كاكه حمه ويس وحقوقه المسلوبة وآيات الله
ضياء السورملي – لندن
فكر كثيرا كاكه حمه ويس في كيفية استرداد داره المسلوبة او المغتصبة ، تتلخص قضية كاكه حمه ويس بانه وحوالي ربع مليون عائلة كردية فيلية تم تهجيرها قسرا من العراق في سبعينات و ثمانينات القرن العشرين لاسباب عنصرية وطائفية وسياسية ، صادرت الدولة العراقية ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة واسقطت عنهم الهوية والجنسية العراقية وسفرتهم خارج حدود العراق على طرق مزروعة بالألغام والمتفجرات باتجاه الحدود العراقية الايرانية
لم تكتف هذه الدولة في زمن حكم الرئيس المقبور احمد حسن البكر التكريتي رئيس العراق السابق ونائبه المجرم صدام حسين التكريتي بالتهجير ومصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة بل عملت على حجز شبابهم ويقدر عددهم باكثر من عشرة آلاف شاب ومعهم بعض الشابات وبعدها تم تغييبهم والى الأبد ، حيث تبين بعد سقوط نظام الحكم العفلقي بقيادة المجرم صدام حسين واعوانه من المجرمين المشتركين في هذه العملية القذرة من مخابرات واستخبارات النظام ورجال امنه والأجهزة القمعية الوحشية التي كانت تدير العمليات الجبانة بحق ابناء الكرد الفيليين وكل الشرفاء من العراقيين ، تبين انهم قتلوا باجراء التجارب الكيمياوية والبايولوجية عليهم وقتلوا لكي تباع اعضاء من اجسادهم
فكر كاكه حمه ويس باستعاده حقه وداره المسلوبة ، بدأ حملته بالمطالبات القانونية التي لم تنفع بسبب العقلية الشوفينية المقيتة المغروزة في عقول الحاكمين بعد سقوط الصنم ، وكذلك بسبب الفوضى الادارية والفساد المستشري في كل دوائر الدولة و بسبب ان الكثير ممن هب ودب من المتخلفين اصبحوا مستشارين ومدراء عامين ووزراء واعضاء في البرلمان بسبب المحاصصات الطائفية والسياسية والمحسوبية والمنسوبية وارتفاع معدلات الجريمة والأرهاب في بلد تم نهشه من قبل جماعات لا هم ولا غم لها الا القتل والسرقة والفرهود وفرض الأتاوات على المغلوبين والمظلومين
ذهب كاكه حمه ويس الى داره الواقعة في شارع فلسطين في بغداد وربما كانت هذه الدار هي السبب في ترحيله وتسفيره من قبل رجال الامن لانهم كانوا طامعين في الأستيلاء على بيته لفخامته وجودة بناءه ، اخذ يحوم حول داره ، يريد ان يعرف من يسكن فيها والتأكد من عدم هدمها وان الدار لا تزال باقية مثلما كانت يوم بناها بكل ما يملك في سبيل اسعاد عائلته واهله وبناته وابناءه الذين غيبهم النظام في سجون الفضيلية وابي غريب ونقرة السلمان ومركز المخابرات في الكاظمية ، نزلت دموعه من عينيه وهو يتذكر مصير عائلته التي فقدهم جميعا والذين بلغ عددهم انذاك اثني عشر شخصا ومن اقرب المقربين له
تجرأ كاكه حمه ويس ان يطرق الباب لكي يتحدث مع اهل البيت وليخبرهم انه صاحب هذا البيت وانه مالكه الأصلي ، فتح له الباب رجل وقور يلبس العمامة السوداء والجبة السوداء وله لحية مصبوغة سوداء ووجه نوراني يدل على رخاء صاحبه
استقبل الرجل كاكه حمه ويس واخذه الى الصالة التي يعرفها كاكه حمه جيدا لانه من وضع تصاميم وخرائط البيت واشكاله الهندسية حيث كان يعمل مهندسا معماريا يوم بنى بيته بماله الحلال وعرق جبينه ، كان السيد المعمم يعتقد ان الضيف جاءه من اجل استشارة دينية او انه جاء ليدفع له الخمس ولم يكن يعرف ان الضيف هو صاحب البيت ومالكه
نظر كاكه حمه ويس الى جدران الغرفة فهالته الصور والأيات القرانية المعلقة في كل مكان وفي كل زاوية من زوايا البيت ، صورة كبيرة للامام علي (ع) وصور للسيد الصدر الأول وأيات متعددة مؤطرة باطارات مذهبة وان الأرض مفروشة بافخر السجاد الأيراني وان البيت كما يبدو قد سكنه اناس ذو جاه وثروة او ذو نفوذ وسطوة والله اعلم
