صدام للربيعي: أنت تخاف مني.. فرد عليه مستشار الأمن الوطني: لماذا أخاف أنت الذي ستعدم

القاضي حداد الذي أعدم الرئيس العراقي السابق يكشف لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل التنفيذ ويعلن: انا اعارض عقوبة الموت

علي مندلاوي :-   القاضي منير صبري حداد من مواليد عام 1964 في الكاظمية ببغداد، ويتحدر من عشيرة (شوان) الكردية الفيلية. أنهى حداد دراسة القانون في جامعة بغداد، وعمل فيها محاميا ومستشارا قانونيا، ثم انتقل الى سلطنة عمان ليعود منها الى بغداد بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003.

القاضي منير حداد («الشرق الأوسط»)

في بغداد التقى حداد سالم جواد الجلبي، وأسس معه محكمة الجنايات المختصة بمحاكمة جرائم نظام صدام على أن يكون الجلبي المدير العام للمحكمة وحداد القاضي الاول فيها. وأدى اليمين الدستورية كأول قاضي تحقيق في المحكمة أمام مسعود بارزاني رئيس مجلس الحكم آنذاك. وعندما توفي رئيس محكمة التمييز العراقية القاضي جمال مصطفى كان حداد مرشح رئيس الوزراء نوري المالكي لشغل المنصب.

حضي حداد بأعلى نسبة من النقاط في مجلس الوزراء، وصادق مجلس الرئاسة بالإجماع على تعيينه. وحسب سلم الأقدمية في قانون المحكمة أصبح نائب رئيس محكمة التمييز، وهو أصغر القضاة سنا فيها. كما كلف الإشراف على تنفيذ حكم الإعدام بصدام. «الشرق الأوسط» التقت القاضي حداد في إحدى قاعات فندق الشيراتون في أربيل أثناء مؤتمر صحافي عقده أخيرا هو وزميله القاضي محمد العريبي. وفي ما يلي نص الحوار:

* كيف كان لقاؤك بصدام حسين؟

- التقيت صدام حسين مرات عديدة عندما كنت قاضيا للتحقيق. المرة الاولى التي قابلته فيها كانت للتحقيق في قضية تسفير الأكراد الفيليين، وامتدت المقابلة لأربع ساعات ونصف الساعة.

استجوبته في هذه القضية عن تسفير وإبادة الفيليين، وعندما سألته لماذا قمت بتسفيرهم كنت أتوقع ان يقول انهم ليسوا عراقيين، ولكني فوجئت بقوله: ان الأكراد الفيليين جزء من شعبي وهم جزء من الشعب العراقي، وانا لم أظلمهم ولا ظلمت أحدا.. أنا حاربت اعداء العراق. كان منطق شخص يتكلم في السياسة اكثر مما يتكلم في القانون.

*وكيف تم اختيارك للإشراف على تنفيذ عملية الاعدام ؟

ـ اختياري لتنفيذ الحكم كان من قبل المحكمة ومن رئيس المحكمة الاستاذ عارف عبد الرزاق الشاهين تحديدا. إذ تلقيت اتصالا منه ليلة تنفيذ الاعدام، وكان في مدينة السليمانية. قال لي حرفيا «أنت الذي تنفذ الحكم بصدام حسين»، ولم يمانع رئيس الوزراء.

* من اختار أول ايام العيد موعدا لتنفيذ الحكم بصدام؟ ـ التوقيت من اختصاص السلطة التنفيذية وأعني الحكومة، وفي نصوص القانون العراقي مواد تتعلق بإجراء الاعدامات كان الحاكم الاميركي (بول بريمر) علقها، ومن ضمن هذه المواد «لا يجوز تنفيذ احكام الاعدام في ايام العطل والمناسبات الدينية»، وعندما أعيدت عقوبة الاعدام بقيت المواد الاخرى معلقة، لأن المادة الوحيدة التي اعيد العمل بها هي عقوبة الاعدام، فلم يكن هناك نص قانوني يمنع تنفيذ الحكم في يوم العيد، والحكومة هي التي اختارت التوقيت، وأنا وافقت عليه.

