ذكرى الترحيل

ضياء السورملي

 

بمناسبة ترحيل وقتل الاخوة المسيحيين من قبل جنجويد العرب السنة واعوان النظام البعثي في الموصل وفي ذكرى كل الترحيلات والتسفيرات بحق العراقيين من كرد فيليين ويهود وشبك وايزيدين وصابئة ومسيحين اكتب هذه النثرات التي ذكرتني بايام التسفيرات لاهلي واخوتي واقربائي في العراق في السبعينات والثمانيات من القرن الماضي .

 

أرجوك لا تَثرْ أحداثَ ماض ٍ

 ولا تهيْجَ آلامي و جراحاتي

فجروحي في كل لحظة ٍ

 تجري في كل عرق

 في كفي وراحي

وآلامي تصحو في كل ليل ٍ

ولم تهدأ صبحا ً

ولم تهدأ في المساءِ

 

جراحاتُ  ماض ٍ  بدأت

منذ تهجيرِ أهلي وناسي

وأنتهت بالتنكيل بهِم

بشكلٍ بشعٍ ٍ وقاس 

صرتُ لا أذكر وجه أبي

 ولا وجه عمي و وجه  خالي 

 

ولكن أتذكر حينما كنت صغيراً

أتذكر إني كنت ألعبُ مع بنت جاري  

أتذكر أنهم سيقوا الى حتفهم من دون ذنبِ

أتذكر أن  جنجويدا من الأوباشِ

أفزعوهم في عز الليالي

وحرموهم من الأكلِ والشربِ والماءِ

أتذكر أن رجال الأمن 

سرقوا كلٌ ما يملكوه من جاه ٍ ومالِ

سرقوا الذكريات وصورَ الألبومِ

وحتى الوشم َ مسحوهُ  من أوجه النساءِ

نكروا عليهم حبٌ الوطنِ

والتضحيةِ والفداءِ

 

أستحلفكَ بربِ الكونِ

بربِ  الظلمِ

أن لا تهيجَ علي جراحاتي

ولا تقطعَ عني أنفاسي

فأنا كلما تذكرتُ أمي

وأهلي وناسي 

يَسري الألم في عُروقي

ويتمرد في داخلي إحساسي

وينحبسُ التفكيرُ في عقلي

وتتصلب كل شعره

في جسمي ورأسي 

ويتوقفُ نظري

ويتبلدُ تفكيري

وأبقى مشدوها

فاقدا للحسِ والإحساسِ

عندها لا فرقَ عندي

بين الأصنامِ والناسِ

بين الكفرِ والدينِ

بين الكُره والحُبِ

أنا فقدتُ طعمَ هذه المعاني

يومَ صار الوطن في فكريَ غربه

وصار الألمُ في فميَ لذه

 فقدتُ طعمَ هذه المعاني

يوم صرتُ بعيداً عن الإحساسِ

وصرت لا أشعرُ بمن حولي

 من الأهلِ والناسِ   

 

ضياء السورملي

 بادربورن / المانيا

kadhem@hotmail.com

Back