الدكتور عبد الرحمن قاسملو

 

يوجد في ايران ما يزيد عن خمسة عشرة مليون نسمة من الكورد من مجموع 70 مليون نسمه يمثلون نفوس الجمهورية الأسلامية الأيرانية ، لقد لعب الكورد في ايران دورا سياسيا مهما في النضال من اجل استقلال كردستان وان قيام جمهورية مهاباد سنة 1945 والتي استمرت قرابة عام واحد تقريبا والتي تم قمعها بقوة السلاح وتكالب القوى الدولية المتمثلة بالأتحاد السوفيتي سابقا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية ونظام الشاه المقبور في انهاء هذه الجمهورية الفتية والتآمر على قمعها لا لشئ الا لتلبية مصالح دولهم على حساب كرامة واستقلال الشعب الكوردي  

استمرت المؤامرات واستمر القمع تجاه الشعب الكوردي في كوردستان ايران من قبل الشاه وبعد حكم الشاه في الحقبة التي اعقبتها من التغيير وخلال تسلم الأمام الخميني مقاليد وزعامة الحكم في ايران وقيام الجمهورية الأسلامية الأيرانية كما واستمرت المؤامرات  على الشعب الكوردي في باقي اجزاء كوردستان الأخرى مثل العراق وتركيا وسوريا

 

لقد وقع قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني في ايران في احابيل السياسة الايرانية الماكرة ، وما يحملونه من فكر استبدادي متسلط ومتشدد ينبع من العنصرية المقيتة للجنس الفارسي وقمعه واضطهاده لبقية الأعراق والأقليات  الأثنية والطوائف والقوميات المتعددة التي تشكل تركيبة الأمة الأيرانية والشعوب المتواجدة في الأمبراطورية الفارسية السابقة

 

لقد لعبت شخصيات كوردية ادوارا محترمة في سبيل نهضة الكورد في ايران وقد كان لرؤساء العشائر الكوردية والتجار واصحاب الأراضي والمثقفين الكورد نضالات واضحة ومتميزة في تاريخ الحركة التحررية الكوردية في ايران

ولكن عدم المثابرة والتقاعس والتعاون مع اقطاب النظام الأيراني وتغليب المصالح الشخصية على المصالح الوطنية ومصالح الشعب الكوردي ادى الى انهيار الحركة وتزعزعها وضعفها

 

كما ان الأنضمام والمشاركة في صفوف الجيش الأيراني واستغلال جنرالات الجيش الأيراني لنفوذ الكورد المتنفذين لضرب ابناء الشعب الكوردي ساهم بشكل فعال في ضعف وايذاء الحركة الكردية في ايران وكانت الخسارة قاسية جدا اثناء انضمام بعض المتنفذين من الكورد الى صفوف الجيش الغازي بقيادة الجنرال همايوني وقد كان على رأس هؤلاء مام عزيز قرني أغا رئيس قبائل مامش وبايزيد أغا زعيم عشيرة المانغور لقد كان هذا العمل من الأعمال المشينة التي قام بها هؤلاء المتنفذين في سبيل ارضاء الحكومة الأيرانية والحفاظ على مصالحهم ولقد شهدنا في العراق مثل هذه الحركات  والتي تسمى بالجحوش والتي كانت تمد يدها وتعمل مع النظام العفلقي الصدامي البائد ، وبالمقابل  كانت هناك قوات كوردية باسلة رفضت الخيانة والأنصياع وبذلت مقاومة باسلة ضد الجيش الأيراني الغازي 

 

 

 لقد تم أغتيال الدكتور عبد الرحمن قاسملو رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني بمدينة فينا عاصمة النمسا في 13 / تموز / 1989  مع اثنين من رفاقه على ايدي عناصر رذيلة من المخابرات الأيرانية وكانت الأوامر قد صدرت مباشرة من المدعو هاشمي احمد رفسنجاني وكان احد المتورطين في العمل الدنئ هو محمود أحمدي نجاد المترشح الحالي لمنصب رئاسة الجمهورية ! والذي تمتلك حكومة النمسا كل الأدلة الجنائية والثبوتية بتورط هذا الشخص بهذه الجريمة

 

لقد تم استدراج الدكتور عبد الرحمن قاسملو لأجراء مفاوضات مع الجانب الأيراني ولكن يد الغدر الأثمة والأغتيال السياسي هي اللغة الوحيدة التي يفهمها من تستر خلف راية الدين فكان ان تم اغتيال الدكتور قاسملو مع اثنين من رفاقة  

 

ان هذه الجريمة الشنيعة لم تلق الترحيب ولا القبول في جميع الأوساط السياسية الشريفة وان اجراءات المسؤولين في النمسا لم تكن فعالة بل كان يشم منها رائحة التواطؤ بسبب المصالح الضيقة لتلك الدولة مع ايران وهذا السيناريو واقصد التواطؤ مع الدولة الراعية للأرهاب تكرر حدوثه في لبنان عند اغتيال الشهيد طالب السهيل المناضل العراقي حيث تم الأفراج عن قتلته بعد سنتين فقط من وقت الجريمة ومن دون ملاحقة قانونية جادة ارضاء لنظام الطاغية صدام والضغوط التي كان يمارسها على الدول من الناحية الأقتصادية والتجارية في سبيل تلبية طموحاته في القتل والأغتيال للشخصيات المعارضة

