البارزاني
واسباب
الصراع
السياسي
في
العراق ضياء السورملي - لندن 2006-03-30 لقد وضع الزعيم الكردي السيد مسعود البارزاني اصبعه على الجرح السياسي في العراق عندما قال في لقاء خاص أجرته صحيفة (خبات) باللغة الكردية . " ان العداء الشيعي - السني أكبر مما كنت أتصوره وهو يتعمق يوما بعد يوم " وهذا بحد ذاته عامل واحد ومهم من مجموعة عوامل كثيرة تلعب دورا كبيرا في الصراع السياسي في العراق وواضح ومفهوم من كلام السيد مسعود البارزاني انه يقصد العداء الشيعي السني بين العرب المسلمين فيما بينهم في العراق على الرغم من تحفظ الكثيرين من التكلم بهذا الموضوع واعتبار التطرق لمثل هذا الموضوع مثيرا للنعرات الطائفية ولكن الصراع بين القوى المتصارعة اليوم في الساحة العراقية هو بسبب هذا العداء المستفحل منذ زمن طويل يصل الى اكثر من الف عام وكتب التاريخ تشهد بهذا العداء والصراع بين السنة والشيعة على مر الدهور .
كما اشار الزعيم الكردي مسعود البارزاني الى الصراع العربي الكردي في العراق بشكل واضح من خلال مشكلة كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها مثل خانقين ومندلي وسنجار وشيخان ومخمور ومناطق أخرى وابدى عدم ارتياحه من تأخير حل هذه النزاعات بالرغم من اعلان الدستور وزوال الحجج والمبررات التي كانت تعيق تنفيذ مطالب الكرد .
ان الصراع العربي الكردي ايضا هو الأخر بالأضافة الى مشكلة الشيعة والسنة يمثل مشكلة معقدة وكبيرة وتحتاج الى عقلية وذهنية متفتحة واناس واعيان من كبار القوم ومتخصصين في العلوم السياسية والقانون الدولي ومصممين لحل المسائل العالقة باسلوب عقلاني غير متشنج وهذا ما لم نلمسه في الحكومات الانتقالية السابقة خلال الأربع سنوات الماضية والتي عمدت على وضع العراقيل والعقبات في سبيل تحقيق مطالب الشعب الكردي وانصاف الناس المظلومين في المناطق الكردية المنكوبة بسبب الظلم الذي حل بهم في الحقبة الصدامية المظلمة حيث ما يزال موقف رئيس الوزراء العراقي السيد ابراهيم الأشيقر على سبيل المثال يمثل ملفا صعبا بالنسبة للكورد وهذا ما جعل ازمة الكتل السياسية تتفاقم لان عدم التفاهم حول مشكلة كركوك سيعيد الوضع العراقي الى الصراع الكردي العربي في زمن الحكم البائد ويعيد الحركة الكردية الى المربع الأول بعد اتفاقية الجزائر سيئة الصيت وهو سبب رئيس من مجموعة اسباب في رفض شخصية رئيس الوزراء السيد ابراهيم الأشيقر والذي اصبح يمثل تعيينه لمنصب رئاسة الوزراء مسالة مثيرة للجدل واصبح شخصية غير مقبولة من الأميركان قبل العراقيين بسبب ازدواجية قراراته وعناده وتمسكه غير الصائب بالمنصب وعدم تنحيه رغم كثرة المعارضين له حتى من داخل الأحزاب المؤتلفة فيه اصبح يثير العديد من التساؤلات عن حب هذا الرجل للمنصب بخلاف ما كان يعرف عنه سابقا .
