نص خطاب رئيس الوزراء العراقي امام الجمعية الوطنية

نص خطاب رئيس الوزراء العراقي امام الجمعية الوطنية
الانصات المركزي 31/5/2005:

بسم الله الرحمن الرحيم

 

انطلاقا من الآية القرآنية الكريمة [ لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ]، لقد تشكلت حكومتنا الانتقالية بعد نجاح الانتخابات العامة التي اجراها شعبنا العراقي الابي بشجاعة فائقة نهاية كانون الثاني الماضي في ظل ظروف استثنائية بالغة الصعوبة على المستويات الاقتصادية والامنية والصحية والتربوية وغيرها ووجدت الحكومة المنتخبة نفسها امام تركة ثقيلة من المشاكل والتحديات والازمات نتيجة التراكمات التي افرزتها سياسات النظام السابق المنهار والحرب وانعكاساتها مما دعا حكومتنا الى وضع برنامجها السياسي للمرحلة القادمة بما يتناسب مع الامكانات والطاقات الوطنية المتاحة وبما يحقق نقلة وفروقا نوعية في حل ابرز الازمات المتفاقمة في البلاد، آخذة بنظر الاعتبار حجم التحديات المحدقة بالساحة العراقية والمنطقة ومعتمدة على وعي الشعب العراقي ومن سانده وتلاحم جميع القوى والشخصيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني لمواصلة نضال الجماهير العراقية التي عززت العملية السياسية وجعلته واقعا سياسيا بارادتها الصلبة وبتوفيق من الله وتسديده.

وضعت الحكومة الانتقالية المنتخبة برنامجها السياسي الذي يهدف الى بناء عراق دستوري ديمقراطي فيدرالي تعددي في اطار وحدة وطنية واحترام حقوق الانسان العراقي والحريات العامة والخاصة وازالة التمييز الطائفي والعنصري والديني والسياسي والعمل على تحقيق السيادة الوطنية الكاملة واحترام الهوية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي وان الاسلام هو دين الدولة الرسمي وعدم سن القوانين المخالفة مع ثوابته وضمان الحقوق الدينية لجميع المواطنين واعتماد قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية.

وتسعى الحكومة الى بناء عراق مزدهر اقتصاديا يتمتع فيه ابناؤه بثرواته وموارده الطبيعية لتوفير العيش الكريم لجميع المواطنين دون اي تمييز ورفع مستوى الخدمات والبنى التحتية للبلاد وتحقيق العدالة والنزاهة والفرص المتكافئة وتنمية شؤون المرأة والطفولة والشباب وتعزيز ثقافة البناء والثقة وتحمل المسؤولية بدلا من ثقافة الهدم والتطرف وهدر الدم واللامبالاة، والبدء بتأسيس مقومات النهضة الوطنية على صعيد التربية والتعليم والثقافة والادب والاعلام والرياضة والفن، وتأهيل الكوادر العراقية على اسس علمية سليمة تعتمد الكفاءة العلمية والخبرة والابداع والمهارة والقدرة الادارية الى جانب الالتزام بقوانين وتشريعات البلاد ونظام فصل السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية لترسيخ دولة القانون للعراق الجديد.
وباشرت الحكومة سياسة خارجية تعزز استقلال العراق وتضمن سيادته الوطنية ووحدة اراضيه وستعمل على تمثيل العلاقات السياسية والدبلوماسية والتجارية واحترام المواثيق والمعاهدات الدولية لارساء علاقات اقليمية ودولية تقوم على مبدأ التوازن والاحترام المتبادل واعتماد مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتعزيز التعاون في مختلف المجالات على اساس المصالح المشتركة لتحقيق الاهداف الحيوية والالتزام بكل ما من شأنه تحاشي الخروقات السيادية من تسلل وايواء للمجرمين.

