الكورد الفيليون ... ومتاهة الخطوط الحمراء (2) -
ضياء السورملي
[12-02-2005]
منذ
سقوط الصنم في احد ساحات بغداد منهيا حقبة مظلمة في التأريخ العراقي الحديث
استمرت اكثر من ثلاثة عقود . بدأت حقبة جديدة اول مراحلها الصراع من اجل
تصفية الجيوب المتبقية من العهد المباد ، ومكافحة التخلف والتركة الثقيلة
التي تركها وراءه النظام المقبور ،حيث الفساد والتخلف متفشيا في كل مرافقه ،
من مظاهر هذا التخلف انهيار مؤسسات ومرافق الدولة والنخر والسوس الذي اصاب كل
مرافقها نتيجة تسلط قيادة وزمرة متخلفة وجاهلة بكل المقاييس والأعراف ، اضافة
الى كل ذلك دخول العراق في متاهات حروب طويلة لا طائل ولا مبرر لها على
الأطلاق ، وما صاحبها من نتائج وخيمة منها الحصار الذي فرض على الشعب العراقي
الذي ابتلى بهكذا حكم جائر وطاغية ارعن ، وزمرة باغية جاهلة مسيطرة على
مقدرات هذا الشعب الذي ينعم بكل مقومات الشعوب القوية المنعمة المترفة لو
توفرت له اساليب العيش الكريم ولو لم يحاصر في دوامة من المتاهات المتداخلة
والمترابكة والمتشابكة والتي لا مدخل فيها ولا مخرج منها .
وعلى الرغم من صعوبة وتعقيدات هذه المرحلة وحاجتها الى قوة عاتية ذات
امكانيات وتقنيات هائلة وروح التحدي الكبير نجح الشعب العراقي باجتياز اول
حاجز وهدم اول متاهة من خلال الأنتخابات الحرة التي حددت معالم الخارطة التي
ستفكك وتحل رموز ومسارات المتاهة التي تلف العراق والعراقيين جميعا ، أما
المتاهة الثانية والمطلوب من العراقيين هدمها ستتم عندما ينجح العراقيون
بتصميمهم باعداد الدستور الدائم المتكامل وتشكيل حكومة وطنية تمثل تطلعات
واماني الشعب العراقي بكل مكوناته وتحقيق الحكم الفدرالي والرفاهية لأبناء
هذا البلد الراقي .
ان حلم الخروج من أي متاهة لا يتحقق ما لم يستند على فرضيات واسس صحيحة
ودراسة لكل المسارات والأحتمالات النظرية والعملية ووضع نماذج محاكاة
Simulation لكل متاهة مهما كانت صغيرة من اجل الخروج منها وفك رموز حلها ومن
ثم الوصول للحل المناسب والأمثل
ان نموذج كارثة الكورد الفيليين تصلح لأن تكون نموذجا أمثلا للدراسات
التحليلية لمن يريد دراسة شعب عريق ادخل في متاهة رغما عنه ويروم الخروج رغم
كل الصعوبات والعراقيل من هذه المتاهة الكبيرة والمعقدة والتي ظلوا يلفون
ويدورون بها منذ ردح كبير من الزمن حيث وضعت في طريق مسارهم الكثير من القيود
والعقبات والعراقيل والشروط التعجيزية والتدميرية والتي قضت على العديد منهم
وهم في اول مسار من هذه المتاهة والتي ساسميها متاهة الكورد الفيليين وهي
تعبير مجازي لكارثة الكورد الفيليين .
نتيجة للظروف التي مر بها الكورد الفيليين خلال الفترة الماضية ونتيجة
للجرائم الآنفة الذكر ، ظلت فكرة تشكيل احزاب سياسية وكيانات مستقلة تشغل بال
الكثير من الفيليين الكورد وتمثلت هذه النشاطات بداية بتشكيل المواكب
الحسينية في شهر محرم الحرام والفسحة الصغيرة من الحرية المتاحة لهم في
ممارسة مثل هذه الشعائر ذات الصبغة الدينية ، ولو شعر المسؤلون في اي مرحلة
من المراحل بخطورة هذا التوجه وتسيسه لتم قمعه في مهده ولتم تكفير كل من يقوم
بهذه الشعائر واصحابها مثلما حدث في العراق
ثم بادر وتوجه الكورد الفيليين بتشكيل الجمعيات والمنظمات الخيرية في البلدان
الأوربية مستفيدين من الفسحة الواسعة من الممارسة الديمقراطية في هذه البلدان
واستطاعوا ان يلموا شملهم في الأماكن التي يتواجدون فيها على الرغم من ضعف
الأداء والتشتت والتشرذم الا انها استطاعت ان تنمو بسبب التطور التكنولوجي
وتقنية الشبكة المعلوماتية وبسبب همة وصمود المثقفين والكوادرالعلمية من
المهندسين وذوي الكفاءات العلمية ولعبها الدور الريادي في توثيق الجرائم
وقوائم الشهداء وتأسيس صفحات ثابتة على الشبكة المعلوماتية مما ساعد على
ديمومة التواصل وعدم فقدانها او ضياعها ، كما وساعد وسرع التنامي في التلاحم
بين الكورد الفيليين انفسهم من جهة وبين الكورد بشكل عام من جهة اخرى
والعراقيين كافة بشكل أعم هو سقوط النظام العراقي وطاغيته المجرم صدام حسين
وحزبه الفاشي وسيطرة القوات الأميركية والقوى المتحالفة معها على مقاليد
الحكم ، هذا التطور اعطى دفعات وجرعات تقوية هائلة في سبيل لملمة الصفوف
تمهيدا للوصول الى كسر كل جدران المتاهة التي كان الكورد الفيليين محاطين بها
.
