زيارة الموت الكارثية في الكاظمية -  ضياء السورملي

2005-9-1

 

هل تمثل هذه الزيارة استعراضا للقوة الشيعية ومسؤوليهم في زمن أصبح كل ركن من أركانه في العراق ساحة حرب وأحتلال وأنفلات أمني وفرهود كارثي ؟  وهل يصح ان تتم هذه الزيارة الكارثية  في زمن يقتل فيه كومة من البشر بخمسين دولارا ؟   أم  أن هذه الزيارة جاءت  إستعراضا لأنتقام أهل السنة من التكفيرين والوهابيين ممثلة بعلماء التفخيخ والقتل على الهوية من قبل أمرائهم من القتلة،  أم أن هذه الزيارة جاءت إستعراضا لقوات الأمن والمخابرات والأستخبارات العسكرية المنحلة في بداية سقوط النظام ورجوعهم بقوة الى كافة مرافق الدولة الشيعية السنية المسيحية الصابئية اليزيدية  العربية  الكردية الفدرالية الأتحادية البرلمانية الموحدة العظمى المهزوزة أمنيا واقتصاديا وفكريا وتربويا وخلقيا  

 

أسئلة كثيرة يحتار المرء في فهمها ، نحن نفهم أن هذه الزيارة  كان يقوم بها  جمع من الناس البسطاء المخلصين المؤمنين من الشيعة في كل سنه من دون ضجة وإنفعال ومن دون تصريحات مسبقة وإعلانات من قبل مسؤول الأمن الوطني أو وزير الداخلية أو وزير الدفاع  ولا من دون ان يعلم بها أحد غير الزائرين العارفين بمراسيم الزيارات ومواعيدها ولكن أن تستعد كل مفاصل الحكومة ومسؤوليها الواهمين بالثروة  والفرهود المليوني  هذا الأستعداد بالشكل الذي رأيناه وما حصل بعد ذلك من مجزرة بحق امهاتنا واطفالنا يجعلنا نشعر بان الجميع مشتركون بالجريمة أما بغباء مع سبق الأصرار أو بدهاء مع سبق الأجرام والقتل للمدنيين

 

ان تجارالزيارات للمراقد المقدسة من الشيعة المعممين الجدد وضعوا كل ما لديهم من إمكانيات لتحفيز الناس للحضور القوي لكل المراسيم الدينية في سبيل خلق تجارة مربحة ويساندهم في ذلك رؤوس كبيرة في أعلى مرتبات قيادات الحكومة حتى اصبحت المناسبات الدينية ووفاة الأئمة والصحابة وولاداتهم مسجلة في اجندة القادة السياسين في الوزارات وفي الجمعية الوطنية وفي مجالس المحافظات ولم يكن في علمهم ان الأمور ستتجه بهذا الأتجاه وتنحرف بهذا الشكل لأنهم لم يضعوا في حسبانهم أن القوى المعادية لهم والتي تقف في الجانب الأخر واقفة لهم بالمرصاد  وتريد ان تشاركهم الأرباح والسيادة والسلطة والقوة والمناقصات المليونية التجارية لزناجيل اللطم وغيرها من المعدات التي تتعلق بمراسيم الزيارات وكذلك لم يحسبوا حسابهم  جيدا للتنافس الحاد الموجود بين مختلف الأطراف الشيعية التي تريد ان تتقاسم الأرباح والجاه والمكان والمناسبة وان يتم تقاسمها بشكل يضمن الحقوق لجميع القوى المتنفذه والموجودة في الساحة الأسلامية الشيعية المربحة

 

كان من  نتيجة هذه الحسابات الخاطئة كارثة زيارة الموت في الكاظمية وهي ليست المرة الأولى فلقد حدثت في السنة الماضية وقبلها وراح ضحيتها في الحادثة الأولى الشهيد عبد المجيد الخوئي ومجموعة كبيرة معه من الشهداء  وراح في الثانية الشهيد محمد باقر الحكيم ومجموعة كبيرة معه من الشهداء أضف الى ذلك ما فعله وزير الدفاع السابق حازم الشعلان من هجوم واستعراض للقوة ضد مقتدى الصدر وأنصاره من التيار الصدري وغيرها من المسميات الظاهرة للعلن والخفية عن غير العارفين

 

ماذا نفهم من زيارة الموت الكارثية في الكاظمية وماذا نتعلم من هذا الموت الذي يقضي مضاجع أحبتنا وأهلنا وناسنا وهم مكومين على الأرض في العراق ، لقد صَمَت الكبار واعتكف الأتقياء من كبار الرجال وصال وجال في الساحة فقط من بهم لوثة في الأفكار والمهوسون من الزعاطيط المعممين من الشيعة والسنه والقتلة والمجرمين

 

نفهم من زيارة الموت الكارثية أن الحكومة عاجزة الى حد التواطئ مع القتلة ولنا الحق بان نقول  أن الحكومة ضالعة بالجريمة وترتيباتها بسبب تهاونها وتخاذلها وعدم حسم الأمور وعجزها عن صد ومتابعة قيادات المجرمين

 

