إهمال مشاكل المرأة وإستخدام العنف ضدها

من مظاهر الجهل في المجتمع

  فراس جاسم موسى

 

ليس من مظاهر التحضر ولا التطور في المجتمع إهمال معاناة المرأة وإستخدام العنف ضدها وهي وعاء المجتمع .

نحتاج لإن نذكر إن المرأة ركن مهم وأساس في بناء المجتمع وإن الله تعالى قد خصها بمكانة متميزة وأوجب لها حقوقا كثيرة في كل الرسالات والشرائع السماوية عبر القرون التي مرت بها المجتمعات في العالم ‘ولكن على الرغم من ذلك عانت المرأة وأمتهنت و كانت الموؤدة التي قتلت بغير ذنب وهي الإنسان الذي خلقه الله كما خلق الذكر ‘ وكانت الجارية التي لادور لها ولا إختيار وهي الأخت والأم والزوج ‘ وبعد أن جاء الإسلام رفض كل تلك القيم البالية وأنزل الله تعالى في القران الكريم ايات وسور تحفظ حقوق المرأة منها ( وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت ) وأطلق على إحدى السور القرانية أسم (سورة النساء) ومنحت حق الإنسانية

وحق الإرث وأوجب لها المعاملة الحسنة وجاء في الحديث الشريف (لايفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها أخر) .

وعلى الرغم مما تقدم في معاناة المرأة إلا إن التأريخ حفظ لنا أسماء نساء تمكن من كسر كل القوالب الحديدية التي حاول المجتمع أنذاك فرضها عليهن ونذكر منهن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام التي كانت تلقب بالمحدثة العليمة لبلاغتها في القول ‘ والسيدة زينب عليها السلام التي واجهت سيوف الأعداء بكلماتها وخولة بنت الأزور التي قاتلت الى جنب الرجال في المعارك الإسلامية وأم عمارة التي كانت تقاتل وتطبب الجرحى في المعارك ونساء شاعرات كالخنساء وحسانة التميمية ونساء ملكات كبلقيس ملكة سبأ التي ذكرت في القران الكريم وزنوبيا ملكة تدمر ‘ وغيرهن كثيرات .

وفي عالم اليوم تثبت المرأة إمكانيتها في القيادة والعلم وفي كل مجالات العمل ‘ وهنالك إحصائية أشارت الى أعداد ونسب النساء القياديات في العالم وكما يأتي :

1-    إحدى عشرة إمرأة يشغلن منصب رئاسة الدولة سبع منهن بعنوان رئيس وأربع بعنوان رئيس وزراء .

2-    إرتفاع عدد الوزيرات من 3.45 % في عام 1987 م و6,8 % في عام 1996 م ثم 11,3% في عام 2004 م.

3-    في أوربا أعلى نسبة للوزيرات وهي 18% ثم الأمريكيتين  بنسبة 14,7 % ثم أفريقيا 10.8 % وتليها اسيا 6,9 % .

والى جانب تزايد النساء القياديات في العالم تبين لنا أنها (المرأة ) كثيرا ما تعاني في شتى أنحاء العالم وخاصة في المجتمعات الشرقية حيث أجرت جمعيات تنظيم الأسرة لأحوال المرأة دراسة في بعض البلدان العربية حول وضع المرأة وكانت نتائج الدراسة على النحو التالي:

1-    شبهت معاناة المرأة العراقية بمعاناة المرأة الفلسطينية من حيث عدم شعورهما بالأمان.

وبالنسبة للمرأة العراقية فقد أضيفت الى معاناتها لعقود طويلة في السنوات الأخيرة حالات الإختطاف والتعرض للعنف الجنسي والمكوث في منازلهن خوفا من ممارسات العصابات الإجرامية في شوارع العراق .

2-  تعاني المرأة السودانية مشكلة مع متخذي القرار حيث إنها مبدعة وفاعلة تعمل في كل المجالات وتصطدم بتفشي الأمية في الأرياف والمدن النائية ولايسمح لها بتقلد المناصب القيادية حيث يوجد من أصل (350) عضوا في المجلس الوطني السوداني خمسة عشر إمرأة فقط .

3-    تفشي الفقر والأمية في الوسط القروي الموريتاني بنسبة 60% .

4-    وفي مصر وسوريا وجود مشكلة الأمية في المناطق النائية والأرياف .

5-  لاحظت الدراسة وجود مشكلة أساسية في الأردن وهي الزواج المبكر وتأثير ذلك على حالات الطلاق كنتيجة للزواج المبكر ‘إضافة الى مشكلة غلاء المعيشة .

6-  في جيبوتي بروز مشكلة الطلاق بشكل أساس نتيجة للفقر المدقع حيث تطلق الزوجة ويترك الأطفال في حضانتها وإعالتها .

7-    أما تونس فتبرز فيها مشكلة من نوع أخر وهي تأخر الزواج حيث بلغ معدل سن الزواج  فيها (29 ) سنة .

وقد قامت جمعيات تنظيم الأسرة ببعض الإجراءات للمحاولة في حل مشاكل المرأة أو تحجيم معاناتها في تلك البلدان وعلى الشكل الأتي :

1-    تقديم قروض مالية بدون فوائد لتمكينها من إعالة نفسها وأولادها .

2-    إطلاق برامج لتعليم المرأة الحرف والمهن لتتمكن من العمل .

3-    تقديم خدمات صحية .

