عن سامية عزيز محمد ـ عضو المجلس الوطني العراقي

عبد الستار نورعلي

تمتاز السيدة سامية عزيز محمد خسرو عضو المجلس الوطني العراقي بحيوية ونشاط منذ نعومة أظفارها، فهي تمتلك شخصية ديناميكية جذابة نقية مخلصة صافية تفرض حضورها القوي المؤثر أينما وجدت و بحرارة وقوة، لذا تميزت بالتأثير في المقابل وامتلاك وده وإعجابه. وكان لكل ذلك أثره في المجال الوظيفي أيضاً لتكون في المقدمة فهي متخرجة من قسم الادارة والاقتصاد في الجامعة المستنصرية. وقد برز ذلك في عملها في الخطوط الجوية العراقية في سبعينات القرن العشرين حيث عرفت بالاستقامة والنزاهة ونظافة اليد والاخلاص في العمل، حتى رشحت مديرة حسابات مطار بغداد بشرط انتمائهالحزب البعث فرفضت وهاجرت من العراق على اثرها.

تنحدر السيدة سامية عزيز من عائلة مقتدرة غنية لها وضعها الاجتماعي المتميز والعالي داخل المجتمع الكردي الفيلي. فهي عائلة عريقة شريفة ذات منبت عشائري رفيع المستوى.

فعائلة الملا نظر الفيلية التي تنتمي اليها هي من كبار العائلات والقبائل سواء في الوسط  الكردي أو العربي، فجدها الأكبر الملا نظر كان من رؤساء العشائر الفيلية الذي بنى أول دار في منطقة باب الشيخ في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على أرض تحوي اثنتين وعشرين نخلة وبذلك يكون أول من سكن في تلك المنطقة التي سميت بين العامة باسمه.

أبوها هو المرحوم عزيز محمد خسرو  من كبار رجال الأعمال في بغداد في حينه ومن أشد المعادين للنظام السابق وللبعث والبعثيين . خالها المحامي العراقي المرحوم عبد الهادي محمد باقر كان أيضاً من كبار رجال الأعمال في بغداد إضافة الى كونه محامياً من أوائل من تخرجوا من كلية الحقوق في ثلاثينات القرن العشرين، و هو أحد أوائل الضباط الاحتياط العراقيين في الثلاثينات، كما إنه من الشخصيات البغدادية المعروفة والبارزة في زمنها في الاوساط الثقافية والتجارية. ساهم في تأسيس جمعية الأكراد الفيليين في بغداد في منتصف الأربعينات وفي تأسيس مدرسة الفيلية التي استقبلت أبناء الكرد الفيليين الذين كانت المدارس الرسمية ترفض قبولهم . وقد هجر هو وعائلته أثناء عملية التهجير في أوائل الثمانينات من القرن الماضي فتوفي في إيران عن عمر جاوز الثمانين.

أما عائلتها، والداها وأخوها الكبير وزوجته وطفلتهما، فقد هجرت أيضاً الى ايران في أوائل الثمانينات فعانت الكثير. توفي والدها في سوريا ووالدتها في السويد. عانوا شظف العيش والضائقة المادية والمعاناة النفسية والمعاشية في المنفى بعد العز والغنى اللذين الذي كانوا عليهما في بغداد. حجزت أموالهم وصودرت بيوتهم، كما حجز أخوها الأصغر ابن الحادية والعشرين نزار مع المحتجزين من أبناء الكرد الفيليين ، ليظهر اسمه بعد سقوط النظام السابق ضمن قوائم الشهداء في المقابر الجماعية دون العثور على رفاته.

