ذكرى الرحيل والترحيل للكورد الفيليين

 

ضياء السورملي – لندن

 

مأساة الكورد الفيليين هل اصبحت في الترتيب الأخير لأولويات الحكومات العراقية الأنتقالية و الدائمية ، هل هي في أولويات القادة الكورد في كردستان وفي أجندة أحزابهم  أم هي فوق الرفوف في دواوين وزاراتهم وفي الزوايا البعيدة في أروقة المؤتمرين في البرلمانين العراقي والكوردي ، هل سيتم تذكر الكورد الفيليين ومأساتهم فقط قبل كل انتخابات من أجل كسب أصواتهم ؟ و هل ان أصوات الكورد الفيليين هي المهمة أما حقوقهم تكون مهملة ومغيبة مثلما هم ابناؤها ؟

 

اننا نقصد بالمأساة هي الكشف عن مصير المفقودين والمغيبين من ابناء الكورد الفيليين  واعلان المسؤولية القانونية بحق المجرمين الذين ارتكبوا هذه الجريمة البشعة بحق آلاف العوائل من الكورد الفيليين الذين صودرت أموالهم ونهبت بيوتهم ومن ثم طردهم من أراضيهم وأملاكهم وأشغالهم ووظائفهم من قبل الزمرة  البعثية التي كانت تحكم في العراق ،ان المسؤولية القانونية تعني تحميل الحكومة التي فعلت فعلتها الشنيعة تلك المسؤولية الكاملة عن الجرائم التي ارتكبت بحق أهلنا وابناءنا وبناتنا وامهاتنا وآباءنا وأجدادنا من غدر ومن سلب ونهب ومصادرة الهوية ، ان الحكومة العراقية تتحمل كل المسؤولية القانونية عن ما جرى لهم وبهذا فان من المنطق وان ابسط شئ يتم اجراؤه هو الاعتذار الرسمي من الحكومة العراقية الحالية على ما بدر بحق الكورد الفيليين و بعدها يتم تحمل كل تبعات ما جرى للمواطنين العراقيين من الكورد الفيليين من ظلم واضطهاد واعمال عنصرية وشوفينية بحقهم وتحقيق حقوقهم وارجاع وتعويض ما تم سلبه منهم واعادة الكرامة والهيبة للعوائل التي لحق بها الضيم والحيف

 

لا يزال الكثير من المهجرين احياء في معسكرات التهجير في مدن ومعسكرات التهجير في ايران وفي العديد من دول  العالم ولا يزالون شخوصا وشهودا على انواع الجرائم التي ارتكبت بحقهم وبحق اهلهم وان الكثير من شواهد الجريمة التي ارتكبتها زمر البعث ومجرميهم وازلام النظام العفلقي الصدامي  لا تزال عالقة في اذهانهم وبامكانهم ان يسجلوا قصص الجرائم التي ارتكبت بحقهم والتي يندى لها جبين البشرية

 

ان ما حدث للكورد الفيليين هو السلسلة الأولى التي بدأها النظام واعقبها بجرائم الآنفال السيئة الصيت ضد البشرية  وجريمة حلبجة وابادة الجنس البشري باستخدام الأسلحة الكيمياوية  وجريمة تجفيف الاهوار وجريمة ابادة المنتفضين في الانتفاضة الشعبانية

 

لقد كان التصدي المتواصل الكورد بكل فصائلهم واطيافهم وكذلك المقاومة البطولية من قبل الشيعة العرب والسنة المخلصين والمسيحيين من الكلدوا اشوريين وكل العراقيين الشرفاء   للنظام من خلال معارضتهم لذلك الفكر المتخلف  الفاشي ومقاومتهم البطولية لممارساته البشعة بحق ابناءهم يمثل الرد القاسي لكل اركان النظام واعوانه وزمره المهزومة  

 