كما ان الكرد اصبحوا يدركون اكثر من اي وقت مضى ان الحرب الأهلية بين العرب السنة والشيعة في العراق ستجعلهم ينحون بانفسهم بعيدا عن مثل هذا الصراع واذا ما حدث اي خلل في ميزان التوازن فان مسالة الأنسحاب والأبتعاد عن الحكومة المركزية سيكون خيارا صعبا ولكنه مقبولا للكرد لانهم لايريدون ان ينزلقوا الى خلافات ليس لهم بها ناقة ولا جمل سوى انها تهدف الى تدمير البنية التحتية وتدمر الأقتصاد وتشرد المزيد من العوائل وتؤدي الى قتل آلاف الأبرياء وبهذا فان من الحكمة عدم الأنجرار الى حروب طائفية وجانبية ومحاولة تذليل العقبات للوصول الى منهج عقلاني ورشيد .
ومن مجمل الخلافات والصراعات الدائرة في العراق هو اسلوب الحكم ومنهج الحكم في العراق وهذا ايضا يشكل منعطفا كبيرا بين الكرد والعرب وفئات عديدة من مكونات الشعب العراقي من المسيحيين الكلدوا اشوريين والتركمان وغيرهم من باقي الأثنيات العرقية ، ان الحكم في كردستان علماني ليبرالي متحرر ومقبول لدى اوساط كثيرة نوعا ما ويهدف لحفظ حقوق الجميع بشكل عام ويساهم في تحقيق آمال وحقوق المرأة بشكل خاص في كردستان ، اما الحكم في المناطق الجنوبية ومناطق الوسط والمناطق الغربية من العراق بدأ يأخذ منحى اسلامي متشدد يضيق الخناق على المراة ويقيد من الحريات الشخصية ويتدخل بشكل سافر في الحياة المدنية المتواضعة اصلا وغير المتطورة والتي تفتقر للكثير مما وصل اليه العالم المتحضر واصبح الوضع الحالي يتراجع بشكل سريع في هذه المناطق في محاولة الى ارجاع الانسان الى حقب تاريخية سحيقة بحجة الدين وتقليد السيرة النبوية تحت ذرائع ومسميات بعيدة عن تطورات الحياة السريعة ، وولدت تيارات متعددة تصب بهذا الاتجاه منها شيعي متطرف في الجنوب وسني متطرف في المناطق الغربية وبذلك تحولت محافظات العراق في الوسط وفي الجنوب وفي الغرب الى زعامات دينية تشبه امارة طالبان في افغانستان ويصح تسميتها امارة طالبان الشيعية في الجنوب والوسط وامارة طالبان السنية في المناطق الغربية .
ان الكتل السياسية التي تدير الشأن السياسي باتت عاجزة عن الألتقاء فيما بينها وصار لم شملها يمثل معضلة للقادة السياسيين فيما بينهم واصبح يقلق القادة في اميركا وبريطانيا ، واذا ما استمر الحال على ما هو عليه سيكون الرد حاسما وحازما من اصحاب القرار في البيت الابيض وبذلك سيخسر هؤلاء الزعماء مواقعهم ويتم استبدالهم بمجموعة اخرى اكثر طاعة وسماعا وولاء ً من الطاقم الموجود حاليا
ان الصراع السياسي في العراق يتمثل في العديد من التناقضات التي وقع بها اصحاب سلطة القرار بالنسبة للشأن العراقي ورؤساء الكتل والأحزاب السياسية ، يتمثل التناقض في عدم رؤيتهم الواضحة لعلاقتهم مع القوات المحتلة المتمثلة بالقيادة الأميركية والدول المتحالفة معها ، فهم مع اميركا وهم ضدها بنفس الوقت وهذا ما لا ترغب به اميركا واصبح هذا الأمر يشكل مصدر قلق للأميركان وحلفائها وستعمل اميركا وبريطانيا بالخصوص على حسمه لصالحهما حتما ، وعلى الجميع ان يعرف ان اميركا وبريطانيا لا تحمي المغفلين ولا تثق باي من السياسين العراقيين مهما كان ولائهم لها وانما اميركا وبريطانيا تنظران الى مصالحهما فقط وحسب الوقت والمرحلة لذا يتوجب على الساسة العراقيين ان يعرفوا ويفهموا قواعد اللعب مع غيرهم وخصوصا مع الأميركان والبريطانيين ونتمنى عليهم ان لا يخسروا اللعبة السياسية ويخسروا انفسهم وكياناتهم واحزابهم .
