الكورد الفيليون والأنتخابات القادمة - ضياء السورملي


[13-11-2005]

Sotaliraq.com يمر الكورد الفيليون في هذه الفترة العصيبة من تأريخهم بمنعطفات مهمة ومفترقات متشعبة وخطيرة من الطرق التي يتوجب عليهم ان يحسموا امرهم فيها من الآن كي لا يمروا في الطريق الذي يبعدهم عن المسار الذي يضاعف من الحالة الصعبة التي هم فيها في هذه الفترة من الزمن

ان التجاذبات السياسية بين الأحزاب الكردية المتصارعة على النفوذ فيما بينها من جهة والأحزاب العراقية من جهة أخرى والمصالح المتضاربة لدول المنطقة حول دائرة النفوذ وتبعثر وتشتت القوى الفيلية الفاعلة والمصالح الشخصية والأنانية للبعض من الكورد الفيليين الذين لم يستوعبوا المأساة التي يعاني منها أهلهم من الكورد الفيليين ، وضع المسالة الفيلية في ميزان المتاجرة السياسية على حساب الآف الشهداء واكثر من مليون كردي فيلي اغتصبت حقوقهم وهدرت اموالهم وسلبت كرامتهم وشردوا وابعدوا وتم نفيهم خارج الحدود وثرم ابناءهم بمثرمات البشر في مجمع المخابرات العراقية في الكاظمية المسمى بالحوتة واسكن الباقون ودفنوا في مقابر جماعية لم يعثر على ضحايا لحد الآن بعد ان قضى شبابهم معظم حياتهم متنقلين في مختلف سجون العراق في سجن ابي غريب والأمن العامة والفضيلية في بغداد ونقرة السلمان في صحراء السماوة وغيرها من السجون التي خبرها ابناءنا واشقاءنا واباءنا واهلنا فيها لسنوات من القهر والحرمان والضيم

لم يرق َ دور الأحزاب الكردية تجاه المسألة الفيلية الى المستوى المطلوب بل كان دورا خجولا وهامشيا وخاضعا لأهواء ورغبات المسؤولين او القيادات الكوردية ومدى معرفتها او اطلاعها بعمق مأساة الكورد الفيليين حتى صارت القضية الفيلية تخضع للمد والجزر تبعا للوضع العام في العراق وتبعا لأولويات الملفات والمواضيع الساخنة وكان الملف الفيلي نصيبه دائما في اخر القائمة من الآهمية لعدم وجود ممثليين لهم او من يدافع عنهم أوبتعبير أدق لم يتم فسح المجال لكل من يريد الدفاع عنهم ان يلعب دوره وتم تحجيم دورهم مرة بحجة انهم جزء من الشعب الكوردي وان اي كوردي من اي حزب يستطيع ان يدافع عنهم او يمثلهم وهذه الحجة باطلة ولم تنفع وصار دفاع ممثلي الأحزاب حتى من الفيليين هودفاع عن اولويات احزابهم وباقي الاولويات الأخرى في اجندات احزابهم وتم ابعاد مشكلة الكورد الفيليين من الكثير من الملفات الساخنة حتى وصل الأمر بالقيادة الكردية ان يكون ملف الطيارين البعثيين او العسكريين من الضباط البعثيين وامنهم ومصالحهم له الأولوية على الملف الكوردي الفيلي واصبحت المفاوضات مع المغيبين من السنة الأرهابيين والقتلة لها الآولوية على موضوع الجنسية واموال الفيلية واملاكهم المصادرة وصارت مراجعة الفيليين للسفارات العراقية مصدر ازعاج للسفراء الكورد وغير الكورد في هذه السفارات لانها تسبب لهم الأحراج بسبب عدم توفر الأوراق الثبوتية لديهم واستحواذ السلطة الفاشية في زمن البعث الفاشي وزمن الطاغية على تلك الأوراق والمستمكات بحيث اصبحت مراجعة الكورد الفيليين للسفارات يسبب القلق والأزعاج للمسؤولين وخوفهم على مناصبهم في حالة الأستجابة لمشاكل الفيليين مما يضعهم في دائرة عدم الكفاءة او مخالفة التعليمات المركزية ومماطلة المسؤولين في دوائر الدولة العراقية من الأستجابة لمطالب الفيليين لعدم وجود مدافع شرعي عنهم

