التقاعد الوظيفي والتقاعد السياسي - ضياء
السورملي
[03-03-2005]
عندما
يبلغ الأنسان مرحلة متقدمة من عمره يحال فيها على التقاعد او على المعاش ،
وسن التقاعد تختلف من دولة الى اخرى ، بعض الدول يكون السن التقاعدي فيها
عندما يبلغ الشخص سن السبعين عاما من عمره او يحال على المعاش عندما يخدم في
دوائر الدولة لمدة ثلاثين عاما تزيد او تقل حسب نوع الوظيفة وشروط العقد
والتوظيف ، كما أن السن التقاعدية للمراة في بعض البلدان اقل من سن الرجل
التقاعدي ، وهناك تقاعد العجز او التقاعد نتيجة العوق او التقاعد لأسباب صحية
او نتيجة للتخلف العقلي كل هذه الأمور التقاعدية يحكمها ويتحكم بها قانون خاص
يسمى قانون التقاعد
النوع الثاني من التقاعد والذي يختلف عن التقاعد القانوني هو الأحالة على
التقاعد او الأحالة على المعاش لأسباب سياسية وهذه جريمة مخالفة للقانون
لأنها اصلا لا تستند على اي مادة قانونية وانما يتم تطبيقها بشكل تعسفي على
المعارضين للنظام وعلى الأشخاص الذين يختلفون مع اصحاب القرار السياسي بالرأي
والأفكار والأنتساب السياسي الفكري فيتم عزلهم عن وظائفهم واحالتهم على
التقاعد في سبيل منعهم من المشاركة السياسية والفكرية بسبب الرأي المخالف عند
اتخاذ القرار وممارستها كنوع من العقوبة والضغط النفسي والأجتماعي وتضييق سبل
العيش امام الشخص المنفذ به هذا النوع من الحكم
لقد تم العمل بهذا الأجراء والمقصود به الأحالة على التقاعد لأسباب سياسية
بشكل واسع وتمت ممارسته على عدد كبير من المواطنين والموظفين السياسين وغير
السياسين بهذه الحجة وتم احالتهم على التقاعد لأسباب سياسية في العهود
البائدة الماضية ، هذه الأجراءات هي مخالفة صريحة وواضحة لمبادئ حقوق الأنسان
العالمي ويتوجب على الحكومة الجديدة والمنتخبة الأنتباه لها ومعالجتها ومنع
ممارستها تحت اي ذريعة وادراجها ضمن مبادئ الدستور الدائم المزمع اعداده في
هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ بلادنا
النوع الثالث من التقاعد هو التقاعد السياسي ، والسؤال الذي اطرحه على
السياسيين هو متى يكون الوقت الذي يناسبكم لكي تتقاعدوا ؟ ولكي اكون اكثر
وضوحا وحتى ندخل في صلب الموضوع ، أورد بعض الأمثلة لساسة تمسكوا بمناصبهم
بكل ما يملكون من جاه وقوة ورهبة وطغيان وبطش وشراء للذمم وبيع للوطن
والمواطنين والأعتداء على شعوبهم واذلال هذه الشعوب في سبيل البقاء في المنصب
السياسي وعدم التقاعد او الأحالة على التقاعد وعلى سبيل المثال نبدا بالسيد
رئيس جمهورية تونس السابق الحبيب بورقيبة ، حيث وصل الى مرحلة الخرف والهذيان
وهو في كرسي الحكم وتم تنحيته عن منصبه بقدرة قادر ، وخلفه من بعده الرئيس
زين العابدين بن علي ولا نعرف متى سيتم احالته هو الأخر على المعاش لأنه باق
كما يبدو من دون منازع ولا وازع
ومثال اخر هو رئيس جمهورية مصر العربية الرئيس حسني مبارك الذي تمسك بالمنصب
وبقانون الطوارئ لأكثر من اربعين عاما مضافا اليها خدمته السابقة ويبدو انه
غير مشمول بالتقاعد او الأحالة على المعاش لأنه لايزال في عز شبابه وريعانة
حكمه وربما لم يحن الوقت المناسب لظهور الحاكم المنتظر في مصر ام الدنيا التي
تصدر العلم والعلماء لكافة البلدان والأرجاء أو ربما مثلما يعتقد سيادة
الرئيس ومستشاروه وضباط مخابراته انه لا يوجد مرشح كفوء لكي يحل محله
وتشاء الصدف في مثالنا التالي ان يكون حاكمنا من افريقية ايضا صاحب النظرية
الثورية ، وهنا يختلف الأمر قليلا لأن السياسي الذي نتكلم عنه قائد ثورة وليس
حاكما كما يحلو لنا ان نعتقد او كما يحلو له ان يسمي نفسه ، حيث ان الحكم في
هذا البلد الجماهيري هو بيد الجماهير نفسها بدون منازع وعبارة غير قابلة
للنقاش ، فهذا البلد ديمقراطي الى ابعد المديات والحدود وعلى الجميع ان يتعلم
منه الديمقراطية والتي يختصرها العقيد بعبارة ديمة كراسي ، واليوم بالذات
صدرت دعوة الى بريطانيا والدول الأوربية كي تتعلم من الديمقراطية الجماهيرية
قبل فوات الأوان ، وسؤالي هو متى يتقاعد هذا السياسي الحكيم ومتى يحال على
المعاش لكي يفسح المجال لمخلوق اخر شاب جديد ذو طموحات ثورية ان يجرب حظه وان
يقوم باكتشاف نظرية جديدة ينظر بها مثله او ربما احسن منه
ولكي اكون منصفا مع من ذكرتهم علي ان اذكر الساسة الذين يحكمون في بلادي
العراق واولهم طاغيته جربوع العراق صدام حسين التكريتي ، عار مدينة تكريت
وعار العراق الذي تمسك بكرسي الحكم من دون ان يزحزحه مزحزح ، رغم المحاولات
الكثيرة التي بذلت في هذا الجانب ، حتى جاءه الزلزال الأمريكي والجزمة
الأمريكية التي داست على رأسه ورقبته وثورة الشعب العراقي الباسل الذي اقتلعه
من الجذور هو ومن ناصره في التمسك بالكرسي ، وتم احالته على التقاعد القانوني
المصحوب بالحبس الأحترازي لحين البت في احالته الدائمية والأبدية على التقاعد
والمعاش ليقضي بقي عمره الرذيل في مقبرة اسمها مزابل التأريخ شاء ام أبى
وفي الختام أود ان أذكر كافة السياسيين العراقيين بكافة تشعباتهم من أخذ
العبرة والحكمة من دروس الشعوب ومن ظلم حكامها وما حصل لهم نتيجة التمسك
بالحياة السياسية وكرسي الحكم وعدم التقاعد في الوقت المناسب ، كما واذكر
القادة منهم ممن اصبحوا وبالا على احزابهم واصبحت عتيقة وبالية افكارهم حتى
ملت منهم جماهيرهم واحزابهم ، ادعوهم مخلصا ان يحيلوا انفسهم على التقاعد
بانفسهم قبل فوات الأوان وخصوصا اذا عرفوا ان نضالهم السياسي قد انتهى وانه
حان الوقت للتقاعد
أن حكم الشعب قاسي ومؤلم بحق من لا يعرف قدر نفسه ولا يوجد اي مبرر لفلسفة
البقاء في كرسي الحكم ، خذوا العبرة من جربوع العراق وجرذ العوجة وفرعون
زمانه وطاغية افنى شعبه وبلاده طمعا بكرسي الحكم وعدم تقاعده السياسي في
الوقت المناسب
ضياء السورملي ـ لندن
Kadhem@hotmail.com