لقد طالت جريمة الترحيل القسري مدننا عديدة شملت الكورد القاطنين في خانقين ومندلي وبغداد والكوت والعمارة وعلي الغربي والحلة وديالى والبصرة والنجف وكربلاء كما شملت اضافة الى الكورد الفيليين العديد من ابناء الشعب العراقي من العرب ومن غير العرب بحجة التبعية الأيرانية او بحجة عدم الولاء للعراق او بحجة التبعية غير العثمانية

 

لقد صودرت الاوراق الثبوتية لكل العوائل التي تم ترحيلها كما صودرت اموالهم واملاكهم وتم احتجاز ابناءهم من عمر خمسة عشر سنة الى عمر خمسين سنة وبذلك اصبحت الجريمة من البشاعة بما لا يقبل بها عقل بشري او جنس له ضمير حي او بشر له نزعة وطنية او انسانية

 

من المؤسف ان تكون الجريمة وقعت في زمن قاهر وتحت بصر وانظار المسلمين وسكوتهم المطبق وكذلك تحت  اسماع المنادين بحقوق الانسان لا بل الأدهى من ذلك كان العالم كله يجهز صدام بكل مايريد من اسلحة الدمار الشامل متناسين بان هذا الشخص المعتوه سينقلب يوما ضدهم وهذا ما لمسناه اليوم وتجلت الحقيقة بكاملها

 

لقد كانت الجريمة كبيرة وبشعة ودنيئة بسبب قسوتها وافراطها في إعاد وتفريق أبناء العائلة الواحدة عن بعضهم البعض بشكل بشع لا ينم الا عن عدوانية في السلوك وبعد عن أي مستوى إنساني متحضر ،  كان يتم فصل الاخوة  الابناء  عن الأخوات الأناث ،  يفصلون الرجال عن النساء فكان الأبن يفصل عن أمه وكان الزوج يبعد عن زوجته وكان الأخ يبعد عن اخواته وكان الأب يفصل عن عائلته ، يذهب الذكور الى السجون ومن ثم يغيبون ويجري عليهم النظام الفاشستي أبشع جريمة في تاريخ البشرية هي تجارب الأسلحة الكيمياوية عليهم وكذلك قطع اعضاء من أجسادهم والتبرع بها لمعوقي الحرب من العسكريين البعثيين وكذلك سحب دمائهم واجراء التجارب البايولوجية عليهم ، لقد عمل النظام المقبور من أجساد أبناءنا وآباءنا تجارب كيمياوية وبايولوجية ومن ثم ثرمهم في مفرمات اللحم في دائرة مخابرات الكاظمية ، إنها جريمة بشعة على الحكومة الحالية تقع مسؤولية كشف اللثام عن تفاصيل ما فعلته الحكومات السابقة وغدرها بابناءهم وكشف التفاصيل الحقيقية لما جرى لهم ومحاكمة المقصرين والمتسببين بهذه الجريمة البشعة وتقديم الاعتذار لاهالي الضحايا ومن ثم رد الأعتبار لهم

 

بعد ان يتم الفصل العنصري وبكل الطرق البشعة والممارسات الارهابية والقسوة الوحشية يتم تفريق وفصل افراد العائلة الواحدة حيث يرسل الرجال الى حتفهم ويتم ابعاد ما تبقى من النساء والأطفال والشيوخ وارسالهم مشيا في طرق الألغام وتحت تهديد السلاح من دون ماء ولا طعام ولا حماية يتم تركهم في العراء وفي ظروف مناخية قاسية وصعبة حيث توفي العديد منهم في الطريق قبل الوصول الى بر الأمان في الأراضي الأيرانية  ولا ننسى ان نقول انه يتم نهب كل ما يملكون من اموال بسيطة بحوزتهم ويتم نهب حلي ومصوغات النساء واجبار الجميع على تنفيذ اوامر الترحيل بكل قسوة ووحشية يندى لها جبين الآنسانية

 