اما من ناحية الكورد الفيليين فانهم بقوا في دائرة الصمت المقيت والأنتظار الممل وبعض المحاولات الخجولة من التنظيمات الهامشية وغير الفاعلة عسى وان تتغير الأمور نحو الأحسن واذا بهم تحبط امالهم وتطلعاتهم في إبراز قضيتهم ومظلوميتهم واستعادة اموالهم وممتلكاتهم وتعويضهم عما اصابهم ولحق بهم من ضيم وحيف ، من المؤسف ان نقول ان معظم المساومات كانت تدور في دائرة واحدة هي استغلال اسمهم ومأساتهم ومصالحهم في سبيل الحصول على مكاسب نفعية ومقاعد وحقائب وزارية يتنصل الحاصلين عليها فيما بعد من الألتفات الى الكورد الفيليين الذين استغل أسمهم ووضعهم ومأساتهم بكل صلافة وقباحة ووقاحة

أما الأحزاب الأسلامية الشيعية لم تختلف في توجهاتها عن الأحزاب الكوردية كثيرا وانما كانت معاملتها للكورد الفيليين معتمدة على استغلال العدد الكبير الذي يقدر باكثر من مليوني شخص من الكورد الفيليين المؤمنين بالمذهب الشيعي وحبهم وولائهم لآل البيت وصاروا يمارسون الضغط عليهم لكسب اصواتهم وضمها الى قوائمهم من دون ان يكون هناك رؤية واضحة لتمثيلهم النيابي او لحل مشكلتهم او الأعتراف بهم كونهم من القومية الكوردية وهنا وقعوا في التناقض الكبير والهوة العميقة التي لم تستطع الأحزاب الأسلامية الشيعية استيعابها عندما تصورت ان الكورد الفيلييون سوف يتخلون عن قوميتهم لصالح مذهبهم لكونهم شيعة وأفرزت هذه الحالة ممارسات فاضحة بحق الكورد الفيليين وصلت الى درجة ان بدأ البعض من القياديين العرب الشيعة يتطاولون على كل من يطالب من الكورد الفيليين بحقوقه القومية اوبالحقوق الثقافيه الكوردية او حتى بالمطالبة بممتلكاته المنهوبة في زمن صدام المجرم ويعتبرون ذلك تجاوزا على الدعم الذي يعتقدون انهم قدموه لهم

لقد استغلت الأحزاب الشيعية اسم الكورد الفيليين ابشع استغلال منذ اول يوم لتسفيرهم الى خارج الحدود في ايران وتم الأستيلاء على المساعدات المقدمة لهم من الأمم المتحدة وتحويلها الى المسفرين من العرب الشيعة ومحاولة صهرهم في المجتمع الأيراني والغاء صفة القومية الكردية عنهم كما تم الضغط عليهم وبمساندة السلطات الأيرانية للتصويت للقوائم الشيعية وترهيبهم بشتى الأساليب البعيدة عن الديموقراطية واكراههم على عدم ممارسة حقهم الشرعي في انتخاب ممثلييهم من الكورد او من غير الشيعة وتم ممارسة الضغوك عليهم في حالة تشكيل كيانات مستقلة بهم ومحاولة ربطهم بالكيانات الأسلامية الشيعية المدعومة من ايران ومنعهم من تكوين كيانات خاصة بهم تنافسهم في الأنتخابات او التصويت على الدستور ،

ان الممارسات اللاأخلاقية في داخل العراق بحق الكورد الفيليين قد وصلت الى حدود غير مسبوقة منها مطالبة نواب في الجمعية الوطنية او البرلمان العراقي باعتبار الكورد الفيليين من القومية الفارسية وكذلك تهديد احد قادة الشيعة بطرد الكورد الفيليين من بغداد مرة اخرى وتسفيرهم الى دول ربما تكون هذه المرة السعودية او جزر الواق واق الله اعلم في حال طالبت الأحزاب الكوردية باخراج الوافدين من العرب الشيعة من كركوك والذين وفدوا اليها في زمن الطاغية صدام بحجة ان العراق للعراقيين متجاهلين بان هؤلاء الوافدين الى كركوك قد حلوا محل الكورد واستولوا على ممتلكاتهم ومزارعهم واموالهم وكيانهم مثلما فعلوا مع الكورد الفيليين وبهذا وضعوا الكورد الفيليين في كماشة جديدة محاولين استغلال ضعفهم او تشتتهم بسبب ما لحق بهم على يد اعوان صدام وزبانيته من المجرمين

