شهداؤنا وقضيتنا -
ضياء السورملي
تشكل القضية
الكردية الفيلية محورا مهما في سياسة الدولة العراقية الحديثة لاسباب عديدة
ومهمة تقع في كينونة تكوين هذه الدولة ، واهم هذه الاسباب هو قانون الجنسية
العراقية الذي ينظم حقوق المواطنين عامة وحقوق الأقليات والأثنيات العرقية
المتكون منها الشعب العراقي ، ان قانون الجنسية العراقية الصادر في عام 1924
قسم العراقيين الى مواطنين من الدرجة الأولى ومواطنين من الدرجة الثانية او
جعلهم رعايا وتبعيات لدول اجنبية مجاورة ، ومن يريد ان يخوض في تفاصيل هذا
القانون الجائر عليه مراجعة نصوصه وبنوده ومقارنته بالقوانين في الدول
المجاورة مثل تركيا وايران والاردن ومصر وسوريا والدول الأوربية وسوف يجد
ويكتشف كم هو متخلف هذا القانون وكم هو جائر بحق ابناء شعبه قياسا الى قوانين
متخلفة اخرى مثل قانون الجنسية العثماني على سبيل المثال الذي صدر عام 1869
والذي رغم تخلفه فانه يعد افضل من قانون الجنسية العراقية ( 1 ) .
ان نزع الجنسية العراقية من المواطنين يعتبر انتهاكا صارخا لحقوق البشر وهو
عمل غير اخلاقي وضد القانون وان ممارسة مثل هذه الأفعال من قبل الحكومات
العراقية يعتبر خللا في تكوين ونشأة الدولة العراقية ويؤدي الى حدوث كوارث
كبيرة بحق السكان وهذا ماحصل في عهد حكومة توفيق السويدي عندما تم نزع
الجنسية العراقية عن اليهود وكذلك بحق الكرد الفيليين في عهد رشيد عالي
الكيلاني وعهد عبد السلام عارف وعهد احمد حسن البكر وعهد الطاغية صدام حسين
حيث تم نزع الجنسية العراقية عن الكرد الفيليين ومن العديد من ابناء الشيعة
بحجة التبعية الأيرانية او بحجة عدم الولاء والطاعة للدولة .
ان التمييز بين ابناء القبائل البدوية التي جاءت ونزحت الى العراق من البوادي
ومن الصحاري ومنحهم الحقوق والجنسية العراقية على حساب مجاميع بشرية اخرى
مستوطنة ومتوطنة منذ ازمان بعيدة في العراق مثل الكرد الفيليين لا لسبب معين
ولكن لكونهم يختلفون معهم في التوجه الديني والمذهبي والعرقي فقط . مثل هذا
العمل يعتبر عملا وممارسات لا اخلاقية قامت بها زمر تسلطت على دفة الحكم
وشرعت القوانين الجائرة لكي ترضي ناسها وعوائلها على حساب بقية ابناء العراق
. لقد حرمت السلطات العراقية الكرد الفيلية من حقوق المواطنة ومنحت المواطنة
لاناس رحل ويتنقلون بين بلدان متعددة ويحملون جنسية اكثر من بلد ومكنتهم من
التوطن في اراضي الأخرين واستخدمت قانون الجنسية حربة سلاح في سبيل تحقيق
غاياتها .
هذه الأسباب واسباب عديدة منها تاريخية ومنها سياسية ومنها اقليمية ادت وسببت
في حرمان الكرد الفيلية لحقوقهم ، لا بل تم تهجيرهم ونهب اموالهم واملاكهم
مثلما حدث مع اليهود والأشوريين من قبلهم . ان تسلط افراد او حكومات ذات
نزعات ضيقة وتوجهات عنصرية من امثال حكومة توفيق السويدي ورشيد عالي الكيلاني
وساطع الحصري واحمد حسن البكر وفاضل البراك وصدام حسين وعلي حسن المجيد
وحكمهم للبلاد لاكثر من قرن من الزمان ادى الى حدوث كوارث بشرية في العراق
بسبب طيش ورعونة هولاء الحكام .
اما اليوم وفي مرحلة ما بعد سقوط صنم صدام حسين واعدامه واتباعه والتخلص من
حكم جائر وظالم ، تسلط على مقاليد السلطة ، مجموعة من الحكام الكرد والعرب
لاهم لهم الا الصراع على المناصب ونهب المال العام والوصول الى النفوذ على
اكتاف الضحايا وعوائلهم وترك مجاميع بشرية مهمشة مثل الكرد الفيليين ومهتمين
بالمصالحة مع البعثيين ومع القتلة ودعوتهم للمجرمين لكي يستوزروا مناصبهم من
جديد لكي يعود الظلم مرة اخرى وتعود حليمة الى عادتها القديمة مثلما يقول
المثل .