ان القوانين الصادرة من الحكومة العراقية الجديدة بحق الكورد الفيليين وكل المهجرين والمهاجرين والمرحلين لم تفعل ولم تطبق بشكل صحيح لحد الان ولم يتم رد الأعتبار بشكل صحيح لكل من بقي منهم على قيد الحياة ، بسبب عدم جدية التطبيق للقرارات الصادرة وبنفس الوقت عدم الرغبة في التطبيق للقوانين المتعلقة بالمهجرين والسبب هو أن من بيدهم القانون ومن يطبق  القانون لا يزالون هم أنفسهم من قام بالجريمة ولا يزالون يشغلون المناصب نفسها في وزارة الداخلية ومديريات الجنسية وكذلك لا يزال السفراء وموظفي القنصليات العاملة في السفارات العراقية في وزارة الخارجية  لايزالون يتعاملون مع مشكلة الكورد الفيليين بنفس العقلية الصدامية ولذلك اصبح الجلاد هو الحاكم مرة ثانية ولهذا نجد الفتور والغموض وعدم الرغبة الجادة في اعادة حقوق الناس المظلومين

 

ان القيادات الكوردية التي استلمت السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في كوردستان  وتوحدت اداراتها لا تزال تراوح في  مكانها تجاه مشكلة الكورد الفيليين ، مرة تواعدهم خيرا ومرة تقول لهم سنفتح الأبواب المغلقة بوجوهكم ومرة اخرى يحاولون تصحيح السهو والخطأ الذي وقع بحقهم وفي كل الآحوال لاتزال الأمور من دون المستوى المطلوب لتحقيق مطامح الكورد الفيليين بعودة المهجرين الى ديارهم والى بيوتهم المسلوبة وان يتم تحديد ومعرفة المجرمين الذين ارتكبوا جريمة التسفير والتهجير والترحيل والقتل الجماعي بحقهم

 

 نحن على ثقة من ان القيادات الكوردية ستعمل على ان تعطي الأولوية والأهمية لمسألة وشؤون الكورد الفيليين نحن نريد ونطالب بجهد اكبر لملف الكورد الفيليين ومتابعة شؤونهم بكل قوة وتخصص الميزانية الكافية والأموال اللازمة لرفع الحيف عنهم ، ان اقضية مندلي وخانقين وبدرة وزرباطية وعلي الغربي كلها لا تزال من دون ممثلين ومدافعين امناء عنها ولا تزال بعيدة عن دوائر القرار الكوردي بشكل فعال يضاف اليها النواحي والقرى المحيطة في كركوك ، ولا نريد ان نتكلم عن كركوك في الوقت الحاضر لان ملفها لوحدة يمثل مشكلة كبرى بحد ذاتها

 

لقد مضت سنوات عجاف على مجزرة التهجير والترحيل وتغييب أبناء الكورد الفيليين والسلطات العراقية بعربها وكوردها ، كلهم مشغولون في امور مناصب وزرائهم وكيفية توزيع المناصب على ابناءهم وبناتهم واقربائهم اما حقوق المظلومين فهي في آخر قائمة حساباتهم ، اننا اذ نذكر ونحذر السلطة العراقية وكذلك سلطات الأقليم في كوردستان بنفس الوقت من عواقب اهمال الملف الكوردي للفيليين من المرحلين والمغيبين ونؤكد على ضرورة الأسراع في حل المشاكل العالقة في قوانين الملكية والعقارات ومحاولة تفعيلها وملاحقة المقصرين من الموظفين وكذلك بالنسبة لقانون الجنسية وعودة المهجرين الى ديارهم وضمان حقوق المفقودين والشهداء والمفصولين السياسين وبعكس ذلك فان اي حكومة لا تلبي مطالبنا ستسقط  ان عاجلا ام اجلا وستجد مقاومة شديدة من ابناءنا ومثقفينا وسنواجهها بكل السبل المتاحة لنا ونؤكد بان كل الحكومات  ستصل الى نفس المصير الذي وصلت اليه حكومة الطاغية صدام اذا لم تتفاعل مع مظلومية المظلومين من الكورد الفيليين وابناء وعوائل الشهداء وذوي المقابر الجماعية للشهداء في العراق ، ان الطغاة والجهلة والقتلة مصيرهم واحد عندما يتعلق الآمر بامر الشعوب