ولا ننسى محاولة مقتدى الصدر زج نفسه في ملف كركوك وارساله العديد من الشيعة ودعوته للكورد الفيليين ليحاربوا اخوانهم الكورد في كركوك بحجة الدفاع عن المذهب الشيعي وفشلت محاولة هذا المجرم المعتوه الذي يلبس الكفن الأبيض عندما يلقي بخطاباته وكانه يريد ان يبين لمستمعيه من فلول الصداميين ان الموت هو شعارهم وان القتل هو ديدنهم وهذا بالضبط ما فعله اتباعه عندما قتلوا المرحوم عبد المجيد الخوئي ابن المرجع الشيعي الأعلى آية الله الخوئي ، لقد قتلوا عبد المجيد في حضرة الأمام علي بن ابي طالب (ع) شر قتله وهذا ان دل على شئ فانما يدل على ان اتباع هذا الشخص مجرمون محترفون

ونفس الشئ فعله عمار الحكيم عندما ذهب الى تركيا وصار يساوم الحكومة التركية ويصرح بتصريحات خجولة وبلهاء حول كركوك معتقدا انه يمثل الشيعة الكورد في كركوك وباقي الشيعة من الفيليين ناسيا ان قضية كركوك وقضية تسفير الكورد الفيليين قد حدثت وهو لم يولد بعد وان الفيليين قد سجن ابناؤهم لسنوات تفوق سنوات عمره الكامل وليس عمره السياسي الحديث الذي توارثه عن طريق لبس العمامة السوداء

ومن المواقف المشينة للأحزاب الشيعية هي رفضها لممثلي الكورد الفيليين ان يتكلموا باسمهم باعتبارهم يشكلون كيانا خاصا بهم ووقفوا بكل قوة ضد اي تكوين فيلي بحجة وجود الأحزاب الكوردية التي تمثل الكورد وهذه البادرة لمسناها في مؤتمر لندن عندما رفضت الأحزاب الشيعية من التحاور مع ممثلي الكورد الفيليين ورفضهم الآستماع لمطاليبهم ومجابهتهم بشكل عدواني لا مبرر له

اما الصراع الدولي بين ايران وتركيا والعراق من دول الجوار المتآخم لحدود العراق فامرها معروف وتاثيراتها على مشاكل الحدود والتقسيمات التي اقتطعت مناطق الكورد الفيليين واضحة ولا اريد ان اخوض غمارها لانها من المسلمات التاريخية في المنطقة ولذلك ساترك الحديث عنها في مناسبات اخرى

السؤال الذي يطرح نفسه في هذه المرحلة هو ماذا سيفعل الكورد الفيليون وما هو دورهم في الأنتخابات القادمة؟

بناءا على ما تقدم فان اول خطوة هي ان يثبت الكورد الفيلييون من خلال ممارساتهم الفعلية ومن خلال التنظيمات المتواجدة في العراق او في الدول الأخرى ان ولاءهم الفكري وانتماءهم هو مع الشعب الكوردي اولا واخيرا وان يتم توحيد الصفوف في سبيل تكوين كتلة كردية قوية متماسكة في مجلس النواب القادم واذا ما اختلف الكورد الفيليين فكريا وقوميا ومذهبيا فان خلافاتهم ستكون محصورة فيما بينهم وضمن البيت الكوردي الواحد وان تكون التفاهمات جميعها مبنية على هذا الأساس وضمن هذا المنطق وهذا يمكن تحقيقه من خلال المبادرات من قبل التنظيمات الكوردية الفيليية المتواجدة خارج العراق جميعا ودعوتها الى التصويت للقائمة الكردستانية والمطالبة والتشديد على المطاليب العادلة للشريحة الفيليية من خلال الضغط على الأحزاب الكوردية والتصدي للقادة والمسؤولين الكورد الذين يحاولون التقليل من الشأن الفيلي

ان المبادرة الحكيمة التي بادر بها الحزب الكوردي الفيلي العراقي ودعوته للتصويت للقائمة الكردستانية 730 يعتبر الخطوة الصحيحة الأولى لكل التنظيمات الفيليية المتواجدة في اوربا وفي دول العالم كافة لكي تبادر الى نفس المبادرة من دون قيد او شرط لسبب بسيط هو افهام القيادات الكردية والمسؤوليين الكرد وكل من يعتقد باننا واقفون ضد ارادة الشعب الكردي بانهم مخطئون ولكي نثبت لهم خطأ اعتقادهم اولا وان يحسبوا لنا في المستقبل حسابات صحيحة بعيدة عن التهميش او الأبعاد او المصالح الحزبية الأنية الضيقة او اللهاث وراء المناصب الوزارية والمقاعد البرلمانية ولنثبت لهم باننا الذين خسرنا كل شئ في مرحلة معينة من الزمن نريد البناء والنهوض والعمل سوية مع ابناء شعبنا في كوردستان بكل ندية وتنافس وتكافؤ للفرص واننا نناضل من اجل ان نعيد الحق لأصحابه وخصوصا ابناء جاليتنا الفيلية المنكوبة