وشرعت الحكومة الانتقالية بدعم مؤسسات الداخلية والدفاع والامن الوطني والمخابرات لرفع مستوى الجاهزية والكفاءة الامنية والعسكرية وصولا الى القدرة الذاتية لفرض الامن والاستقرار في البلاد.

ستعمل الحكومة على بناء القوات المسلحة العراقية على اسس وطنية سليمة بعيدة عن النشاط السياسي والحزبي ويكون ولاؤها للوطن وقوامها منتسبون من جميع مدن العراق تعتمد الكفاءة والمقدرة والجاهزية الاعلى في التدريب والتسليح بما يؤهل العراق لحماية وجوده دون الحاجة الى اية جهة خارجية وان تعمل هذه القوات بشفافية عالية وفق الدستور وتحت سلطة القانون وادارة الحكومة المدنية المنتخبة وان تبقى مهمتها حماية العراق وحماية امنه الاستراتيجي.

من اجل الاسراع في استتباب الامن والاستقرار ستخصص الحكومة الميزانية اللازمة للتعجيل في اعادة تأهيل وتفعيل المؤسسات الداخلية والدفاع والامن الوطني والمخابرات وستضع الحوافز الكافية لانخراط المواطنين من جميع محافظات العراق في هذه المؤسسات وستعمل الحكومة بالتعاون مع السلطة التشريعية المتمثلة بالجمعية الوطنية لضمان الهوية العراقية الوطنية لكل الاجهزة العسكرية والامنية ولحصر السلاح بيد اجهزة الدولة بنصوص دستورية واضحة، وستعمل للنهوض بمستوى الجاهزية والكفاءة الامنية والعسكرية لتوفير المستلزمات والكفاءات الوطنية من خلال سياسة دمج الميليشيات للحفاظ على مصالح الشعب العراقي ومكتسباته وقطع دابر الارهاب والجريمة من اجل سلامة المواطنين وصيانة سيادة العراق لتقليص فترة بقاء القوات المتعددة الجنسيات المتواجدة وفق قرار مجلس الامن الرقم (1546).

كما ستباشر الحكومة ببناء اجهزة الشرطة والامن والمغاوير والحرس وحفظ النظام والمخابرات لتعمل جميعها في ظل القانون وتحت اشراف مؤسسات الدولة وتعتمد على دعم وتأييد المواطنين في جميع المحافظات وبأعلى درجات التعاون والتنسيق الوطنيين.

كما تعمل الحكومة على نقل مسؤوليات الامن والحدود الى الوزارات العراقية المعنية لتتحمل مسؤولية حماية الشعب والوطن ولتنتفي الحاجة بشكل تدريجي وفق قرار مجلس الامن الرقم (1546) الى دعم القوات المتعددة الجنسيات المشكور على جهودها في مساندة القوات العراقية في واجباتها الوطنية، وان مراجعة قرار مجلس الامن حول وجود القوات المتعددة الجنسيات مرهون بقرار عراقي وطني يقوم على اساس تقدير الحكومة المنتخبة لدى الحاجة الفعلية لوجودها من اجل دعم العملية الامنية.