كما ان اميركا وحلفائها من العراقيين وغير العراقيين ايضا وقعوا في اخطاء عديدة في العراق من خلال عدم حسمهم لملف الفساد الأداري وعدم فضح وكشف هوية السراق والمرتشين وعدم وضع ضوابط صارمة للادارات المدنية للدوائر الحكومية في البلاد وبذلك عمت الفوضى وانتشر الفساد الأداري و التسيب الوظيفي بشكل عام .
ومن اهم أخطاء التحالف العسكري الاميركي وحلفائه والقوات العراقية هو عدم تمكنها من سحب السلاح بشكل كامل من ايدي المدنيين وبذلك اصبحت لغة السلاح هي اللغة السائدة في البلد مما اتاح للقوى العسكرية الصدامية المتدربة على السلاح ان تأخذ زمام المبادرة بيدها وتسيطر على الاوضاع الداخلية وصعوبة السيطرة عليهم بعدما ايقنوا ان القوات الأميركية متهاونة معهم .
لكي نصل الى حلول واقعية للمأساة التي يعيشها العراقيين علينا ان نتخلص من اسباب التوتر وازالة كل العناصر التي لا تريد التوصل الى اتفاقات توافقية وحلول منطقية ووحدة وطنية يبرز فيها المخلص الوطني الشريف وينهزم فيها المجرم الملطخة اياديه بقتل العراقيين .
ان اول بادرة يجب ان تكون جادة هي في سحب السلاح بمختلف انواعه من ايدي الجميع ورفع الحمايات من الافراد وازالة مظاهر التسلح بشكل فاعل واصدار احكام قاسية لكل من يحمل السلاح غير المرخص والتخلص من كل المليشيات المتخلفة والهمجية غير المنضبطة من ازقة وشوراع المدن والمباني وتحويلهم الى عمال لتنظيف الشوراع من النفايات وتحويلهم الى عمال للبناء والى فلاحين في المزارع والى حرس حدود ضمن ضوابط وشروط واضحة .
الحل يكمن في محاسبة السراق والفاسدين اداريا وتعريتهم والبدء بكبار المسؤولين الذين انتفخت كروشهم وحسابات مصارفهم ومحاسبتهم عن مصدر اموالهم وخصوصا الذين هربوها الى مصارف وبنوك بريطانيا واميركا والدول العربية المجاورة .
الألتفاف الى المتضررين من ابناء الشعب العراقي الذي لاقى الأمرين في زمن صدام وفي زمن الحكومات الأنتقالية الحالية ورفع الحيف عنهم والنهوض بحالتهم المعيشية وتوفير فرص العيش الآمن والشريف لهم .
تعويض ذوي الشهداء وكافة المنكوبين والأسراع برفع الحيف عنهم والبدء بحملة الأصلاح المدني والأجتماعي والعلمي والتربوي والأقتصادي بشكل سريع ضمن برامج وخطط مدروسة .
الضرب بيد من حديد لكل من يثير الفتن الطائفية ويحاول ابراز عضلاته من خلال تصريحات جوفاء وتلقينهم الدرس القاسي من خلال تحجيمهم وابعادهم عن هرم السلطة وبسرعة .
ان كل ما ذكرناه لا يتحقق مالم تتوفر قيادة وطنية حازمة حاسمة يشرف عليها مسؤول وطني شريف له صلاحيات واسعة ، ان الدكتاتورية في القيادة الجماعية الوطنية اصبحت مطلوبة اليوم رغم بغضها بعدما وصلت الامور الى ماهي عليه اليوم . |