اما بالنسبة للأخوة الكورد الفيليين من التنظيمات الأسلامية الشيعية او المنظمات الأخرى والتي لا تتفق في التصويت على القائمة الكردستانية فاننا ندعوها ان تكون مستقلة فكريا ومذهبيا وتنظيميا عن التنظيمات الشيعية التي تقف بالضد من المسألة الكردية وعليها ان تؤسس المدراس والمؤسسات الفكرية والدينية مثل الحسينيات المستقلة الخاصة بها وان تقوم على انشاء صندوق للوقف الشيعي الفيلي مستقلا عن الوقف الشيعي العام لكي لا تذهب اموال الشيعة من الكورد الفيليين في جيوب الأخرين وان يتم صرفها والأستفادة منها لرفع الغبن والحيف عن العوائل الفيلية الفقيرة المنتشرة في أحياء العراق الفقيرة

كما ونطالب اخوتنا في المذهب ان تكون كياناتهم ذات استقلالية تهدف للدفاع عن الكورد الفيليين بعيدا عن الولاءات المشبوهة التي لا تؤمن اساسا بالحريات الفكرية للكورد بشكل عام وتحاول تفكيك وتشتيت التركيبة الكوردية وتفـَصلـَها الى فصالات تناسب قياساتها وتجعل منها قطعا صغيرة هنا وهناك مما يسهل ضربها وابعادها عن الساحة السياسية بسهولة

كما نناشد بنفس الوقت القيادات الكردية واحزابها ان تتفهم بشكل سليم مشكلة الكورد الفيليين واعطاءها ثقلا اكبر والتحاور مع ممثلييهم الواعين المنتشرين في كل بقاع العالم واحتضانهم ودعمهم واسناد التنظيمات التي تساعد على لم شملهم ومحاولة دمجهم مع المجتمع الكردستاني والآهتمام اعلاميا بتراثهم وفلكلورهم اللوري المكمل للفلكلور السوراني والكرمانجي والهورامي

واقترح تشكيل مجلس شورى فيلي من أعلى المستويات التنظيمية وان يكون مستقلا من الناحية التنظيمية عن الأحزاب والتنظيمات الكردستانية وان يكون من اول مهامه بناء روابط وجسور وثيقة مع القيادات الكردية والمسؤولين في البرلمان الكردستاني المنتخب وكذلك القيادات العراقية والبرلمان العراقي وان يتم دعمه واسناده ماليا وتنظيميا ووظيفيا من قبل حكومة كردستان مباشرة وان يكون رئيس هذا المجلس منتخبا بشكل دوري من بين النخب الفيلية وان تسند له درجة وزير او درجة سفير وان تمنح له صلاحيات واضحة ومحددة يتم الأتفاق عليها عند وضع نظام داخلي لهذا المجلس وان يتكون هذا المجلس من الشخصيات الفيلية المرموقة المستقلة عن الأحزاب الكردية والأسلامية او الشيعية وان تعمل القيادات الكردية وخصوصا في الأحزاب الرئيسة بشكل جدي في المساهمة في دعمه والمحافظة على استقلاليته ونزاهته والحرص على تشكيله باسلوب الأنتخابات الحرة وان توضع له شروط يتفق عليها الكورد من خلال لجنة تحضيرية منتقاة باسلوب جيد لاعداد منهاج ونظام داخلي مبني على أسس صحيحة ويهدف هذا المجلس الى إبراز الشأن الفيلي واعطائهم الشرعية التفاوضية حول مجمل القضايا التي تخص الفيليين من قانون الجنسية او قانون اعادة الملكية وقانون التعويضات للمتضررين من ابناء الشهداء وذوي المقابر الجماعية والمفصولين السياسيين واعادة تأهيلهم وادماجهم في المجتمع ورفع الحيف عنهم من خلال الشرعية التمثيلية لهذه الهيئة التي يمثلها مجلس الشورى الفيلي والذي سيكون مستقلا حتى عن الأحزاب الفيليية المتواجدة على الساحة لعراقية والدولية


ضياء السورملي
kadhem@hotmail.com
www.kadhem.net