في المجال السياسي : شرعت الحكوم الانتقالية بترسيخ مقومات العملية السياسية في العراق الجديد من خلال استيعاب مكونات الشعب العراقي في تشكيل مجلس الوزراء سواء التي شاركت في الانتخابات التاريخية في الـ(30) من كانون الثاني 2005 او التي لم تشارك لاسباب وظروف استثنائية، وطرحت الحكومة الانتقالية المنتخبة خطابا سياسيا يعتمد الدعوة الى المشاركة الوطنية الشاملة والحوار بين مختلف التيارات السياسية والدينية والمذهبية والقومية آخذة بنظر الاعتبار الاتفاق السياسي الذي توصلت اليه كتلتا الائتلاف العراقي الموحد والتحالف الكردستاني، اضافة الى تعزيز الآليات الديمقراطية ومؤسساتها كالجمعية الوطنية العراقية ومجالس المحافظات وشؤونها المختلفة، وفي هذا السياق شكلت الحكومة لجنة وزارية عليا مهمتها مساندة تفعيل العملية الدستورية والاسراع في انجاز صياغة مسودة الدستور الدائم للبلاد في موعدها المحدد وتوسيع دائرة مشاركة المرأة ومؤسسات المجتمع المدني والاطراف التي لم تحظ بتمثيل نيابي في الجمعية الوطنية ومن اجل ضمان مشاركة اوسع لشرائح المجتمع العراقي ستسعى الحكومة من خلال تشكيل هيئة عليا للحقيقة والعدالة لتهيئة مناخ ايجابي يفتح باب العفو ويعالج تركة الماضي ويستوعب عودة المضللين غير مرتكبي الجرائم الى دائرة المشاركة السياسية الوطنية في ظل العراق الجديد، والقيام بتفعيل الهيئة العليا لحل نزاعات الملكية او العقارية والهيئات الوطنية الاخرى.

الخدمات العامة : تحرص الحكوم على رفع مستوى الخدمات العامة للمرافق الحيوية من خلال الاسراع بحل الازمات المتفاقمة والتركة الثقيلة التي ورثتها الحكومة الانتقالية وستسعى الحكومة في الاشهر الستة القادمة من اجل تحسين خدمات الطاقة الكهربائية والوقود وتوفير الماء الصالح للشرب، اعتماد آليات التوزيع والحماية لمنشآت القنوات وانابيب النفط وفق اسس علمية سليمة وكفوءة وتحسين اداء الوزارات والهيئات الحكومية الخدمية على صعيد النظام الصحي والبيئي للتطوير والحماية من جميع انواع التلوث وتوفير المراكز الصحية للعلاج والدواء وتوفير الاجهزة والمستلزمات الاساسية لجميع مناطق العراق وتطوير تقنيات الاتصالات وتسهيل خدمات النقل بما ينسجم مع خطة طويلة الامد لتحديث البنى التحتية للخدمات العامة في البلاد والاهتمام بمحافظات العراق ومدنه ونواحيه وقصباته جميعها من اجل اظهارها بالمظهر الحضاري اللائق وازالة آثار الاهمال والخراب التي خلفتها سياسة النظام السابق والحروب والازمات التي اوجدها في مناطق العراق المختلفة.

وستوفر الحكومة الحوافز اللازمة للقطاع الخاص في برامج الخدمات وتوسيع دائرة المشاركة المباشرة للمواطنين لتصحيح وتنفيذ المشاريع المحلية وستضع خطة لاعطاء المنح المالية والقروض للاسراع بتوفير الخدمات في الاقضية والنواحي، ولكي تضمن افضل اداء محلي ستضع الحكومة حوافز اضافية للاقضية التي تنتخب بشكل مباشر مجالسها ومدراء بلدياتها وتشترط الحكومة في المنح توفر درجة عالية من الشفافية وضمان الرقابة المالية، كما ستسعى الحكومة في العمل مع الادارات المحلية في مجال الخدمات المختلفة وتشجيع القطاع الخاص بمنح الحوافز للمشاركة في تطوير الصناعات للمنتجات المحلية التي تساهم في تعزيز الخدمات العامة.

ستعمل الحكومة على مكافحة البطالة من خلال ايجاد فرص العمل للعاطلين القادرين على العمل وفق نظام الضمان الاجتماعي وتقديم التسهيلات المناسبة لبناء المساكن وتحسين وتوفير نظام البطاقة التموينية للمواطنين.

باشرت الحكومة الانتقالية بانتهاج سياسة اقتصادية متوازنة ترعى حاجات البلاد وتنمية الموارد وزيادة العوائد المالية آخذة بعين الاعتبار المشاكل الاقتصادية التي خلفها النظام السابق وستسعى الحكومة للاستيفاء بالشروط اللازمة لاطفاء الديون والعمل على الغاء التعويضات التي ترتبت على العراق نتيجة السياسات الخاطئة للنظام البائد كما ستقوم الحكومة بحماية الثروات الوطنية من الهدر والتبذير وبالسعي لرفع سقف العقوبات ضد المهربين والمفسدين.

