نماذج من الأرهاب في فكر حزب البعث - ضياء السورملي


[13-03-2005]

ضياء السورملي ـ لندن

عندما تسلمت السلطة الغاشمة لمقاليد الحكم في العراق بانقلاب عسكري في تموز سنة 1968 ، عمدت الى محاولات فرض القوة من خلال القمع المنظم لكل القوى العاملة في المجتمع العراقي ، و تمثلت بداية هذه الممارسات باختبار مدى استجابة قوات الشرطة والمنظمات الحزبية للاوامر الصادرة اليها والسرعة والدقة في تنفيذ الأوامر

بدأت التجربة بان صدرت الأوامر الى مراكز الشرطة وكافة المنظمات الحزبية في كافة انحاء العراق بالتحرك على جميع القطط والكلاب بصيدها او مسكها وقتلها وحددت مبلغا قدره درهم واحد لكل شخص يمسك قطة ومبلغ ربع دينار واحد لكل شخص يمسك كلب ويسلمه للشرطة ، رصدت المبالغ اللازمة لذلك وهرع رجال الشرطة ومعاوني مراكز الشرطة والرتب تعلو اكتافهم في منظر مضحك ومثير للسخرية واضعين كل امكانياتهم لصيد اكبر عدد ممكن من القطط والكلاب مهرولين عدوا في الأزقة والدرابين بحثا عن طرائدهم من القطط والكلاب المسكينة ، كانت الأستجابة ممتازة والتنفيذ مثالي ولم يرد اي تذمر او اعتراض على اوامر القيادة العليا ، يبدو ان الأمر طبيعيا ولا وجه غرابة في الموضوع

لم تمض فترة طويلة حتى صدرت تعليمات جديدة تطلب فيها من الناس الأنتماء الى صفوف حزب الطغمة الحاكمة ووزعت الأستمارات اللازمة ووضعت شرطا في الأستمارة باعدام كل من يثبت انتماءه الى حزب سابق اذا لم يخبر او يدلي بمعلومات عن انتماءه السابق وبدأت ملاحقة واعتقال كل من لم ينتم الى هذا الحزب البعثفاشي ،

في هذه الفترة سخر الحزب امكانيات السلطة لقمع كل من يعارض افكاره واضعا امكانيات الجيش والشرطة واموال الدولة في خدمة هذا الهدف الفاشي ومارست اساليب الترغيب تارة واساليب الترهيب تارة اخرى

شملت اساليب الترغيب اشكالا عديدة منها منح الزمالات والبعثات الدراسية للطلبة بشرط انتماءهم الى الحزب البعثفاشي بالرغم من عدم توفر الكفاءات بهم وهذه كانت بداية لفقد مبدأ من المبادئ المهمة والى الأبد في العراق وهو مبدأ تكافؤ الفرص لجميع العراقيين من دون تمييز

ومن مبادئ الترغيب الأخرى منح المناصب العليا وقيادات الجيش والشرطة والبعثات الدبلوماسية والصلاحيات القمعية لكل من ينتسب لهذا الحزب

ومن جانب آخر يتم عزل وفصل وملاحقة ومطاردة الذين لا يرغبون في الأنتماء الى هذا الحزب واعتقالهم وزجهم في السجون من دون محاكمة ، استمرت هذه الممارسات الجائرة وزاد القتل والأرهاب بوتيرة متصاعدة الى ان توج بالحرب العراقية الأيرانية واحتلال الكويت وسقوط النظام في 9 نيسان 2003 حيث هزمت هذه السلطة شر هزيمة

بدأت القوى الخائبة من فلول النظام باستعادة انفاسها نتيجة لعدم حزم القائمين على الأمن وضعف خبراتهم وعدم تخصصهم ونتيجة لتوزيع المناصب باسلوب يعتمد على المحاصصة الحزبية والتوافقية وبسبب التراكم الكمي من المشاكل المتوارثة من مخلفات النظام السابق ، واختراق الأجهزة الأمنية والمخابراتية من قبل العناصر البعثية السابقة وولوج عناصر مخاباراتية من دول متعددة لها اهدافها الخاصة

كل هذه العوامل وغيرها سهلت الأمور واوجدت مرتعا خصبا لكي تبدأ القوى الظلامية الشريرة ويتمكن المجرمون من ان يضمدوا جراحهم ويتمكنوا من جمع صفوفهم من دون ان يوجه لهم الردع الحاسم والسريع ولم يواجهوا بمقاومة تذكر واستطاعوا البدء بممارسة الأدوار السابقة التي عهدت اليهم من قتل ونهب وسلب ورشوة ومحسوبية ومنسوبية وفساد اداري متلبسين بثياب غير ثيابهم العسكرية السابقة ، هذه المرة لبسوا ثياب هيئة رجال الدين ورؤساء عشائر وتجار ومقاولين وسماسرة وتنكروا بوجوه غير وجوهم ولكن بقيت افعالهم وممارساتهم تفضحهم ودليل ذلك هو القتل والخطف والتفجيرات في اماكن العبادة والمراكز الخاصة بالمدنيين وخطف الأجانب الذين جاءوا ليعملوا في المشاريع الأعمارية و نصرة الشعب العراقي

ان المقابر الجماعية المنتشرة في كل مكان من العراق في زمن حكم النظام السابق هو خير شاهد على حجم الدمار والأرهاب الذي مارسته السلطة الفاشية بحق الشعب العراقي المضطهد والمغلوب على امره من جراء تكالب قوى غاشمة على مقدراته

وما مجزرة القصف الكيمياوي وضرب حلبجة ومناطق الجنوب بالغازات السامة وحملات الأنفال والتطهير العرقي وتجفيف الأهوار وتهجير الكرد الفيليين وقتل الآلاف من ابناءهم واعدام رموز رجال الدين الشيعة والأعدامات الجماعية في السليمانية والبصرة والدجيل واماكن عديدة من العراق واعتقال واغتصاب النساء واعدامهن بشكل بشع وحرق بساتين النخيل والأشجار وقتل المواشي والأغنام في سهول الرعي في كردستان و تدمير القرى وازالتها من خارطة العراق الا دليل على نماذج بشعة من الأرهاب الذي مورس ضد الشعب العراقي

كل هذا لا يمثل الا النزر اليسير في تأريخ هذا الحزب المقيت والفاشي لذا ادعو الى منع ممارسة كل نشاطات هذا الحزب ومحاكمة كل من تلطخت يده بقتل انسان او كائن حي من البشر وان يمنع قيادييه من المشاركة في اي سلطة في الحكومات التي تحكم العراق ولا يجوز المساومة مع الذين دمروا العراق ومارسوا الجريمة بحق ابناءه
كما يجب بالمقابل تكريم الشهداء وذويهم وعوائلهم ونصرتهم وتعويضهم ورد الأعتبار المادي والمعنوي لهم وتخليد الأبطال منهم