سجِّلْ أنا كردي

للشاعر: عبد الستار نورعلي

 

: راحَ يجيلُ الطرفَ

إني ما رسمتُ صورتي فوقَ جدارِ الريحِ

ما لوَّنتُها

... أطَّرتُها

أيقظني ذاك الصدى

وفرحةُ الأصواتِ في الأرجاءِ

في اللوحةِ

في الوجهِ

فكانتْ صرخةً أولى

وكانتْ لغةً أولى

فمارستُ لسانَ الحبٍّ

عاشرتُ لهيبَ الشمسِ

داومتُ صهيلَ الوجدِ في الأزقةِ المحروقةِ الأعينِ

نازلتُ نزيفَ القُبلةِ الأولى

رحيقَ القِبلةِ الأولى

دبيبَ القمةِ العاريةِ السفحينِ

... سجِّلْ

... لغةً أخرى

....كتاباً

... أسطراً مزروعةَ الأحرفِ

.... أقراناً

...... زقاقاً

...... شارعاً

.... مدرسةً 

والثمرَ الجنيَّ من مزرعةٍ مسحورةِ الظلالِ

والجنانُ حبلى عسلاً

... خمراً من الأنهارِ

.... سجِّلْ

قد رأيتُ الناسَ مشدودينَ

منزوعينَ

عن صاريةٍ بينَ شعابِ الجبلِ المرتدِّ

.... والمعتدِّ

والألغامُ

والأسلاكُ

والنيرانُ في الأقدامِ

والأطفالُ

والأيدي تشدُّ الصخرَ والطينَ

واشلاءاً عرايا

 

هل رأيتَ الشوكَ في عيني صبيه

وشظايا

وشممتَ الرعبَ في الأفئدةِ العذراءِ

أفواهِ المنايا ؟

 

، فتحتُ بابَ الكتبِ ألأولى

قرأتُ أنَّ الحبَّ في الجذورِ يروي أفرعَ الأغصانِ

أنَّ النبعَ لا يجفُّ إلا في صحارى المدنِ المغلقةِ الأبوابِ

إلا في اقتلاعِ الخيمِ والديوانِ

في أروقةِ الأطلالِ والقوافلِ المدججه

والشاعرُ المنفيُّ والمهجورُ والحادي

.... ينادي

إنني صوتُ القبيله

جذرُ الأصيله

حتى وإنْ كنتُ على قائمةِ الشيوخِ مولىً

....... مارقاً ... مرتزقاً... مصعلكاً

.... فأستحقُ أرذلَ العقاب

 

..... سجِّلْ

... أنا كردي

لا قيتُ صلاحَ الدينِ في مقهىً على ناصيةٍ

في القدسِ

في تكريتَ

في دمشقَ

! في القاهرةِ الظافرةِ المنتصره

رأيتُ في عينيهِ جمراً مصلتَ الحدينِ

فوقَ رأسهِ خوذتهُ

ودرعهُ

وسيفهُ

. وبينَ صدرهِ الهلال

 

يا ايُّها الموصولُ في الأعراقِ

في الأحداقِ

في التاريخِ يروي بذرةَ المأمولِ

والمجهولِ

والدائرِ ما بينَ جبالِ الثلجِ

طارتْ ريشةٌ منْ جنحكَ الخافقِ

فوقَ الغيمِ في أربيلَ

لم تهبطْ على العينينِ

لم تلمسْ هوى القلعةِ

بل ظلتْ تدورُ في سماءِ الظلِّ

في بطنِ سحابِ الكتبِ المحصورةِ الأبوابِ

ما صارعتِ الرقصةَ في الأشباحِ

تهوي في جذورِ البئرِ فوقَ ربوةٍ  تغفو على

كانونِ حدادٍ يقودُ الأخوةَ الأبرارِ

نحوَ القمةِ السوداءِ

يرويها ضياءاً منْ لهيبِ النارِ

. والمطرقةُ الحمراءُ في الأيدي مسله

 

ِيا ايُّها الموصولُ في الأعناق، ِ

في مقهىً على ناصيةٍ بينَ ربى الوديانِ

بينَ الثلجِ والخريرِ تحكي قصةً

، للبطلِ الذي ارتدى عباءةً

، كوفيةً

... ولم يقلْ

!.. سجِّلْ أنا كردي

 

سجِّلْ

...أنا كردي

ما ارتديتُ يوماً صورةً بالزيتِ والألوانِ

أو ساريةً ترفعُ أعلامَ الحواريينَ في شوارعٍ

تصطفُّ منْ أمامِ أبوابِ الشيوخِ والملوكِ

والأئمةُ الساهينَ عن صلاتهمْ !

..... سجِّلْ

فإني ما ارتديتُ علبةً زخرفتُها

زيَّنتُها

!.. لتصبحَ الوجهَ القناعْ

.... سجِّلْ

فقدْ أعلنتُها بينَ الوجوهِ السمرِ والشقرِ

...... وقدْ أعلنتُها فوقَ رؤوسِ الأخوةِ الشهودِ

والأعداءِ

، إني ما ارتديتُ جبةً

، عمامةً

،طائرةً

! أو صولاجان