إن السيدة سامية عزيز محمد خسرو ذات أصول كردية فيلية كما مرَّ، ومن عائلة معروفة بعراقتها ومواقف ابنائها في النضال الوطني العراقي سواء في العهد الملكي أو في سنوات النظام السابق . فبيت جدها ملا نظر الكبير الكائن في منطقة باب الشيخ  كان بيت علم ودين وسياسة ، عُرف رجاله الكبار بالتقوىوالصلاح والتمسك بالدين وبعض شبابها بالنشاط السياسي الوطني ولاقوا في ذلك الكثير من السجن والتشريد والاغتيال . كانت تقام في هذا البيت المجالس الدينية في كل رمضان أيام العهد الملكي، كما كانت العائلة تمتلك  الأسلحة التقليدية القديمة من سيوف ودروع وتجانيف تستخدم في مجالس العزاء الحسيني وفي التشابيه التمثيلية التي كانت تقام  لواقعة كربلاء خلف السدة  في بغداد ( مناطق جميلة ومدينة الثورة وامتداداتهما الحالية) . وكان بيت ملا نظر هذا عامراً مفتوحاً ومأوى لكل الزائرين والمسافرين من الأكراد المارين ببغداد في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل وأواسط القرن العشرين .

ما عرف عن السيدة سامية عزيز أنها كانت من المعادين للنظام السابق ولم يكن لها أي ارتباط به لا من قريب ولا من بعيد . فهي شخصية مستقلة وطنية نظيفة نشيطة عاملة من أجل مصلحة الناس وبالأخص شريحتها الكردية الفيلية ، إذ تقدم لها الكثير مما تستطيع من جهد لتدافع بصلابة عن حقوقها الضائعة والمستلبة دون كلل أو هوادة . بعد سقوط النظام تطوعت ذاتياً دون مقابل في أنشطة المجلس العام للكرد الفيليين حين تقاعس الكثيرون وأبعد آخرون ، وذلك لتعمل من اجل شريحتها مدافعة وخادمة فتقدم ما يمكن أن تقدمه من خلال موقعها الحالي والمستقبلي ، وكذلك خدمة للعراق الجديد والعراقيين المظلومين ، واضعة حياتها على كفيها باسترخاص عال وتفان لا حدود لهما متنقلة بحيويتها المعهودة لتقدم ما يمكنها من خدمة .

إن السيدة سامية عزيز محمد واحدة من النساء الكرديات اللائي يضربن المثل العالي على أن النساء الكرديات قادرات وذوات طاقات مختزنة لا تقل عن الرجال في شيء، وبإمكانهن المشاركة الفعلية والفعالة في العمل السياسي والعمل العام وتقديم الكثير من  خلال أنشطتهن ونشاطهن وخدمتهن التي لا تقف عند حدود، وبذلك يثبتن أيضاً للعالم بأن النساء في كل مجتمع  وقارة ، وبالخصوص فيما يسمى بالعالم الثالث المتخلف ، قادرات على البناء والتغيير والعمل، لا يعيقهن شيء عن أداء دورهن في بناء بلدانهن ومجتمعاتهن وتقديم كل ما في طاقاتهن لأجل التطور والتقدم والتغيير وبناء مجتمعات ديمقراطية عادلة خالية من القهر والظلم والاضطهاد والدكتاتورية والفقر والتمييز والتطرف ورفض الغير.

إن ما قامت و تقوم به السيدة عزيز كذلك من خلال ترؤسها لجنة المهجرين والمهاجرين في المجلس الوطني عمل يخدم الكثيرين ممن ظلموا في العهد الدكتاتوري السابق وسلبت حقوقهم وأموالهم وبيوتهم، وتجهد على العمل لانصافهم واستعادة حقوقهم المسلوبة. وهي بما عرف عنها من حيوية ونشاط قادرة على تقديم شيء يعيد حقوق المهجرين والمهاجرين .

وقد شهد الكثيرون ممن يعرفونها وعلى اتصال بها أنها تؤدي عملها بإخلاص واتقان معترف بهما دون كلل او ملل. وهي بشخصيتها القوية قادرة على نشر سحرها الشخصي فيما حولها واكتساب الاعجاب والاحترام والتقدير. فبارك الله لها نشاطها وعملها.