*ماذا عن لحظة التنفيذ تحديدا؟ ـ لحظة التنفيذ التقيت بصدام، وهو يدخل مرتديا المعطف الأسود، وعلى رأسه السدارة البغدادية وفي يديه الأصفاد، ومصحف شريف محترق، وهو المصحف الذي كان يرافقه دائما. أجلس صدام أمامي، فأخذت بتلاوة القرار عليه بصوت عال، ونصه: ان المحكمة حكمت عليك بالإعدام شنقا حتى الموت استنادا الى ...

* لماذا كان المصحف محترقا؟

ـ حسب معلوماتي كانت تلك النسخة من المصحف معه يوم تعرض لقصف طائرة اميركية في مطعم الساعة، وخروجه سالما مرده حسب اعتقاده انما يعود الى المصحف، فاعتبرها تعويذة أنجته من الموت حينها. إما كان رجلا مؤمنا او يتصنع الايمان. لا أعرف الرجل، فالايمان عند الله. اعود الى لحظات الاعدام عندما كنت أتلو عليه قرار الحكم كان صدام يصيح بصوت عال (الله اكبر) كما في خطبه السياسية المعروفة، وردد ايضا (الموت للفرس..الموت للامريكيين... انتم اعداء الله) ..الخ.

كان صدام على علم باني من الأكراد الفيليين من اول يوم، ويعرف شخصي، وهنا أشير الى ان ما بيني وبين صدام هو ان تعاملي معه كان احترافيا بحتا، لم أسمع منه شتيمة او قذفا مطلقا، وحتى وهو يصعد سلم المشنقة كان حقيقة راضيا عني، والتسجيلات عند رئيس الوزراء تشهد على ذلك، ويمكنه ابرازها للشعب العراقي، وعندما انتهيت من تلاوة القرار أخذته مجموعة الشرطة التي كانت هناك والمدعي العام ووكيل وزير العدل، ورافقناه الى غرفة الاعدام، وكانت غرفة كبيرة شديدة البرودة، فالجو كان باردا في حينه فتحنا الأصفاد فحدثت مشادة كلامية بينه وبين موفق الربيعي (مستشار الأمن الوطني).

*وما هو مضمون الكلام الذي دار بينهما؟

ـ كان صدام هو الذي بدأ بتوجيه الكلام الى الربيعي بقوله: انت تخاف مني !! فأجابه الربيعي: ولماذا اخاف منك.. انت الذي ستعدم وليس انا. عندها سأل بعض افراد الشرطة صدام: لماذا الحقت بنا الاذى، نحن شعب غني بثرواته، لماذا اشعلت كل هذه الحروب.. لماذا؟

كان جواب صدام انه لم يحارب احدا. وقال: «حاربت اعداء العراق من الفرس والاميركيين، وكنتم حفاة ما عندكم حتى قواطي (علب) حليب تشربونها، وانا الذي اشبعتكم وجعلتكم بشرا».

وهنا تدخلت وطلبت من الجميع التزام الهدوء، وعدم إثارة صدام، ويبدو ان أحد السيور التي كانت توثق يديه كانت مشدودة بقوة، فبدأ صدام بالصراخ بصوت عال للتخفيف من القيد، قائلا: أنا رجل عجوز وعظامي تتكسر من شدة الوثاق. خففنا الوثاق، ثم قام افراد من الشرطة بتوثيق قدميه، وهنا سألناه ان كان يوصي بشيء بخصوص المصحف الذي يحمله، فأوصى بأن يعطى للمحامي بدر عواد البندر. ونظرا لعدم حضور رجل دين سألته، محاولا ان اؤدي هذا الدور، ان كان يوصي بشيء لأولاده او زوجته، لكي اقوم بتوصيلها، فكانت آخر كلمة له قبل ان يصعد الى حبل المشنقة: تعيش ابني! او.. تعيش! بعد ذلك صعد السلم الذي يؤدي الى حبل المشنقة بشكل طبيعي ولم تبدر منه أية إشارات تنم عن خوف أو تردد.