وتعمل الحكومة لرسم خطة استثمار للمساعدات المنوي منحها الى العراق ضمن تحديد الاولويات للحاجة المحلية وسياسة الدول المانحة بما يساهم في تنفيذ مشاريع التنمية والاعمار، وتعمل على انتهاج سياسة نفطية مدروسة لا تتقاطع مع اوضاع السوق النفطية العالمية وعملية التنسيق مع منظم الاقطار المصدرة للنفط (اوبك) بحيث تعود بالنتائج المرجوة لمصلحة العراق ومشاريعه التنموية والخدمية وتأمين حاجات الشعب الاساسية وتحقيق رفاهيته.

وعملية التطوير لجميع المرافق الحيوية والعمل على سلامة البيئة العراقية من جميع انواع التلوث والعمل على معالجة ظاهرة التصحر والاهتمام بالثروة الحيوانية والسمكية والارتقاء بالمشاريع الصناعية والزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي والامن الغذائي، وتطوير واعمار الريف العراقي وتوفير جميع المستلزمات الخدمية الاساسية من الماء الصالح للشرب والكهرباء والوقود والاتصالات والمراكز الصحية والمدارس وشبكة الطرق والمواصلات ورفع الحيث والغبن عن المناطق المتضررة بسبب سياسات التمييز التي انتهجها النظام الصدامي ووضع ميزانية خاصة للاعمار والتطوير والتنمية على جميع المستويات.

في مجال الثقافة والتربية والتعليم : ستعتمد الحكومة الانتقالية سياسة تربوية وثقافية شاملة لمفاهيم المواطنة والمشاركة وتعميق الاسس الاخلاقية والوعي الحضاري بعيدا عن روح التطرف والجهل، وستعمل على تقوية التربية والتعليم وبناء المدارس والمعاهد والجامعات وتوفير التعليم المجاني في جميع المراحل الدراسية، واعادة كتابة المناهج الدراسية بما يتناسب مع العراق الجديد ورعاية الكفاءات العلمية وتشجيعها على العودة للعراق وتوفير مستلزمات البحث والتطوير العلمي، كما ستعمل على تطبيق منهاج ثقافي وطني يرعى الادب والثقافة والفن من اجل خلق الاجواء المطلوبة للفكر والابداع وترسيخ القيم الانسانية الاصيلة وايجاد الحركة الفنية والثقافية والادبية الجديدة الملتزمة بقيم ومبادئ شعبنا وامتنا والاهتمام بالعلماء والكتاب والباحثين والمفكرين والادباء والفنانين ورعاية انتاجهم وتأسيس النوادي الثقافية المختلفة وتشجيع اقامة المسارح والمعارض والمؤتمرات والندوات ودور النشر، واحتضان المواهب والطاقات الناشئة وابراز الطاقات التنموية والابداعية ضمن عملية اسناد الحركة الفكرية والثقافية والادبية والفنية.
ان الحكومة ستتبنى منهاجا اعلاميا عراقيا هادفا وملتزما يعزز الوحدة الوطنية ويجنب المجتمع العراقي الفروق الطائفية والقومية ويمتنع عن التحريض للارهاب والترويج للعنف والاحتلال والانحلال الاخلاقي ويدعم العملية السياسية وقيم العراق الجديد في التوحد والديمقراطية والفيدرالية والمسيرة الدستورية في البلاد وتعمل على توفير اجواء الاعلام الموضوعي الذي يهدف الى خدمة المواطن وتوعيته وترشيد سياسات الحكومة والمؤسسات الرسمية وتثقيف المواطنين على مبادئ التسامح والمحبة والتعاون.

