الكرد الفيليون والموقف من القوى العراقية

Jan 30, 2005
بقلم: عبد الستار نورعلي

للكرد الفيليين دور بارز في الحياة السياسية العراقية المعاصرة بمختلف أطيافها وقواها . فقد ناضلوا كعراقيين أصلاء تختلف توجهاتهم و مواقفهم الفكرية والسياسية وانتماءاتهم الاجتماعية والتأثيرات الأخرى التي تفعل فعلها في توجيه مشاربهم الى هذه الناحية أو تلك ،
على اختلاف وتنوع هذه المشارب والأفكار والقوى الواقفة خلفها .

في الحركة القومية ككرد كان لهم دور كبير في العمل في صفوف الأحزاب والحركات الكردستانية في العراق ، سواء في نضالها السياسي أم في الكفاح المسلح ، إذ ساهموا في تأسيس الأحزاب الكردستانية الرئيسية مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني ، فكان لهم في قيادتيها رجال برزوا وعملوا بمثابرة واندفاع وقناعة راسخة دافعهم قومي يؤمن بالنضال من أجل الحصول على حقوق أمتهم القومية والثقافية مثلها مثل غيرها من شعوب الأرض التي نالت حقوقها سواء بالكفاح المسلح أو بحق تقرير المصير أو بالطرق السلمية القانونية. وقد واجهوا في طريقهم هذا المطاردة والسجن والتعذيب كما قدموا الشهداء . وما إشارة الاستاذ مام جلال الطالباني في رسالته الموجهة الى الكرد الفيليين قبل الانتخابات العراقية الأخيرة الا اعتراف طبيعي بدورهم في الحركة الكردستانية وتثمين عال لهذا الدور ، مما يشكره عليه الكرد الفيليون ويقدرونه تقديراً فائقاً وما هذا بغريب على المام جلال.

 وفي الجانب الثاني ومن خلال الطائفة والمذهب نال الكرد الفيليون كشيعة قسطهم في الاضطهاد والتمييز المذهبي الطائفي . لقد حملوا حبهم لآل البيت آيات من المشاركة الوجدانية والشعائرية التي دفعت الكثيرين منهم الى الانضواء تحت لواء الحركات الشيعية الجهادية فيكون لهم أيضاً دور بارز في النضال ضمن هذه الحركات فقدموا في صفوفها شهداء يعترف بفضلهم زعماء الشيعة الدينيين والسياسيين . لذلك نجدهم يدافعون عن الفيليين وما تلقوه من مظالم وانكار لحقهم في المواطنة العراقية الأصيلة واغتصاب لأموالهم وأملاكهم واحتجاز وضياع الآلاف من خيرة أبنائهم واختفائهم إثر حملة التهجير التي طالتهم خلال عقود النظام المباد وآخرها الحملة الكبرى أثناء الحرب العراقية الايرانية التي اندلعت عام 1980 لتضمهم المقابر الجماعية ، وكل ذلك الاضطهاد بدعوى التبعية الايرانية التي أخفت في طياتها الأسباب الرئيسة ومنها المذهبية. وبذلك نالوا قسطهم من الاضطهاد الطائفي .

 وفي الجانب الثالث كان للكرد الفيليين دور كبير كذلك في الحركة الشيوعية العراقية في تشكيلاتها الأولى حيث وصلوا الى قياداتها فقدموا في طريق النضال التقدمي والطبقي أيضاً شهداء ومعذبين ومشردين ومعتقلين.

كانت هذه الاتجاهات الثلاثة أبرز المؤثرات التي رسمت الخارطة السياسية والفكرية والنضالية للغالبية العظمى من الكرد الفيليين مع استثناءات بهذا الاتجاه أو ذاك لا تذكر لأنها لم تكن مؤثرة ولا بارزة ولذلك اختفت أو خفتت .

بسبب النضال والدور المهم والبارز للكرد الفيليين المنضوين تحت ألوية الحركات التي ذكرناها جهدت هذه القوى والاحزاب أن تدافع عن قضيتهم وإبرازها وذكر ما عانوه ولاقوه من عنت واضطهاد ومصادرة للأموال والأملاك ، فتدعو الى إعادة حقوقهم المغتصبة ، ومنها الجنسية المسحوبة من المسفرين منهم أثناء حملات التهجير التي طالت أيضاً شرائح عراقية أخرى عربية وتركمانية وآشورية .

لهذا كله فعلى الفيليين أن لا ينسوا مواقف القوى المذكورة ، بل يجب الإشارة اليها وتثمينها وإعطاؤها حقها في الذكر ، وإن كان هناك من مآخذ على موقف ما بعينه في ظرف خاص وسط هذه المعركة الشديدة الشرسة التي يخوضها العراق وهو على طريق الديمقراطية والتعددية وتثبيت حقوق المواطنين العراقيين بمختلف أطيافهم ، فعلينا أن نتوجه بالرأي السديد والحوار الهادئ للوصول الى أفضل طريقة لتصحيح ما نراه خطأ أو تجاهلاً ، بدل الحوار الساخن وكيل التهم.

إن الكرد الفيليين الذين عانوا رغم التغيير من العنت والتغييب والتجاهل من البعض ولا يزالون هم بحاجة الى كل الأصوات العراقية الخيرة النيرة من مختلف القوى والاتجاهات والطوائف والأطياف على الساحة العراقية ، سواء التي عمل أبناؤهم في صفوفها أم لم يعملوا ، لكي يدافعوا عنهم وعن حقوقهم ويثبتوها وهم على طريق تشكيل البرلمان العراقي الديمقراطي الحر وصياغة الدستور الجديد . فهم بحاجة الى كل صوت عراقي حر شريف من مختلف القوميات والأديان والطوائف . وهم كعراقيين تعرضوا مثل غيرهم من المواطنين من كل الأطياف الى الظلم الذي لم يفرق بين عراقي وعراقي . إن لهم كامل حقوق المواطنة العراقية تحت خيمة الأمة العراقية .

إن معادلة الكرد الفيليين ليست سهلة ضمن المعادلات على الساحة السياسية لذلك توجهت اليهم مختلف القوى وعرضت قضيتهم على أبسطة البحث داخل الأروقة وفي العلن ، فضمت بعض القوائم الانتخابية أسماءاً كردية فيلية مما يعني اعترافاً بدورهم وأهمية هذا الدور ، ومما يعني أن العديد منهم سيدخل المجلس الوطني القادم ، وهو أمر في غاية الأهمية .

فعليهم هم أنفسهم كذلك الانتباه وعدم العمل على ضياع هذه الفرصة وعدم إثارة هذه القوة أو تلك في الوقت الذي هم بحاجة الى هذه القوى محتمعة مثلما هي بحاجة اليهم وهي فرصتهم في تثبيت حقوقهم من خلال إيصال صوتهم الى البرلمان ، بدل التركيز على الاتهامات والنقد وإثارة الآخرين.