كان صدام يائسا، ولا أستطيع ان اقول انه كان شجاعا فأثير الرأي العام. وتعرف ان هذه مشكلة، ولا أستطيع ان اقول إنه كان جبانا فأكذب .. حرام عليّ لأن هذه أمانة، فالرجل توفي وذهب الى دار حقه، والله يغفر له ولي ولنا جميعا! وليس من الشجاعة لقاض ان يكذب، ولا اي رجل آخر. الكذب عيب.

لم يكن الرجل مباليا بالموت او لعله لم يكن يخطر على باله انه سيموت في يوم من الايام ليخاف منه.. صعد المشنقة فطلبنا منه ان يضع الكيس الاسود على رأسه فرفض، وهذه إحدى علامات تحدي الموت. كان صدام يقرأ التاريخ كثيرا، واعتقد انه أحب أن يقلد موقف عبد الكريم قاسم يوم 9 فبراير (شباط) حين رفض وضع غطاء على عينيه عندما أعدمته ما كانت تسمى بمحكمة الشعب.

صعد صدام الى المشنقة وتم وضع الحبل في رقبته، وهنا ارتفعت الهتافات التي تنادي بحياة (الصدر) من قبل افراد الشرطة.. حدث جدال وكان رد صدام: «انتم مو رجال... هذه ليست مرجلة». وبعد ان تم تنفيذ الاعدام هتف احد المسؤولين في حزب الدعوة: يعيش محمد باقر الصدر! سألني البعض لماذا لم تلبسوه الثياب الخاصة بهذه المناسبة، والتي هي باللون الاحمر؟ لماذا لم تبدلوا ملابسه المدنية.. قلت نحن كنا في تجربة جديدة. لم نكن نتوقع ان يقوم الاميركيون بتسليمه لنا، استلمناه بعد مفاوضات طويلة وصعوبات، وفي آخر لحظة. بالاضافة الى ذلك نشأ نزاع بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء حول من يصدر المرسوم الجمهوري، فرئاسة الجمهورية بعثت برسالة الى السيد المالكي (احتفظ بنسخة منها) قالت فيها إنها ليست صاحبة الاختصاص في الموضوع!

* من حضر تنفيذ الحكم ؟

ـ بلغ عدد الحضور 14 مسؤولا بينهم بالاضافة الى وكيل وزير العدل والمدعي العام منقذ الفرعون و13 ضيفا من مكتب المالكي ومن أعضاء مجلس النواب وسياسيين محسوبين على حزب الدعوة. لم يكن هناك احد من التيار الصدري حاضرا، ولم يكن بهاء الأعرجي هناك، وما أشيع عن حضور مقتدى الصدر عار عن الصحة.

* ما هي حقيقة شعورك وأنت تنفذ حكم الاعدام بصدام حسين ـ أنا حزين جدا لأني أنفذ حكما بالإعدام، كما اني لا أتمنى ان يتم تنفيذ هذا الحكم بأي شخص في العالم. انا شخصيا ضد حكم الاعدام بإنسان، لكن في جرائم من النوع الذي اقترفها صدام، جرائم ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الضحايا من المسفرين والمعدومين والذين لاقوا حتفهم بتعرضهم لهجمات بربرية بالغازات الكيماوية، والذين دفنوا في مقابر جماعية، وضحايا الاغتصاب، والأموال المصادرة..الخ. جرائم تصل الى هذا المستوى الرهيب أشعر عند تنفيذ الحكم فيها بأني أؤدي واجبي. كنت في هذه القضية رجلا يؤدي واجبه، كنت قاضيا كلفته محكمة بتنفيذ حكم، وهذا واجبي، ولكن صدقا لا أتمنى الإعدام لأي شخص.. أنا ضد الاعدام.

سألت أحد السياسيين بعد ان نفذت الحكم: أنظر الى هذا الرجل الذي يتأرجح من الحبل، لقد حكم العراق 35 عاما بالحديد والنار.. أتيحت له فرصة لو كان استغلها لتحاشى هذا المصير الاسود. لكنه حظي بمحاكمة عادلة لم يحظ بها أحد من مواطنيه طوال فترة حكمه، وحوكم في النهاية بالإعدام للجرائم التي اقترفها. ألم يكن من المفروض أن يقبل بعرض الدول الخليجية لو كانت طلبت منه مغادرة العراق والإقامة عندها. الله يغفر له ولنا!.

