برومثيوس حبيساً * عبد الستار نورعلي
الى برومثيوس المغربي عبد الحق طوع:
الحِملُ فيما يحملُ الموجودُ ألماً يُريقُ فؤادُهُ الموجودُ
أنا إنْ أجبتكَ ما استطعتُ تحمُّلاً ما قد يقولُ فؤاديَ المعمودُ
سرُّ الوجودِ جراحُنا ونزيفُنا وكؤوسُها بينَ الشفاهِ تزيدُ
لا سُكرَ يحسُنُ أنْ نميطَ لثامَهُ فالأمنُ في خطواتنا مفقودُ
حتى الثمالةِ يُستباحُ طريقُنا والبابُ في جدراننا مسدودُ ....................
كأسٌ ، خمرةٌ ، كلمةٌ ، كبد ، نسر = وجعٌ بحجم الكون
هل تستطيع أنْ تنزعَ ثوبَ الجراحْ؟
كبدي يُجرِّحُني ويفرضُ سطوةَ الألم المُباحْ والنزفِ في عينِ الصباحْ
ها إنّ سكيناً من اللعناتِ ترقصُ في مسارحنا المعاقهْ
عَوَقٌ في النصِّ ، عوقٌ في الاخراج ، عَوقٌ في الخشبةِ ، عوق خلف الكواليس
أرحْ رأسكَ فوق مخدةِ الألم
لا شيءَ يفتح الأبوابَ مثلُ الألم
لا شيءَ يُنقّي الأحلامَ مثلُ وخزاتِ الجراح
لا شيءَ يفتحُ نافذةَ النزيفِ إلا رأسُكَ
كلماتٌ ، أصابع ، عيون ، صراع الأضداد =
فيضِ من نارِ الاشتياق
هل أوقفتك خمرةُ التوحُّد في قدحِ الوحدةِ عند شارع الضباب؟
اللغةُ مستطيل الدائرةِ في مثلث أنا ، انتَ ، هو
نقطة المركز مركزُ ثقل أنا
لا أفهمُ الحرفَ إلا من خلال مثلث الدائرة
منْ أنا؟ من أنتَ؟ من هو؟
ثالوثُ الخمرة في خمّارةِ العجالةِ عند حافاتِ الغريب
تصاعُدٌ في صخرة الجبل المغطى بغابات الدخان
عند السفحِ ذئبٌ ، بعينين شرقيتين
عينا الذئبِ هنا زرقاوان بلونِ سماءٍ بين الغيوم
عينا الذئب هناك حمراوان بلون دماء الضحايا
الذئبُ = نسرٌ بعينين ثاقبتين وأنيابٍ منْ خناجر
كمْ أحبّ أنْ ألقي رحالَ الرأس في رمضاءِ اليقظةِ عند شواطئ النبيذ
هل تحملني معك في سياحةِ الرأس المتصدّع؟
"أنا في انتظارك مليتْ" (1)
ياذا الأرقِ الدائمِ الزاحفِ منْ أعماقِ بلاد الصحراء الكبرى الأبيض المتوسطُ مقبرةُ الطيور المهاجرةِ الى قمة جبل النسر المتعطش لأكباد الرحيل
من فوق جبال الأطلس أحدّقُ فيكَ صدرٌ عارٍ ، قلبٌ مشقوق نصفين ، عينانِ في الخلف
أمامكَ لوحةٌ = ( أرحْ ركابكَ منْ أينٍ ومنْ عَـثَرِ ) 2
مستشفى الأمراض الصدرية فوق جبال الأطلس عند حافاتِ مياهِ (اكتبْ حتى آخر كأسٍ)
كأسٌ من الحرائق
حريق في اسبانيا ، برومثيوس يحترق ، يلعقُ نيرانَ الشرق ويلقي الوجدَ والانتظارَ والتوقَ والشوق في المثلث ذي الأعمدةٍ الثلاثة المزروعةِ في دائرةِ الصرخة
أنا هو أنا ، وأنتَ هو أنتَ ، منِ هو العمود الثالث ؟
اسألْ روحك!
الروحُ من علمِ ربّي
أنا أعرفُ أنا ، وأنت تعرفُ مَنْ أنتَ ، لكنْ مَنْ يعرفُ مَنْ هو ؟
العارفُ لا يُعرَّف
ينامُ ملءَ جفونهِ ، لكنّ شواردَها لا تزالُ شاردةً حتى آخر الرأس ... (3)
"سألني الليل بتسهرْ ليه ؟" (4)
لا يفهمُ السهرَ إلا صاحبُ الأرقِ وناظرُ الحلمِ محبوساً مع القلقِ
قلق X قلق = كتابة حتى آخر ورق
برومثيوس ! أنا كبدُكَ سيزيف
نهاية مفتوحة .........
* (برميوس حبيساً) في مقابل (برومثيوس طليقاً) قصيدة طويلة للشاعر الانجليزي شيلي والتي ترجمها الى العربية المرحوم الدكتور لويس عوض
1. من أغنية لأم كلثوم
2. من بيت الشاعر محمد مهدي الجواهري: أرِحْ ركابَكَ مِنْ أينٍ ومِنْ عَثَرِ كفاكَ جيلانِ محمولاً على خطرِ
و(أين) هنا بمعنى تعب
3. اقتباس من قول المتنبي: أنامُ ملءَ جفوني عن شواردها ويسهرُ الخلقُ جرّاها ويختصمُ
4. منْ أغنية لفريد الأطرش
عبد الستار نورعلي الأحد 23 ماي 2010
|