِ والفمْ.

 

أنا لا أملكُ غيرَ القلبْ

معجوناً ببياض الدربْ

وأصيلاً منْ خيرِ نسبْ

ينبوعاً منْ فيض الحبْ

لم يتدنسْ

لابالكرهِ

لا بالحقدِ

لا بالبغضِ

لابالرفضِ

إلا  لصدى الدجالينْ

وكلامٍ للمغشوشينْ

ونفاقٍ للمداحينْ

وشعارٍ منْ كل صَنمْ.

 

أنا هذا عبدُ الأنوارْ

سيرةُ إكليلٍ منْ غارْ

ما غازلَ يوماً جبارْ

أو عاشرَ ذئباً غدارْ

أو أشرعَ للغازي دارْ

أو باعَ النفسَ بدولارْ

أو أحنى الرأسَ لإعصارْ

كي ينعمَ في رِقِ خَدَمْ

 

انا هذا منْ غيرِ ندمْ

لم أوذي نملاً وغنمْ

أو آكلُ مااللهُ حَرَمْ

فأنامُ على صوتِ نغمْ

يخلو منْ وخْزاتِ ألمْ

 

 

* المَيْعاشِرْ: بمعنى الذي ما يعاشِر، باللهجة العراقية

* طشَ: نشرَ

* دَغَش: شك وريبة

 

الثلاثاء 13 مايس 2008