    

أضف الى نموذج البلدان العربية نموذج المجتمع الباكستاني حيث يقتل كل عام في هذا المجتمع المئات من النساء ويتعرضن للإمتهان بأسم الشرف والأعراف الموروثة ‘مما حدا بالهيئات غير الحكومية العاملة بصورة مشتركة مع جمعيات شؤون المرأة الى إصدار رسالة مفتوحة تشير الى إن في باكستان يعلمون إن هنالك العديد من حالات العنف ضد المرأة لاتدرج في السجلات الرسمية ‘ومن المشاهدات في مجال إنتهاكات حقوق المرأة في باكستان هي تعذيب وقتل الفتاة التي تختار شريك حياتها دون موافقة ذويها ومن المخزي حقا أنه حين الإعلان عن تلك الحالات لا يقدم الجناة الى العدالة وعلى سبيل المثال ‘ تم قتل الضحية (سامية سرور ) من قبل أقاربها في مكتب محاميها لطلبها الطلاق من زوجها ‘ والضحية (شازي) قتلت مع زوجها وهما تحت حماية الشرطة في طريقهما الى المحكمة لرفع أقاربها دعوة ضدهما لزواج شازي بغير رضاهم ‘ و(شايستا لامني) طلقها زوجها بعد تهديد أهلها لزوجها .

ومن خلال نظرة عامة لواقع المرأة والمجتمع نستطيع أن نحدد أسباب إستخدام العنف ضد المرأة بما يأتي :

1-  إنعدام التوازن النفسي للرجل وضعف بنيته النفسية وما قد يواجهه في حياته اليومية من مصاعب قد يؤثر على سلوكه السلبي تجاه المرأة .

2-  العامل الثقافي حيث تؤثر الخلفية الثقافية للرجل ومزاولته للنشاطات الثقافية في غرس قيم محمودة في سلوكه سلوكا حسنا مع المرأة .

3-  العامل الإجتماعي في إختلاط الرجل بالشعوب المتقدمة وإطلاعه على نماذج إيجابية لحياة المرأة قد يحفزه لتقليد تلك النماذج ‘ وعزلة الرجل وعدم مشاهدته لتلك النماذج يجعله محدودا ومنغلقا  .

4-  العامل المادي و علاقته الوثيقة بحياة العائلة‘ حيث تزايد حاجات العائلة بدون إشباع بسبب محدودية الدخل وإعتماد العائلة على كسب الرجل فقط سيجعل الرجل ينظر الى زوجته على أنها مصدر طلبات مستمر وعجزه عن تلبية تلك الطلبات سيوتره وقد يقوده للعنف .

5-    ضعف السيطرة الحكومية على البلاد يولد فراغا يشجع العنف ضد المرأة  .

 

   نتائج العنف ضد المرأة

يحتاج هذا الموضوع بحوثا مطولة بعناوين مختلفة حيث إن نتائج العنف قد تكون نفسية أو إقتصادية أو إجتماعية أو ثقافية ‘ ولكن ما يهمنا في هذا الموضوع هو إظهارجزءا من الأثر الإجتماعي والأسري وكالأتي :

1-  إستخدام العنف ضد المرأة يهدم وحدة الأسرة وإذا ما سلمنا إن الأسرة هي نواة المجتمع فإن ذلك يعني إنهيار وحدة المجتمع .

2-    العنف يؤثر على سلامة تربية الأطفال من عدة جوانب :

أ‌-     مشاهدة الأطفال لأمهم وهي تضرب وتهان يعرض الأم والأطفال بدرجة أكبر الى الأمراض الإجتماعية .

ب‌-العنف ضد المرأة يفقدها التركيز الواجب لتنشئة أطفالها تنشئة سليمة .

3-    تنامي الكراهية والحقد ضد الرجل مما قد يولد رغبتها في الإنتقام منه أو تولد حالة النفور .

4-  الإستمرار في ممارسة العنف قد يدفع الزوجة الى فقدان التوازن الأخلاقي والقيمي مما قد يدفعها الى البحث عن علاقة ودية وهادئة مع رجل أخر وقديحصل ذلك بشكل غير شرعي وسري .

المعالجات والمقترحات 

على هدي ما تقدم يمكن وضع بعض المعالجات والمقترحات الأتية :

1-          العمل على بث برامج توعوية على ضرورة إحترام دور المرأة ومكانتها في إطار أخلاقي وديني وقيمي .

2-    تقنين عملية إستخدام العنف ضد المرأة في إطار تشريعات تعالج هذه الظاهرة وتتصدى لها.

3-  التعاون بين المؤسسات الحكومية و المنظمات غير الحكومية المختصة بالشؤون الإجتماعية في التحرك على الأسر التي تعاني من بلاء العنف ووضع الأليات المناسبة للحد من هذه الظاهرة .

4-    فتح المراكز الخاصة في معالجة العنف بكل الوسائل المالية والصحية والإجتماعية والنفسية.

5-  فتح مراكز لتعليم النساء المهن والحرف وتشجيع تسليف النساء لإقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتوفير مصدر دخل لهن .

6-    محاربة الأمية وفتح مراكز لتعليم المرأة في مختلف المراحل التعليمية .

 

 بالتأكيد إن هنالك نماذج اكثر ومشاكل أكبر ومعالجات أكثر ولكن ما يهمنا إننا سلطنا الضوء على تحدي كبير يواجه المجتمع ككل وليس فقط المرأة . لإن المرأة يمكن أن تكون المدرسة التي تعد الشعوب وكما يقول الشاعر

 

الأم مدرسة إذا أعددتها

                        أعددت شعبا طيب الأعراق .

 

للتنويه / ألقيت هذه المحاضرة من قبلنا في قصر المؤتمرات بتاريخ 29/12/2004 بحضور عدد غفير من ممثلي منظمات المجتمع المدني وعددا من المسؤولين الأمريكيين ‘ وقد نشرت في مجلة الراية القطرية وموقع المجلس العام للكرد الفيليين انذاك .