التفاعلات السياسية والحروب وتأثيراتها على الأقتصاد الأميركي
ضياء السورملي
التفاعلات السياسية الخطيرة التي تجري بسرعة في منطقة الشرق الأوسط وما يصاحبها من تداعيات اقتصادية خطيرة تنعكس سلبا على الأقتصاد الأميركي اولا وعلى الدول الفقيرة و مجتمعاتها وعلى شعوبها الفقيرة المبتلية بحكام جهلة ثانية لا يفقهون من الأمور الأقتصادية الا الثرثرة والجعجعة والتصريحات العنترية ومن ثم التاثيرات السلبية مثل ارتفاع اسعار النفط الخام والأضطرابات في العديد من مناطق العالم على اداء الشركات العالمية التي تقدم خدماتها الى كافة شعوب العالم من خلال التقنيات المتطورة في اغلب المجالات العلمية والتكنولوجية وعلى سبيل المثال ما تقدمه شركة الرقائق الألكترونيةانتل وخدمات البحث في الأنترنت لشركة ياهو وكذلك الخدمات المصرفية للبنوك العملاقة التي تمول المشاريع الكبرى في كافة انحاء العالم .
ان الحروب الكبيرة التي حصلت في العراق منذ اكثر من عشرين عاما ومحاولة القوات المحتلة بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وحليفاتها للسيطرة على العراق بشكل كامل ومطلق قد اثرت على مجمل التجارة العالمية وسوق الأسهم والتبادلات التجارية بشكل كبير.
ان سوق الأسهم المالية الأميركية تعانى اليوم من اكبر خسارة حدثت لها في يوم الجمعة الماضية منذ مايقارب الثلاثة السنوات تقريبا ويعود سبب ذلك الى التراجع الحاد في المكاسب المخيبة للآمال التي حصلت عليها شركتان عملاقتان هما شركة سيتي كروب لبيع الرقائق الزرقاء وكذلك شركة جنرال اليكتريك .
انضمت شركة سيتي كروب وجنرال اليكتريك الى قائمة من الشركات المتنامية من ضمنها شركة انتل التي تصنع الرقائق الألكترونية وشركة ياهو التي تعمل في مجال اعلام الأنترنت والتي جاء اعلان نتائج مدخولاتها لهذا الفصل يمثل احباطا للمستثمرين في هذه الشركات
كما اعلنت مؤسسة داون جونز المالية ومؤسسة ستاندارد اند بور 500 بان الشركة المالية أظهرت تراجعا حادا في نقاطها يعد الأكبر منذ الرابع والعشرين من شهر اذار سنة 2003 ومباشرة بعد ان بدأت الحرب على العراق ، وهذا ما حدى بمؤسسة داو جونز ان تخفي حصولها على ارباح للعام 2006 .
ان التعثر في انتاج النفط العراقي وسوء ادارته وتفشي الرشوات بمستوى هائل ادى الى تدهور الوضع الأقتصادي في العراق بشكل واضح وخلق اجواء من الفوضى السياسية وعدم الأستقرار الأمني والأقتصادية والسياسي بشكل كبير وزاد من الأرهاق في الميزانية الأميركية التي تتولى ملف العراق النفطي.
ومن ناحية اخرى فان موقف ايران المعادي للغرب ومحاولتها الألتفاف على القرارات التي وقعتها بشأن المفاعلات النووية وتخصيب اليورانيوم ووقوف اميركا والدول المنظوية تحت لواءها للتصدي لهذا المشروع اثر بشكل كبير على الوضع الأقتصادي العالمي وأدى الى حدوث طفرة في أسعار النفط الخام لتصل الى مستوى يزيد على 68 دولارا مم أثر سلبا على الأسهم في الأسواق العالمية والشركات الكبيرة.
أضف الى ذلك تأثر واردات وصادرات النفط الخام بسبب القلق الكبير حول اضطراب التجهيز بسبب الموقف من المفاعل النووي الأيراني.
كما ان الوضع غير المستقر في الدولة النفطية نيجيريا وسيطرة المليشيات المسلحة في تلك الدولة وتهديدهم واستهدافهم لشركات النفط العاملة في تلك الدولة ادى الى انخفاض ملحوض في نسبة الصادارات النفطية لنيجيريا .