ان جميع الكيانات والتنظيمات الفيلية والعشائرية المشكلة حديثا هي ظاهرة صحية
وديموقراطية التوجه وهي اسلوب ناجح وحضاري سيؤدي لاحقا الى لم شملها جميعا في
كيان سياسي موحد سيصبح حقيقة واقعية وان لا حلول غيرجمعها ولم شملها ، ولا
سبيل لحل مشاكلنا الا بالتوحد والتلاحم وهذا هو عين العقل والحكمة المنطقية
لتجارب شعوب الأرض المضطهدة والمنكوبة التي سبقتنا الى حل مشاكلها
ان تفاصيل الأتفاق على اسم الكيان السياسي او الحزب ومنهجه او دستوره ومكان
انعقاده واهدافه هي امور تنظيمية بحتة وتحتاج الى جهد كبير وستكون يسيرة
ومتيسرة اذا ما خضعت للحوار الوطني الهادف والبناء وتقديم المصالح العامة على
المصالح الشخصية وتبني النخبة النيرة من ذوي الخبرة والكفاءة من المخلصين
الواعين لشوؤن الجالية والتفاهم والتشاور المكثف للوصول الى الحل الأمثل
والخروج من هذه المتاهة المعقدة
يتوجب علينا ان نعرف ما هو المطلوب منا في المرحلة الحالية وما هو المطلوب
منا على المدى البعيد ، في هذه المرحلة يتوجب علينا ان نعرف ماذا نريد لكي
نوصل صوتنا الى الآخرين وتتلخص جهودنا ومطالبنا الآنية بما يلي
• ان يكون لنا قرارا موحدا ومطالب موحدة وهيئة دفاع قانونية متخصصة ومشكلة
بأمر من ممثلينا للدفاع عن حقوقنا المهدورة والمباحة
• ان نستطيع المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بنا اولا وعلى اقل تقدير
وهنا يجب ان نعرف انفسنا للآخرين من نحن ومن نكون وعلى اية ارضية قانونية
نستند ومن ثم نطالب باشراكنا في القرارات المتعلقة بغيرنا وضمن الدستور
الجديد الذي يضمن لنا هذا الحق من دون شك
• ان يكون لنا تمثيل وادارة في الدوائر والمديريات والشعب الحكومية التي تخص
امورنا مثل مديرية الأقامة والجنسية والجوازات والسفر ووزارة حقوق الأنسان
ووزارة الهجرة والمهجرين ووزارة الداخلية والخارجية وان يكون التمثيل قويا
ومدعوما من السلطة التنفيذية والتشريعية وموثقة في الدستور العراقي الدائم
المزمع اعداده
• تشكيل محكمة متخصصة بالجرائم التي ارتكبت بحق الكورد الفيليين والكورد
والعراقيين وان تتم محاكمة عادلة لكل من سولت له نفسه النيل والأعتداء والقتل
وتغييب خيرة شبابنا والكثير من افراد جاليتنا وشعبنا
• نريد رد الأعتبار والتعويض المادي والأدبي لكل من تعرض الى جريمة التطهير
العرقي وجريمة الأبعاد عن الوطن وجريمة مصادرة الممتلكات المنقولة وغير
المنقولة واصدار قانون ينظم هذه العملية
• نريد اعادة المهجرين وتوطينهم وتاهيلهم للعمل باسرع ما يمكن وتهيئة كافة
سبل العيش والحياة الحرة الكريمة واصدار قانون ينظم هذه العملية وعدم التهاون
بمقدرات جاليتنا المناضلة
• ان يتم تمثيلنا في البرلمان الكردي والبرلمان العراقي بشكل يليق بالتضحيات
الجسام التي قدمها الكورد الفيليين وبنسبه عدد نفوسهم
ان دولة القانون وتشريع الدستور هما اكبر ضمان لنصرة كل المظلومين من شعبنا
وعندما نتكلم عن جاليتنا الكوردية الفيلية لا يعني اننا ننفي حقوق الأخرين بل
نشد على ايدي الجميع ان يتكاتفوا وينظموا انفسهم للعمل معا على اعلاء كلمة
الحق ونصرة جميع المظلومين من جميع الملل والطوائف والأقليات العرقية
والأثنية والدينية بدون تمييز ولا يضيع حق وراءه مطالب
ضياء السورملي ـ لندن
Kadhem@hotmail.com