* وماذا عن سالم الجلبي؟

ـ صدر أمر بإلقاء القبض عليه بسبب مقتل مدير عقارات الدولة، واعتقد ان اسمه كان هيثم فاضل سلمان. اتهم في القضية عدة أشخاص وتم حشر اسم سالم الجلبي فيها عمدا لغرض إخراجه من المحكمة.

صدقني لسالم الجلبي الفضل الأكبر في تأسيس هذه المحكمة التي تسير بشكل حسن حاليا، ولكن لو كان الجلبي موجودا لكانت المحكمة اكثر من ممتازة، لأن الجلبي ذو عقلية قانونية وذهنه منفتح، وهو ذكي جدا ويحب العراق كثيرا، بالاضافة الى ذلك هو منفتح على الجميع.

بعد أن صدر الحكم عليه من قبل المحكمة خشي الجلبي على حياته، فترك العراق الى لندن وكلفني كصديق بالاتصال بالقضاء لمتابعة قضيته.

طلبت من الجلبي بعد الاتفاق مع القاضي ان يعود الى العراق، وعاد فعلا الى اقليم كردستان، ومنه الى بغداد وكنت في مكتب القاضي عندما دخل وخضع لتحقيق قصير، وكنت على ثقة بأنه سيبرأ من التهمة المنسوبة اليه لضعف الادلة، ولكن القاضي اشترط للافراج عنه ان اتكفله شخصيا، فوافقت على الفور. عاد الجلبي الى لندن، وبدوري كلفت فريقا من المحامين لمتابعة قضيته، ولاحقا أغلقت القضية بحقه، وهو يواصل عمله الآن كمحام ومستشار قانوني في شركة بريطانية في لندن، ويستثمر اموال عائلته الضخمة.

* ما هي القضايا الساخنة الأخرى أمام المحكمة؟

ـ أول هذه القضايا قضية إعدام التجار عام 1992 التي كنت من الفريق الذي يميل الى محاكمة صدام ونظامه عليها وعلى القضايا الاخرى التي تخص الجرائم التي حصلت بحق البعثيين بالذات، والعرب السنة لكي لا يقال ان المحكمة تريد تحقيق العدالة بميزان شيعي أو كردي.

المحكمة كما تعرفون، او لا تعرفون، فيها الكثير من الاعضاء السنة، ففي قضية الدجيل مثلا كان اثنان من القضاة الخمسة في محكمة الجنايات من السنة، بالاضافة الى قاض من القومية الكردية وقاضيين من المذهب الشيعي، رغم اني ضد هذه المحاصصات.

والقضية التي أحيلت الى المحكمة اخيرا هي قضية اعدام التجار عام 1992، ويبلغ عددهم 42 تاجرا اغلبهم من العرب السنة، وكثير منهم من قياديي حزب البعث، كعائلة (طبرة) المعروفة بانتمائها وتوجهاتها البعثية، وبأنها من مؤسسي الحزب.

قضية بهذا المستوى ستؤكد للشعب العراقي أن نظام صدام لم يضطهد الأكراد والشيعة فقط بل امتدت شروره الى العرب السنة، واضطهد البعثيين، وكانت ستحظى بتغطية اعلامية كبيرة. كنت أتمنى ان تكون هذه القضية هي الاولى التي تحال الى القضاء، ولكن ذلك لم يحصل مع كل الاسف.

المتهمون الرئيسيون في هذه القضية هم صدام حسين، ورئيس محكمة الثورة في ذلك الوقت محيي جابر عذاب، واعتقد أنه هارب حاليا، ووطبان ابراهيم الحسن وهو المحور او اللولب في هذه القضية. ومعلوماتي تشير الى انه تم القبض على هؤلاء التجار صباحا، وتم التحقيق معهم ظهرا، ونفذ فيهم حكم الاعدام في نفس اليوم، وهذه اسرع محاكمة في تاريخ القضاء في العالم.