بعد ان تم شرب الشاي والقهوة والترحاب وكلام المجاملات ، شرح كاكه حمه ويس قصته من اول يوم الذي تم تسفيره والى سقوط النظام وختمها بالقول التالي ، مولانا وسيدنا حتى لا اطيل عليك الكلام وباختصار شديد انا جئت لآخبرك بان هذه الدار التي انت جالس بها هي داري وملكي الصرف وعندي كل الأوراق الثبوتية بالملكية لها واطلب منك مساعدتي على ارجاع داري لي بالطريقة التي تجدها سهلة ومناسبة لك
استغرب السيد الذي يدعي ان جده رسول الله استغرب وتعجب من كلام كاكه حمه ويس ونزع عمامته ووضعها جانبا لتظهر صلعة راسه ، تبدلت اسارير السيد وتبدل كلامه المنمق وتحول فجأة الى نمر يريد ان ياكل فريسته واخذ يهدد ويتوعد ويسب ويشتم ويلعن ويصرخ وهو منفعل الى اعلى حدود الأنفعال
كل هذا وكاكه حمه ويس صامت ومستمع جيد وبارد الأعصاب وهو الذي خبر كل سجون ومعتقلات وممارسات البعثية وكل سنوات القهر والهجرة ، رد عليه بعد كل ذلك باسلوب مهذب وقال له ايها السيد الجليل انا استغرب منك ايضا كيف استطعت ان تعلق صورة الأمام علي (ع) رجل العدالة في داري وكيف تصلي في بيت مغتصب من امثالي وكيف تقرأ كل هذه السور والأيات المعلقة على جدران بيتي ، لا بل كيف يتحمل راسك هذه العمامة الشريفة التي لا يلبسها الا الشرفاء من رجال الدين ومن النسب الخالص لسيدنا وجدنا الحسين (ع)
هدأت ثائرة الرجل وهو يستمع الى كلام كاكه حمه ويس بهدوء قل نظيره وهو يشرح له احكام الدين ويقدم له محاضرة قيمة في اصول الدين وشرائعه وتعاليمه وبعد ذلك اخرج كاكه حمه ويس مجموعة من الأوراق مكتوب فيها ثمانية فتاوى تحريرية حصل عليها من ثماني مراجع دينية كل واحد منهم يحمل لقب آية الله وكلها تجمع على ان
اولا : لزوم ارجاع كل حق الى ذي الحق من الناحية العامة
ثانيا : لو ثبت بنحو شرعي مالكية شخص لارض وهي في يد شخص آخر فعليه ردها الى صاحبها الأصلي ولا يجوز التصرف فيها بدون رضاه
ثالثا : ولو اقدم شخص على شراءها مع علمه بالحال فهو ضامن لها
رابعا : لا يصح الصلاة فيها لمن يعلم بالغصبية
خامسا : على الحكومة استردادها منه وردها الى صاحبها الأصلي ان طلب المالك من الحكومة ذلك
( الفتاوى الأصلية ونسخ منها محفوظة عندنا وانا مستعد ان ارسلها لمن يريد ان يطلع عليها )
لم
يقتنع السيد المعمم بكل ما قدمه له كاكه حمه ويس من ادلة ومن فتاوى ،واخيرا
لم يصبر السيد على كلام كاكه حمه ويس وخاطبه بالقول اسمع كاكه حمه ويس ، هذا
البيت كان يسكنه مدير الأمن في زمن صدام وعندما سقطت الحكومة انا استوليت
عليه ، واقولها لك بصراحة
خرج كاكه حمة ويس وهو يهز بيديه وهو غير مندهش من صاحب العمامة وما تحت العمامة ومن يحمي اصحاب العمائم في زمن سقطت فيه العمامة على الارض وديست تحت الاقدام من قبل ازلام النظام ومن يسمون بفدائيي صدام وفي زمن ضاع فيه الحق والحقوق واصبح قتل العراقي فيه على الهوية وبدون الهوية وصار رمي الجثت في الشوارع وفي الأنهار حالة اعتيادية
وقف امام داره من جديد وهو يردد مع نفسه بحزم اكبر وبتحدي اقوى ساخرجك من داري ايها المغتصب وانزع عمامتك وافضحك وسانتصر عليك مهما اختبأت وتخفيت بالعمامة وعباءة الدين وانا اعرف ان سلطكتم هي سلطة مزيفة وستسقطكم الأيام وارادة الخيرين واحكام القانون المدني والشريعة والدين
غادر كاكه حمه ويس داره وقول الشاعر يرن في اذنيه تنام عيناك والمظلوم منتبه ....... يدعو عليك وعين الله لم تنم |