الحكومة مسؤولة عن هذا الحدث والمصاب الجلل لأنها لم تستطع ان تقول لا للمعمم الفلاني الجاهل ولم تستطع ان تقول لا  للمخرف السني الفلاني  ولم تستطع ان ترد وتلجم العربي المذعور الفلاني ولم تستطع ان تمنع تعيين المجرم والحرامي إبن الحرامي الفلاني ، وان حكومتنا يكذب مسؤوليها بتصريحاتهم وأقوالهم وأن حكومتنا يسرق مسؤوليها في كل وزارة وأن حكومتنا قوية في الخطب الرنانة التي لا تغني ولا تسمن وخصوصا عندما يزور البسطاء من الناس أئمتهم فانها تكون أكثر من عاجزة عن حمايتهم والدفاع عنهم من قنابل وبطش المجرمين وتمنعهم من الأنتقام والرد بالمثل بحجة الفتنة الطائفية وامثلة المجازر السابقة لا تزال لم يجف دماء شهداءها في كراج النهضة وفي معسكرات التطوع وفي أسواق الحلة والحرية والشعلة والثورة  

إن حكومتنا لم تقل لنا أن الناس قد قتلوا مسمومين بالشربت والماء والطعام المسموم قبل ان يتدافعوا وإن حكومتنا لم تقل لنا أن الناس سقطت عليهم القذائف من مختلف العيارات وقذائف الكاتيوشا وإن وزير الدفاع كذب عندما صرح وهو يلبس ربطة عنق حمراء بان الناس ماتوا نتيجة التدافع وهو بهذا يبرر للمجرمين فعلتهم بغباء وان وزير الداخلية كذب عندما أنكر مسؤوليته عن حماية الزائرين وتقصير أجهزته الأمنية وإنه كان من المفترض به أن يصدر أوامره الواضحة  ويصرخ عاليا بوجه مسؤوليه في الوزارة أن أوقفوا هذه المسيرة قبل أن تنطلق ولكنه كان  أضعف من أن يقولها خوفا من مقتدى الصدر وأنصاره وخاف أن يعلن أن أجهزته غير كفؤة وبهذا يدين نفسه وقابلياته قبل غيره  وكذب مسؤول الأمن القومي الذي كان شاطرا في التعازي والكلام السهل الملمع والذي يقبع في قمقمه منذ تسلمه مقاليد المنصب من مسؤوله الأمني السيد بريمر ولكن صبرا فان دماء الضحايا ودعاء اهاليهم سيزلزل الكراسي من تحتهم وسيسقطون ويولون ولو كان عندههم ذرة من الحياء لأعلنوا استقالاتهم الجماعية ولو كان عندهم ذرة من شرف لتركوا المناصب فارغة من دون هذه الدمى التي  ليس بها دم ولا حياء ولو كان عندهم ذرة من الغيرة لقالوا اننا ضعفاء واننا عاجزون واننا فاقدون للأهلية واننا راحلون  ومستقيلون الى الأبد

 

ان وزير الصحة كذب لأنه يريد ان يبعد عن نفسه المسؤولية ونحن نقول له ان المشاهد في مستشفيات وزارتك تدينك انت وكل من يعمل معك في مستشفياتك ، لقد مضى على حكمكم الهزيل ثلاث سنوات من النهب الرسمي ولم تستطيعوا ان تضعوا أو تهيئوا مستلزمات الأسرة من فراش وغطاء ولم تبق حرمة للموتى والشهداء في مستشفياتكم القذرة  ، فكم جريح مات في مستشفياتكم يا سعادة الوزير الصدري وكم مريض تمنى الموت بسبب سوء المعاملة في مؤسساتكم الصحية وكم من ألأدوية تسلمتموها اليوم وفي اليوم الثاني تباع على الأرصفة  باضعاف أسعارها ، أعلن إستقالتك وارحل الى رئيسك في الكوفة وأعمل الأدعية والأحجية هناك  فانها أكثر ربحا من وزارة لا تقدم الخدمات لبني البشر

 

ان الأحزاب السنية والتي تؤيد الأرهاب والأرهابيين تكذب وانها و منتسبيها وافكارهم كلها مشتركة في جريمة الكاظمية ولن تنفع تصريحات عدنان  الدليمي وعبد الحميد  وحزبه الأسلامي ولن ينفع صراخ التبرع بالدم من مجرمي الفلوجة ، ان ضحايا الكاظمية ليسوا بحاجة لتبرعكم بالدماء وانتم الذين سقيتم الزائرين بشربت الموت وفجرتم عليهم قنابل القتل ونشرتم بينهم الفتنة وأرهبتم الأطفال والنساء ، حافظوا على دمكم الملوث لتاريخكم واجرامكم

 

ان الحكومة الحالية ضعيفة حتما  وتكذب قطعا بدعوتها لتبرير الجريمة البشعة بحق أهلنا في الكاظمية  لوقف الفتنة الطائفية وكأننا نريد الفتنة والقتال ونحن من يقوم بالهجمات ، إن الحكومة بتخاذلها وتهاونها وتسامحها شجعت بنفسها على الفتنة وإنها لو لم تتهاون مع القتلة ولو لم تتفاوض مع المشبوهين لما وصل الحال على ما وصل اليه اليوم من كارثة ومقبرة جماعية سنسجلها في سجل المقابر الجماعية في زمن الحكومة الحالية

 

لذا فان الحل الناجع لهذه الحكومة البائسة أن تعلن استقالتها الجماعية فورا ومن دون تاخير وهي بذلك تحفظ ماء وجهها وتعطي للشهداء تبرئة الذمة

 

المجد والخلود لشهداء زيارة الكاظمين

المجد والخلود لشهداء المقابر الجماعية  

المجد والخلود لشهداء العراق

 

 

ضياء السورملي – لندن

Kadhem@hotmail.com

www.kadhem.net