لقد اسقطنا السيد رئيس حزب الأتحاد الوطني الكردستاني ورئيس الجمهوري الحالي
جلال الطالباني من حساباته في يوم الأنتخابات واراد ان يعدل سقطته فسقط مرة
ومرات في دهاليز السياسة ولم يفلح من يريد ان ينصب الفخ للفيليين ، فنحن لا
نريد مجاملة من رئيس ولا نريد منة من زعيم ، نحن نريد وضع نصاب الحق في مكانه
ولا نريد مرة اخرى من يحتال علينا ويضحي بنا ، ان من يريد ان يحتال على
الفيليين ويؤجل مطالبهم سوف يفتضح امره ، وان حبل الكذب قصير ، نحن نعرف
ونتذكر من كان متفرجا يوم تسفير الكرد الفيليين ، لقد كانوا في ذلك الوقت
زعماء صامتين لا يحلون ولا يربطون ، واليوم فان فخامة رئيس الجمهورية ايضا لا
يحل ولا يربط ، انه يقبل اعداءنا ويبتسم بوجوهم ويجعل من قاتليهم مستشارين
لهم ، وعندما يصل الامر للفيليين فان حضرته ينزعج من معالجة قضاياهم ، يتبرع
للفلسطنيين بالملايين ولا يتجرأ زيارة ناسه وابناءه في معسكر اللاجئين في
مخيماتهم في ايران ، لا يهمنا زيارتك للملالي في ايران بل يهمنا زيارة
المحرومين من المسفرين والمهجرين منذ اكثر من اربعين عاما ، لامن معين ولا من
سبيل لخروجهم ولملمة جراحاتهم وعذاباتهم ، لايهمنا من امرك شئ يا سيادة
الرئيس ، فانت لست رئيسنا ولن تمثلنا بعد اليوم ولا في الأمس ولنبقى ساقطين
من حساباتك الى الأبد فنحن لسنا من نوع الأكل الذي تستسيغه وتحبه ، ان طعمنا
مر وعلقم ، ولكننا نذكرك ونذكر كل من خذلنا بانكم لن تهدؤا ولن ترتاحوا ما
زالت امهاتنا واخواتنا يرفعن ايديهن بالدعاء من الظلمة وممن تسبب في ماساتنا
.
اما السيد مسعود البارزاني فنحن نتذكر مقولته في مؤتمر اربيل اننا سنسلم
مفاتيح الأبواب المغلقة للفيليين وسنساعدهم في فتح الأبواب المغلقة ، نعم
سلمتم تلك المفاتيح لاناس اضاعوها ولم يستطيعوا فتح ابواب الفيليين ابدا ، ان
مفاتيح ابواب الفيليين يا سيادة الرئيس هي عند امهات الشهداء وابناء الشهداء
وذوو عوائل الشهداء ، لا تسلموا مفاتيح الأبواب المغلقة للسراق والحرامية
ولمن صبغوا شعورهم ولبسوا البدلات الراقية وطلقوا نسائهم ، ان مثل تلك
النماذج لن تفتح الأبواب المغلقة بل انها تحتاج لمن يغلق عليهم الأبواب
ويوصدها من كثرة الفساد الأدراي والمالي الذي عملوه بحق اهلنا باسم الشهداء
والضحايا .
ايها الفيليون اتحدوا واعملوا على رص صفوفكم وشكلوا مرجعياتكم التي تفاوض
بالنيابة عنكم ، دعوا اهل سوران يحمون سوران ودعوا اهل بهدينان يحمون ويبنون
بهدينان وساندوا اهل كركوك باستعادة كركوك من المجرمين ، عندنا خانقين ومندلي
وزرباطية وبدرة وعندنا تاريخ حافل بالنضال وبالمجد ، ان عشائر ملكشاه وقيتول
وكلهر واركواز وهموند وغيرها كلها في خدمتكم ومساندتكم ، وما عليكم الا ان
تبنوا وضعكم وتؤسسوا لكيانكم فلن ينفعكم مام جلال طالباني ولا كاك مسعود
بارزاني ولا هوشيار زيباري ، ان هموهم ومشاغلهم كبيرة وحملهم ثقيل ولا
تزيدوهم احمالا واثقالا على ما يحملوه من اموال واثقال .
اعيدوا تجارتكم واعيدوا علاقاتكم مع العالم ايها الفيليون واحيوا ذكرى
شهداءكم ولا تنسوا احبابكم واصدقاءكم احيوا تاريخكم وتراثكم ولا تطلبوا
المساعدة من احد ، لقد ولى عهد الذلة وعلينا البدء من جديد ، ساعدوا امهاتنا
على تحمل الماساة وقبولها .
ايها الشهداء عهد منا ان نبقى معكم في كل ذكرى ولا ننسى اصدقاءنا واحبابنا ،
سنجد قبوركم ايها الشهداء الأعزاء وسنحاسب ونلاحق المجرمين مهما طال الزمن
ولن تمر جرائم الطغاة من دون عقاب
تحية مجد وتقدير في ذكرى تسفيركم وتغييبكم واستشهادكم .
ضياء السورملي – لندن
(1) الكرد الفيليون وحزب البعث ص 35 , د. سعد بشير اسكندر .
|