بيروت تحترق من جديد

 

ضياء السورملي – لندن

 

انطلقت صفارات الأنذار وأعلنت  ان بيروت تحترق من جديد ، ودخل المواطنون الملاجئ ، اعلنت الحرب واشتعلت بيروت من جديد ، لبنان وجبال الأرز تهزها القنابل ، عيون تبكي ، اطفال ترتعب ، نساء خائفات ، شيوخ يندبون ، وساسة عرب نائمون و مرعوبون , بدأت الحرب والساسة والقادة العرب في قصورهم تائهون , عن شعوبهم معزولون ،حكامنا يعانون من انفصام عما يجري في شوارع بيروت وضواحيها

 

من المسؤول وهل نحاسب حكومة توصف بالوطنية الباسلة المناضلة المنتخبة التي صفق وجاء بها الشعب وهي نفس الحكومة لا تعرف متى وكيف ولماذا  حدثت الحرب في بلدها ولا تعرف ان المطار قصفوه وان المدرج دمروه وان الطائرات حاصرت بلدا اسمه لبنان والبوارج الحربية حاصرت بيروت والمدفعية هزت ودكت الجبال والسهول والوديان والبيوت والمدارس والكنائس والمساجد 

 

الحكومة اللبنانية غائبة عن ما يحدث عندما بدأت الحرب , الحكومة  لا تعرف حتى الرقص في حلبة الصراع ولا تعرف الا ان تضع راسها في الرمال عندما يتقدم عليها العدو  من كل الجهات ، الحكومة اللبنانية لا تعرف اسباب الصداع والصدع والتصدع في بيروت ، هل تعرفون بعضكم البعض ايها السادة الوزراء وهل تعرفون من هم اعضاء ونواب مجلس نوابكم ، اين انتم من احتراق بيروت واحتراق لبنان

 

اتخذ قرار الحرب على اسرائيل من دون علم القيادات في بيروت و من دون علم جميع القادة يالها من مسخرة ومن مهزلة ان يتم اعلان حرب من دون استشارة أحد في الدولة بحجة السرية التامة وضرورات العمل العسكري , هذه هي حقيقة القرارات العربية التي دائما تجلب لنا الهزيمة.

 

لا نعرف من يقود هذا العمل العسكري؟  هل هم القادة العسكريون الضالعون بامور الجيش وقواته ام ان القيادة هي من الملالي التي تقود المليشيا المسلحة وهي نفسها القيادة  المتحصنة لا تغني ولا تسمن في زمن الحرب ، وان واقعة كربلاء خير شاهد على ما نقول وكيف بقي الحسين لوحدة في ساحة القتال مع مجموعة من اصحابه

 

الموعودون بالكلام المنمق والخطب الرنانة من ايران ومن سوريا ومن غيرها من الدول العربية وغير العربية  نسوا ما حصل في التاريخ الأسلامي من غدر وخيانة للوعود  ويبدو انهم لم يقرأوا التاريخ وانهم لم يفهموا معاني الغدر والطعن من الخلف لهؤلاء القادة الميدانيين من رجال الدين الذين ما ان تندلع الحرب حتى ينسوا انهم من اشعل فتيل الحرب  ويبدأوا يصرخون بوجوهنا  ويزعقون باعلى اصواتهم  ويقولون  لم ينصرنا العرب ! خذلتنا القيادات الخائنة !  انها مؤامرة كبيرة وحق الكعبة ! ، لماذا إذن  اتخذتم قرارات الحرب اذا كنتم غير مؤهلين لها ؟  ان مسؤولية القتل كلها تقع على عاتقكم ، ان من يتورط في الحرب عليه ان يجد المخرج لها وعليه ان يتحمل الدمار والخراب التي تسببه الحروب

 

اول دولة عربية مسؤوله تنكرت لهذه الحرب وقالت ان من اشعلها عليه ان يطفيها هي السعودية صرحت بشكل علني بهذا الموقف الغريب ، غريب لانه يصدر من دولة عربية  تدعي انها راعية الأسلام والمسلمين وانها تقود الامة العربية وهي بنفس الوقت لا تعرف من اشعل الحرب ومتى ومن سيطفيها ثم تبعها بعد ذلك رائدة القومية العربية مصر ومن بعدها الأردن وملكها وهم كلهم دول مجاورة لأسرائيل

 

ثم ياتي موقف الجامعة العربية والتي نعرف كلنا انها متفرقة مفككة لا جامع يجمعها ولا رابط  يربطها بل على العكس انها المنظمة المفككة العربية ليس الا ، وخصوصا عندما يكون الأمر مع اسرائيل فانها تزداد تفككا وتراخيا وتبتعد عن مسؤوليتها ، ان هذه المنظمة هي قوية وجامعة فقط  وتزأر بوجه كل من يوجه لها نقدا اذا كانت من اي دولة عربية او اسلامية ، هذه هي مهزلة الجامعة العربية التي تتفرج على بيروت وهي تحترق من جديد  وان امينها العام عمرو موسى لا يزال في غفوته و لم يصحو من ثمالته ومن نعاسه لان الوضع يتعلق ببيروت  او بالحقيقة الوضع يتعلق برجل وضع على راسه عمامة سوداء ينعتونه بالرافضي والشيعي المتطرف يصرخ من دون وعي ومن المخجل للكثير من الدول العربية واسرائيل كذلك ان رجل دين شيعي معمم هو الذي فجر الحرب وعليه ان يتحمل مسؤوليتها ،يبدو انه سيكون الدرس البليغ لكل من يتخذ قراره من دون استشارة الجامعة العربية وأمينها الأبدي ابن مصر أم الدنيا وخادم اسرائيل وحامي حماها  