في مجال التنمية الاجتماعية وحقوق الانسان : تسعى الحكومة الانتقالية لاقامة موازين العدالة والتأكيد على استقلال القضاء والقيام بالاصلاحات الادارية في مؤسسات الدولة وارساء مبادئ النزاهة والامانة والشعور بالمسؤولية ومكافحة الفساد الاداري والرشوة بجميع اشكالها، ودعم مسؤوليات المجتمع المدني لتأخذ دورها الفاعل في التنمية الاجتماعية والسياسية.

وستعمل الحكومة على تطبيق القصاص العادل بحق الارهابيين والمجرمين والسارقين لأموال الشعب والناهبين لثروات البلاد، وسترعى مبادئ حقوق الانسان والمواطنة وحرية الرأي والتعبير بديمقراطية وشفافية تحفظ لمجتمعنا المسار الصحيح لبناء الغد الحضاري المشرق لابنائنا واجيالنا، كما ان الحكومة تعمل من اجل تقوية دور القضاء وحماية القضاة من اي ابتزاز وضمان سيادة القانون ومتابعة الحق العام ورفع سقف العقوبات لتشمل عقوبة الاعدام في الجرائم الكبرى، وستعزز الحكومة بنية واداء المحكمة الخاصة وتوسع من صلاحياتها العادلة، وفي هذا السياق ستسعى الحكومة الى استحداث صندوق تعويض ضحايا الارهاب تحت اشراف وزارة المالية يتم دعمه من الاموال المصادرة من مجرمي وممولي الارهاب، كما ان دور المرأة العراقية ومشاركتها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها تحظى بأولوية خاصة في برنامج الحكومة الانتقالية لتوفير المناخ الطبيعي لابداعات المرأة وصيانة حقوقها وحفظ كرامتها والاهتمام بالاسرة وتعزيز خطة التنمية الاجتماعية التي تحفظ الاواصر والقيم في مجال التربية الاسرية الى جانب رعاية الطفولة عبر انجاز المؤسسات التي تهتم بتربية الطفل العراقي وثقافته الاساسية، وتقديم الرعاية الصحية الجسدية والنفسية للقضاء على جميع مظاهر التخلف والمرض التي رافقت حياة الطفولة في العراق خلال سنوات العهد البائد.

وتعمل الحكومة الانتقالية على توفير مقومات التنمية الشبابية عبر دعم مشاريع الشباب ونشاطاتهم المختلفة ورعايتهم والاهتمام بمشاكلهم على صعيد الدراسة والعمل وقضاياهم الحياتية الهامة، كما تسعى لايجاد حركة رياضية عراقية متفوقة من خلال اسناد البرامج الرياضية وتطوير الملاعب والنوادي وتقديم جميع التسهيلات وتوفير المستلزمات لذلك ليأخذ شباب العراق دورهم اللائق على المستوى المحلي والاقليمي والعالمي.

ذوو الشهداء والمتضررون : تهتم الحكومة برعاية ذوي الشهداء والمتضررين من النظام السابق لاسباب سياسية او طائفية او قومية وتوفير العيش الكريم لهم ورعاية جميع ضحايا النظام السابق من المعدومين والسجناء والمعتقلين لاسباب سياسية والمهجرين والمهاجرين واعادة ممتلكاتهم واموالهم واعادة المفصولين السياسيين الى وظائفهم واعادة الاعتبار لجميع هؤلاء المواطنين الضحايا على الصعيد المعنوي والقانوني والمالي والاهتمام بالمناطق المتضررة مثل مناطق الاهوار وحلبجة.