وجاءت تصريحات اسامة بن لادن الأخيرة والوضع المضطرب في افغانستان بعد الحملة العسكرية الأميركية في ذلك البلد وعدم استطاعة القوات المتحالفة بقيادة اميركا من الحاق الهزيمة الكاملة في افغانستان وعدم القضاء بشكل كلي على قيادات تنظيم طالبان و تصريحات اسامة بن لادن وتهديداته الأخيرة بالهجوم ضد مصالح الولايات المتحدة في حالة عدم قبولها للهدنة اضف الى ذلك التعثر في حقل النفط بسبب التوترات السياسية في مناطق جغرافية متعددة في انحاء عديدة من العالم كل ذلك اثر ويؤثر سلبا على اداء التجارة الدولية العالمية والأقتصاد الدولي وبالتالي يؤثر سلبا على الأقتصاد الأميركي.
يقول ايفان اولسن رئيس وحدة التجارة في شركة ستيفنس اننا وضعنا انفسنا في الموقع الخطأ بالتعامل مع شركة سيتي بانك وجنرال اليكتريك وقال ايضا اننا نواجه ارتفاعا في اسعار النفط وكذلك تصعيد بن لادن لنشاطه وتحركاته بالتهديد وتصرفات ايران الغريبة وهذا ما زاد من القلق والمخاوف لنهاية هذا الأسبوع ولهذا فان الناس استفادوا منها ، كما ان المراقبين في السوق تراقب تقارير الموازنات المالية و العائدات الأجمالية عن كثب .
وفي تقرير نشرته وكالة رويتر في نيويورك يوضح بان معدلات اسهم شركة داو جونز الصناعية قد تراجعت بحدود 213.32 نقطة او مايعادل 1.96 بالمائة من مجموع النقاط البالغة 10,667.39 كما تراجعت نقاط شركة ستاندرد اند بور بحدود 23.55 نقطة او ما يعادل 2.35 بالمائة من مجموع النقاط البالغة 2,247.70 .
ومن الجدير بالذكر ايضا بان اسهم شركة بنك سيتي كروب خسرت 4.7 بالمائة لتصبح 45.69 دولارا في سوق التبادل في نيويورك وهو اكبر تراجع في سوق داو جونز ، علما بان بنك سيتي كروب هو اكبر بنك اميركي ، والذي اعلن عن ارباحه الفصلية وعائداته التي لم تصل او تحقق ما كان يتوقعه المحللون ، ان اسهم الشركة شهدت اكبر تراجع لنسبة مئوية ليوم واحد منذ التراجع الذي حصل في 24 أذار سنة 2003 وكان اربعة بالمائة .
لقد عانت مؤشرات الأسهم الرئيسية في اسبوعها الأول من الخسائر في مطلع السنة الجديدة ، حيث كانت نتائج الأسبوع كما يلي لقد خسرت داو جونز 2.7 بالمائة وخسرت شركة ستاندارد اند بور 2.0 بالمائة وشركة ناسداك انتهت بثلاثة بالمائة اقل مما كانت عليه ، لقد كان تراجع نقاط شركة ناسداك وخسارتها هو الأكثر حدة منذ شهر ايلول سنة 2003 ، لقد كانت اسهم شركة داو جونز على ارتفاع يقدر بنحو 1.5 بالمائة لسنة 2006 قبل ان يحصل الأنحدار المسمى بخسارة يوم الجمعة .
اما في السوق المقيدة فقد ارتفعت اسعار الخزينة المالية قليلا ولكنها فشلت في الحصول على التوازن الرئيسي في السحب والأيداع للاسهم وكانت تعاني بسبب ارتفاع اسعار النفط الخام ، وتبدو الصورة قاتمة للعشرة سنوات الماضية خصوصا بعد ان تبين بان الأرباح التي حصلت عليها قد تراجعت من 4.38 بالمائة الى 4.37 بالمائة يوم الخميس الماضي .