اما القضايا الاخرى التي ستحال على المحكمة، فمنها قضية الأكراد الفيليين وهي قضية مهمة جدا، وقد دونا اقوال وزير الداخلية الاسبق سعدون شاكر وكنت قد دونت اقوال صدام حسين عندما كنت قاضيا للتحقيق، وأقوال طه ياسين رمضان مدونة، وكذلك اقوال طارق عزيز. هناك عدد آخر من المتهمين، وستحال قضية الأكراد الفيليين قريبا، ومن القضايا اللاحقة ايضا قضية الاهوار، وقضية البارزانيين في طريقها الى الاحالة.

* باختتام هذه القضايا هل ستنتهي أعمال المحكمة ؟

ـ أرى انه وعلى هذا المستوى من المحاكمات اننا سنكون بحاجة الى اعوام للانتهاء من كل القضايا المطروحة، وحل المحكمة سيكون من اختصاص البرلمان، وحسب القانون سيحال القضاة الى مجلس القضاة بدرجاتهم وصنوفهم، ويوجد تعديل قانوني سيحالون على ضوئها على التقاعد.

* ما هي الأسباب التي أدت إلى تأجيل تنفيذ الحكم بـ(علي الكيمياوي) ورفاقه؟ ـ أصدرت محكمة الجنايات الحكم على علي حسن المجيد) وحسين التكريتي وسلطان هاشم بالاعدام، وصادقت محكمة التمييز على الحكم فاكتسب الحكم بهذه الدرجة القطعية التي لا يجوز الرجوع عنها بأي حال من الاحوال. وحسب الدستور (المادة 73) يصادق مجلس الرئاسة على تنفيذ احكام الاعدام، وله الحق في العفو العام، وهناك اربع فقرات لا يحق لرئيس الجمهورية او مجلس الرئاسة ان يخفف فيها الحكم، ومن ضمن هذه القضايا التي جاءت في الدستور الجرائم الدولية، وهي جرائم الحرب، وجرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الانسانية.

وجاء في قانون المحكمة المرقم (27 ) انه لا تستطيع اي جهة بما فيها رئيس الجمهورية ان تخفف حكما او تلغي حكما في الجرائم المتعلقة بمحكمة الجنايات العراقية العليا، وفرض على السلطة التنفيذية تنفيذ الحكم خلال 30 يوما وجوبا.

بالنسبة الى التأخير الذي حصل في تنفيذ الحكم كان من المفترض ان ينفذ الحكم قبل شهر رمضان، لكن حصل ان السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية اعتقد، او ان من حوله من المستشارين جعلوه يعتقد بان له الحق في توقيع المراسيم الخاصة بقضايا الاعدام، ونحن لا نعتقد بهذا الشيء مثلما شرحت سابقا، فحدثت بعض السجالات مع رئاسة الوزراء، وكان السيد المالكي قد وقع الامر بتنفيذ الحكم في يوم القرار التمييزي وفورا. فكان من المفترض ان ينفذ حكم الاعدام بعلي حسن المجيد في يوم، وحسين التكريتي وسلطان هاشم في يوم آخر.

وبسبب السجال الذي أشرت اليه تم تأجيل التنفيذ الى ما بعد انتهاء اجازة العيد، ولا تستطيع اية جهة تأخير تنفيذ الحكم، ولا يحتاج الى توقيع السيد رئيس الجمهورية لينفذ.. اطلاقا.

* من هي الاطراف التي تضغط باتجاه عدم تنفيذ الحكم بسلطان هاشم وما هي حقيقة الانباء التي تتحدث عن وجود تعهدات أعطيت بعدم اعدامه؟

ـ فهمت من الاميركيين بانه سلم نفسه مقابل تعهد بعدم اعدامه، وان هذه التعهدات اعطيت من قبلهم لرؤساء عشيرته الكبيرة المعروفة (طي) مقابل تسليمه لهم، لكننا كمحكمة لا علاقة لنا بأي تعهد او اتفاقيات. سلطان هاشم في حوزة العراقيين، والقضاء العراقي.

* هل المدانون الثلاثة في حوزة العراقيين؟

ـ هم في حوزة القوات المتعددة الجنسيات كسجناء، ولكنهم قانونا في حوزتنا.