 

ومن بعد جريمة اغتيال قاسملو ورفيقيه  تم اغتيال المناضل صادق شرف كندي في برلين في 17/ ايلول / 1992 على ايدي عناصر المخابرات الايرانية ، الذين استطاعوا الهروب والاختفاء دون ان يتعرضو للملاحقة من قبل الاجهزة المختصة في المانيا ، لم يتم اتخاذ اي اجراءات ذات مغزى باستثناء الصخب الأعلامي والتنديد الخجول ضد عناصر الجريمة وتم اقفال الملف الجنائي بعد ذلك من دون معرفة الجناة او ملاحقتهم بشكل جاد ومؤثر وفعال ونستنتج من ذلك كله وجود ايادي قوية ومؤثرة واطراف حكومية ايرانية تقف بقوة وراء هذه اللعبة القذرة واقصد بها لعبة اغتيال السياسين المعارضين لرموزهم الحاكمة ومن قيادات الجهل والتخلف والتعصب والمتشددين من الأيرانيين

 

لقد نشرت مجلة دراسات كوردية في عددها المرقم 8 الصادر في باريس سنة 1993 وفي صفحة 49 تصريحا لأبنة الزعيم الكوردي هيلين قاسملو قالت فيه

" لازالت الحكومة النمساوية تماطل في احقاق العدالة فيما يخص هذه القضية . وهل معنى ذلك ان الشعب الكوردي حتى في بلد ديمقراطي وفي قلب اوربا لايمكن ان يطمح في احقاق حقوقه "

 

واليوم وبعد اكثر من 12 سنة على رحيل الزعيم الكوردي المناضل قاسملو تتذكر الحكومة النمساوية الحدث وتؤكد على تورط المدعو محمود أحمدي نجاد في جريمة القتل ويظهر ملف القتلة من جديد ليس حبا في قاسملو ولكن لأن القاتل ترشح الى منصب رئيس جمهورية ايران واذا كان بالأمكان الأستفادة من هذا الملف لأبتزاز الجمهورية الأسلامية واحراج رئيسها المنتخب !!

 

وهنا من حقنا ان نتساءل باعتبارنا من القومية الكوردية هل يحق لمجرم وارهابي بمستوى محمود أحمدي نجاد ان يتقلد منصب رئيس الجمهورية الأسلامية ؟ بالنسبة لنا لا يعنينا ان تقلد منصب الرئاسة او اي منصب اخر ولكن الذي يهمنا هو ان يتم القصاص من المجرمين  المسئولين عن ارتكاب جريمة اغتيال قاسملو ورفاقة ومثولهم امام العدالة مثلما حدث في قضية لوكربي أوحادثة تفجير الطائرة الأسكتلندية فوق الأراضي الهولندية في لاهاي  

ان الحكومة الأيرانية والمخابرات الأيرانية تلعب لعبة خطرة في العراق من خلال محاولتها ضرب الكورد بالكورد وتاسيس واجهات كوردية من الكورد الشيعة وتحاول ابراز نفسها على الساحة العراقية بانها من المناصرين للكورد والحقيقة هي انها من الدول التي لها تاريخ اسود في مواجهة الكورد وقمعهم واضطهادهم منذ نشوء الأمبراطورية الشهاهنشاهية المقبورة وتسلم الأمام الخميني زعامة ايران وقيام الجمهورية الأسلامية في ايران

ان تسلم منصب الرئاسة من قبل شخص متورط في الأرهاب وفي قتل الزعيم الكوردي قاسملو ورفاقة يشكل نقطة سوداء في تاريخ ايران الحديث وسؤالنا هل سيكون هذا القائد الأرهابي زعيما لفرق الأغتيالات ؟ ان تجربة صدام حسين في العراق وحكمه الأرهابي ما هو الا مثال نموذجي لحكم الأرهاب في المنطقة فهل ستنجح ايران في ان يمر عليها هذا المسلسل الأرهابي مثلما حصل في العراق وهل سينتهي مثلما انتهى وبنفس القساوة في العراق وهل ستسمح اميركا بان يمر تعيين ارهابي بمستوى محمود أحمدي نجاد مرور الكرام ؟

 سننتظر ونرى ما يخبئه الزمن من مفآجآة خصوصا وان نهاية العهد العفلقي والصدامي كانت مأساوية وقد تلقى اشد الضربات من  نفس الناس الذين كانوا يمدون له يد المساعدة وهم انفسهم من كان يزوده بالمال والسلاح والخبرة العسكرية فهل نفعت كل تلك الأمور وهل يتعض الحكام ويقاوموا حكم الزمن وقدرة الشعوب في تقرير مصيرها وهل ان النهاية الرذيلة في العراق ستكون المفتاح السحري لكل الأبواب ولكل العقول المغلقة والتي لا تريد ان تفهم وتعي دورة عجلة الزمن والتاريخ بشكل سريع سننتطر ونرى وان غدا لناطره لقريب

ضياء السورملي – لندن

kadhem@hotmail.com

www.kadhem.net