 

ثم جاء بعد ذلك الرد والجواب من اليمن السعيد حيث يدعو رئيسه المنتخب الى ابد الآبدين الى الأسراع بنصرة الأخوة والمؤمنين والمسلمين والدعوة لمؤتمر القمة الطارئة لرؤساء الدول العربية ، هل عندنا رؤساء؟  وهل لرؤساء دولنا رؤوس نووية او هل في رؤوسهم افكار للدفاع  ام ان رؤوس رؤوساءنا في الدول العربية خاوية لا مخ فيها ولا مخيخ ولا فيها جزء يعالج الحروب الطائفية والجانبية والحروب العربية الأسرائلية ، ان الرؤساء والملوك العرب أرعبتهم اسرائيل وخذلتهم  وحسنا فعلت لانها تعرف كيف تأخذ  حقها وحقوقها ، وتهينهم في كل يوم انتقاما لحكمهم الأبدي علينا

 

ياتي الرد بعد ذلك من ليبيا ومن زعيمها ابو المفاعلات الكيمياوية والقنابل النووية والتصريحات والتقليعات الفنتازية التي اضحكت العالم عليه وهو يصرخ ويسخر لا نعرف منا او من نفسه او من شعبه ولم نعرف لحد الأن من عينه أو نصبه امينا جماهيرا في دولة جماهيرها مغيبة  ولم يبق فيها فكر ولا مفكرين ، يقول الامين الجماهيري المنتخب من جماهير الجماهيرية العظمى سنحرق الارض تحت اقدامهم ولا ندري تحت اقدام من ، ربما تحت اقدام الشعب الليبي لان  الحكام العرب أسود على ابناء جلدتهم و هاربين امام جنود اعدائهم . ثم ياتي الرد من طاووس العرب في ليبيا وبثوب جديد هذه المرة وعلى شكل اقتراح ! يا فرحتكم ايها العرب فان مسائلكم مع اسرائيل اصبحت تحل بالأقتراحات ، اقترح الرئيس ان تكون فلسطين واسرائيل دولة واحدة واسمها إسراطين ، ياسلام انها فكرة رائعة ولكن كيف ستقتنع حماس الأسلامية بهذه الفكرة الجهنمية والتي ستاتي بالحل السحري وكيف سيقتنع شارون النائم في سباته ولن ينهض حتى تتحق هذه الامنية القذافية و مثلما يقول المثل العراقي الشعبي ( موت يازمال لمن يجيك الربيع )

 

ان بيروت تحترق من جديد . لا دبابات سورية تحركت , ولا طائرات ايران طارت , ولا صواريخ الاردن ردت على العدوان , ولا الجيش المصري بطل قمع المظاهرات الجماهيرية انطلق ليفك النزاع ويتدخل في فك الاشتباك او الأشتراك في نصرة بيروت المحترقة ولم يهتز شارب من شوارب ملوك السعودية وامرائها ونفس الحال هو في كل الدول المتبقية وعددها كثير مندول اسلامية او علمانية   

 

اخيرا نقول لا تتكلموا اكثر ايها السادة القادة ، فان بيروت اصبحت للعدو منقادة وان بيروت صارت تحت رحمة قادة اسرائيل ايها السادة ،الشيخ سعد الحريري عرج بطائرته الخاصة الى مطار لارنكا ومنها ذهب للاردن فاستقبل استقبال الابطال ! ، لماذا لانه دافع عن لبنان ومنع الحرائق عن بيروت وصمد فيها صمود الأبطال! وبقي هناك مع النساء ومع الاطفال !

 

يتحمل مسؤولية الحرب من اعلنها ومن صرخ باعلى صوته في اذاعات ومحطات تم تدميرها  سندمرهم وسنرد لهم الصاع صاعين وسنقتلهم وسنمحوهم وسنمسحهم من الخارطة وسنرميهم في البحر ، وفي النهاية تم رمينا في البحر ومحاصرتنا من وراء البحر ومن امام البحر وتم مسحنا وتم تدميرنا وتم قصفنا وتم قتلنا وتم التضحية بنا مقابل جندي واحد اسرائيلي اسير  والسادة الساسة نائمون ، يصرخون في احلامهم دافعوا عن انفسكم ولا تفكوا الجنود الأسرى  ولا تموتوا لاننا عندما نستفيق من نومنا ومن احلامنا  سناتي وندافع عنكم وعن بيروت وسناتي بكل سيارات الحريق لكي نطفئ بيروت من الحريق وننقذ كل غريق