* هناك عدد كبير من قيادات ما كانت تسمى بالجحافل الخفيفة من الأكراد، او«الفرسان» كما كانت تسمى ايضا من الذين شاركوا في جرائم الانفال ضد بني جلدتهم، هل صدرت احكام بحقهم، او تم ايقاف احد منهم؟

ـ بعد ان تم اصدار قرار محكمة الجنايات الثانية تمت إحالة اكثر من 200 شخص من هؤلاء الى التحقيق، والمعلومات المتوفرة لدي ان قسما منهم كانوا في خارج العراق، وأغلبيتهم كانوا في اقليم كردستان وهربوا الى الخارج. ان اي شخص ارتكب جرما بحق الشعب العراقي والشعب الكردي سيقدم للعدالة بغض النظر عن صفته، ولا تملك اية جهة الحق في الغاء الحكم عليه، او التخفيف منه، ولدينا وثائق تثبت بأنهم كرموا من قبل رأس النظام لأدائهم في هجمات الانفال.

* وماذا عن نزار الخزرجي؟

ـ المعلومات التي بحوزتنا تشير الى ان جهة نعرفها قامت بتهريبه الى جهة مجهولة، ومن طرفنا كمحكمة سبق ان اصدرنا امرا بالقبض عليه على ذمة قضية الأنفال وقضايا أخرى.

* هل بالإمكان ان نتعرف على بعض الأمور او الأسرار التي جرت في أروقة المحكمة؟

ـ بعد ان طلبت رئاسة الادعاء العام برئاسة منقذ الفرعون في محكمة الجنايات تنفيذ حكم الاعدام بخمسة متهمين في قضية الانفال اصدر القاضي محمد العريبي الحكم على ثلاثة. وعندما انتقلت الدعوى من الجنايات الى التمييز استغربت طلب المدعي العام جعفر الموسوي تخفيف الحكم عن سلطان هاشم الى المؤبد، وفرحان مطلك الجبوري من السجن المؤبد الى 15 او10 سنوات. لم افهم على ماذا استند الموسوي لإجراء هذا التخفيف، فباعتقادي انه لم يكن هناك اي مبرر للتخفيف من العقوبة..هذه واحدة من القضايا المبهمة او الاسرار.

سر آخر عندما كان القاضي رائد جوحي المسؤول عن التحقيق في قضية الدجيل استدعى صدام حسين كشاهد المدعي العام طلب نقض القرار ليصبح صدام المتهم الرئيسي في القضية. وعندما احيلت القضية الى محكمة التمييز التي قامت بتدقيق القضية وجدت ان صدام متهم رئيسي، وطلبت من جوحي الاستمرار في التحقيق، وأحيل صدام متهما رئيسيا، وتم الحكم عليه بالاعدام. ومن المفارقات التي حدثت أذكر اصدار القاضي محمد العريبي قرار المؤبد بصابر الدوري.

وخرج الدوري من المحكمة وهو يكيل الشتائم للعريبي، وعندما صدرت احكام الاعدام بحق رفاقه تبدلت اسارير الدوري واخذ يشكر العريبي. وهنا تجب الاشارة الى ان الدوري اعتذر من المحكمة، ومن الشعب الكردي، ومن الضحايا. وكان هناك كثير من التعاطف معه من اهالي كربلاء وكذلك من السياسيين، وذكروا بأنه كان يعامل الناس بعد احداث الانتفاضة معاملة جيدة، وبانه ساهم ببناء المدينة، ومعلوماتي عن الدوري انه عامل الناس بأخلاقية كبيرة قياسا بالبقية، لكن هذا لم يمنع من انه مذنب ودرجة الذنب عنده أوصلته الى الموت، وهو حاليا محال على التحقيق على ذمة قضية احداث قمع الانتفاضة عام 1991. ومن الاسرار الاخرى.. اثناء اجتماع محكمة التمييز اخيرا طالبت اربعة اصوات بتشديد الحكم على الدوري وفرحان بالإعدام عكس طلب المدعي العام جعفر الموسوي، لكن خمسة اصوات كانت لصالح التخفيف وتم التصديق على القرار ليبقى كما كان عليه بإعدام ثلاثة منهم فقط.