وبموازنة لقدرات الشركات التكنولوجية مثل ناسداك حيث ان اسهم شركة كوكل Google قد تراجعت بمقدار 8.5 بالمائة الى 399.46 دولار وبذلك تكون قد وصلت الى اسوأ اسبوع لها منذ ان دخلت شركة ماكنة البحث في الشبكة الأنترنتية الى السوق في شهر اغسطس/ آب 2004 . لقد تضررت أسهم شركة كوكل عندما اعلنت الشركة المنافسة لها ياهو Yahoo عن مكاسبها المخيبة للامال في يوم الثلاثاء.
يقول ارون فورد رئيس معهد مبيعات المشتقات المتساوية الأميركي في باريباس في نيويورك ان الأسماء الكبيرة والتي استحوذت بسمعتها على السوق مثل كوكل وشركة أبل Apple قد هوت وبامكان اي شخص ان يدرك ان ارتفاع سعر البرميل للنفط الخام من 60 دولارا الى مستوى يزيد على 68 دولارا سوف يثير المخاوف من حصول تضخم وارتفاع في الأسعار بالنسبة للأعمال التجارية .
اما اسهم شركة جنرال اليكترك فقد تراجعت بنسبة 3.8 بالمائة لتصل الى 33.37 دولارا ، لقد تراجعت اسهم السوق بشكل حاد وهو الأكبر على شركة ستاندارد اند بور 500 ، وعلى الرغم من ان الأرباح الفصلية لشركة جنرال الكترك قد ارتفعت ولكن الميزانية العامة قد كانت اقل من المتوقع .
شركة موتورلا ، ثاني اكبر شركة في العالم لانتاج وتصنيع الهواتف النقالة تراجعت بنسبة 7.6 بالمائة الى 22.49 دولارا في سوق اسهم نايس NYSE ، حيث اصدرت الشركة الأصدار الفصلي الأول عن مكاسبها لكل سهم وكانت التوقعات اقل مما قدرته سوق وال ستريت المالية.
ارتفعت اسعار النفط الخام بعد زيادة بحدود 1.52 دولار لتصل الى مستوى 68.35 دولارا للبرميل الواحد بسبب ان ايران وهي رابع اكبر دولة في العالم لتصدير النفط الخام ، صرحت بانها عازمة على نقل اموالها المودعة في البنوك الغربية تحسبا لأي حصار محتمل من قبل الأمم المتحدة بسبب موقف ايران المناهض للغرب .
كانت التجارة ثقيلة على السوق المالية نايس NYSE حيث كانت التبادلات المتداولة بحدود 2.12 بلييون سهم بينما تراوحت السوق المالية لناسداك بحدود 2.37 بليون سهم تمت مبادلتها تجاريا .
ان التراجع بسوق الأسهم يشير الى نسبة من 5 الى 2 في السوق المالية نايس بينما يشير بنسب تراجع من 8 الى 3 في السوق المالية ناسداك .
قبل ثلاثة سنوات كان مؤملا ان يكون هناك بيئة ومناخ من ارتفاع وانخفاض في قاعدة الاسعار الأساسية في سوق تبادل شيكاغو ميرسنتايل ، حيث حدث مثلما يحدث اليوم من اخفاقات في السوق الأوراق المالية ولكن منذ ان ترك العديد من التجار والذين يمثلون القاعدة الأساسية في شركة ستاندرد اند بور 500 او انتقالهم الى شركات ذات اساسات الكترونية ، ان تحركا مثل هذا في السوق يبدو اقل صخبا ولا يثير المشاكل والضجة الأعلامية .
نستنتج مما ورد في تقرير وكالة رويتر في نيويورك بان الأزمات المناطقية في دول العالم تؤثر بشكل كبير على اقتصاديات الشركات الأميركية الكبرى وبذلك تنسحب هذه التأثيرات على شعوب المناطق الفقيرة والدول النامية وتزيد من تخلفها وفقرها بسبب تهور السياسين الحاكمين في هذه البلدان الفقيرة وكذلك بسبب جشع الحكام واحتكار الشركات الكبرى في الدول العظمى والدول المتقدمة التي تسير او تدور في فلكها.
2006-01-21 |