وفي هذا السياق ستسعى الحكومة الى استحداث صندوق تعويض ضحايا النظام السابق تحت اشراف وزارة المالية وفق ميزانية الدولة.
في مجال السياحة والآثار : لقد حبا الله تعالى العراق بتاريخه الحضاري الانساني وكونه منطلقا للانبياء والصالحين والائمة الاطهار ورواد الفكر والادب والعطاء المتجدد على امتداد تاريخه المجيد، لذا تسعى الحكومة الانتقالية لترميم وصيانة الآثار العراقية باعتبارها ثروة حضارية وطنية وانسانية الى جانب دعم مؤسسات الاوقاف العراقية لرعاية شؤونها الهامة في البلاد.

وتهتم الحكومة ايضا بالعتبات المقدسة والمساجد والحسينيات والكنائس ودور العبادة ورعاية المعالم التاريخية والثقافية وغيرها وتشجع السياحة العامة والسياحة الدينية على وجه الخصوص للمساهمة في احياء الوجه الحضاري للعراق الجديد ولزيادة مداخيله غير النفطية، كما ان الحكومة الانتقالية سترعى مواسم الحج والعمرة والزيارة عبر تفعيل المؤسسات الخاصة بذلك من خلال توفير جميع المتطلبات الاساسية التي تسهل للمواطنين سنويا اداء مناسك الحج والعمرة.

العلاقات الخارجية، تعتمد الحكومة انتهاج سياسة خارجية تحافظ على استقلال العراق وتضمن سيادته الوطنية ووحدة اراضيه وتعتمد مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى وتسوية المشاكل التي خلفها النظام السابق مع دول المنطقة والعالم، وقد تلقت الحكومة في ايامها الاولى تأييدا عالميا واسعا عبر الرسائل والزيارات والاتصالات الهاتفية من رؤساء وممثلي الدول، وفي هذا المجال ستعمل الحكومة على تحويل الدعم المعنوي العالمي المتزايد للعراق الى دعم لخطط الحكومة ومشاريعها الخدمية والتنموية، وقد شكلت لجنة وزارية عليا للاعمار والتنمية وعين مفوض اعلى لمتابعة الدول المانحة ودعم برامجها في جميع انحاء العراق، كما ان الحكومة ستواصل مع دول الجوار بغية توسيع اطار التعاون الامني والتجاري والثقافي وتسوية المشاكل العالقة بين العراق ودول المنطقة والتي خلفها النظام السابق.

وستعتمد الحكومة الانتقالية الى تبني الحضور الفاعل والمشاركة الايجابية في المؤسسات والمنظمات العربية والاسلامية والدولية كجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والامم المتحدة والالتزام بالمعاهدات الدولية التي لا تخل بالثوابت الوطنية العراقية، وتعمل على ارساء علاقات اقليمية ودولية تقوم على مبدأ التوازن والعمل الايجابي والاحترام المتبادل وحسن الجوار واعتبار امن وسلامة واستقرار المنطقة من مسؤولية شعوبها وحكوماتها.

في الختام، تتوخى الحكومة الانتقالية المنتخبة من خلال برنامجها السياسي هذا ان تحقق نتائج ملموسة لدى ابناء الشعب وتؤسس الاهداف الوطنية على المديات الحالية والقريبة والاستراتيجية والتي تتأتى عبر تضافر كل الجهود المخلصة والخيرة.

ووفاء لدماء شهداء العراق جميعا، ووفاء لكل الذين صمدوا في زنازين السجون وجميع الذين تعرضوا للابعاد والملاحقة والتشريد على يد النظام المقبور، فاننا نتعشم بأبناء شعبنا الغيارى ان يشمروا عن سواعد الجد والعزيمة للمساهمة الحقيقية في بناء العراق واحداث التنمية المطلوبة في جميع المجالات وخاصة ان عراق اليوم تتلاحم فيه جميع القوى الوطنية الى جانب جماهير شعبنا لمواصلة العملية السياسية التي تستوعب الجميع، مهما تباينت وجهات النظر وتعددت الخلفيات لان الهم الاساس هو الهم العراقي ولان الشعور الوطني هو شعور العراق الموحد.

والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 

 

Back