من الشعر الهندي: الشاعر آجييا عبد الستار نورعلي
آجييا Agyeya 1911-1987 : من كبار شعراء الهند في القرن العشرين، ويُعدّ من المجددين في الشعر الهندي المعاصر حيث أسس المدرسة التجريبية في الشعر الهندي بعد فترة هيمنة الرومانسية، وقد نال عدة جوائز أدبية. واسمه الحقيقي (ساجيداناند هيراناند فاتسيايانا). عمل صحفياً واستاذاً جامعياً ومدير تحرير لعدة مجلات. انضم الى حركة الحرية الهندية وسُجن بين عامي 1930- 1936بسبب نشاطه الثوري. أصدر خمس عشرة مجموعة شعرية وقصصاً قصيرة وثلاث روايات، كما أنه في الوقت نفسه جمع الشعر الهندي مابين عامي 1943ـ 1979 في أربعة مجلدات.
* قرية في الليل
أغنية السيكادات* جعلت القريةَ تنعسُ. خيوطُ الدخان البيضُ تهزُّ البيوتَ مثلَ المهودِ.
* الجبل لا يهتزُّ
الجبل لا يهتزّ، ولا الأشجار، ولا الوادي. إنها ومضة الضوء الصغيرة من البيت هناك في النهاية انعكست في البركة التي ترتعشُ.
* عن العودة
1. تلة خضراء انحناءة الجبل الجانبية، ستارة من أشجار الصنوبر، ممر ملتوٍ يرتقي باتجاه السماء، النهر بجوار قدميّ، متمدّدٌ مثل وخزة من الألم، طيور مستريحة في أعشاشها. كلّ هذا رأيتُه واحتفظت به في قلبي. واسيتُ نفسي: مرةً سأعود، بعد أيام، سنين _ دهور. أضاء الأفق عالياً بالبرق, من بعيد، عين غاضبة، سؤال متوهج: "أيها الرحّالةُ، حتامَ ستتذكر؟"
2. غروب شعاع الشمس توهّج في قمة الجبل من الجانب الثاني متوجةً بأشجار الصنوبر ـ ابتسامة الأم انعكست في وجه الطفل.
أغنية الوعي بعيداً عن كلّ الآلام مليءٌ بالفرح الغامر. "لايوجد أيُّ طريقٍ للعودة."
* على العتبة
استيقظتُ, حالما استيقظتُ أحسستُ كأني كنتُ في حلمٍ لم أستطع تذكره. كان احساساً فحسب كما لو أني حلمتُ لتوي واستيقظتُ.
نعم، يوجد حلم، قلتُ لنفسي، أقفُ على العتبة حتى أتذكره. بينما مشيتُ حواليّ كان التفكير يرنّ داخلي بأنه كان هناك حلمٌ ووقفت على العتبة حتى أتذكره.
وهكذا نمتُ ثانيةً، استيقظت ثانية، نمت مرةً أخرى في سلسلة لا نهائية: كما لو أنّ الإرادة أُنتُزعَتْ مني بنفس الباحث الدائم، العاجز، غير المؤهل كي أتذكر حلمي المنسي ـ المُتذَكَّر.
أنا متأكد بأني سأتذكر سريعاً ذلك الحلمَ الذي أعرف أني قد حلمته ـ أنا أقف تماماً على العتبة حتى أتذكّره ـ مع أنّ صورتهُ الحادةَ ، العميقة، الراسخة تبقى قابلةً للاصطياد.
لا توجد نهاية، ولا أية يقظة كاملة ، لا ذاكرةَ أبداً يمكن أن تنسى تماماً، لكن ايماني راسخ، أقف على العتبة حتى ينهض حلمي الذي حلمته لتوي، وكذلك صورته مرئياً أمامي على العتبة، لكي اتحرك الآن فيه.
* أنين
في الأول قالتْ انظرْ الى السماء ذلك المحيط من النور ورأيتُ طيوراً تنحدر مثل زوارق شراعية صوب شواطئ مجهولة ثم قالتْ انظرْ الى المحيط المترامي من الخضرة ورأيتُ أغصاناً تلمع في الشمس وظلالاً عميقة تتحرك من طنين وأزيز ودمدمة الحشرات من مختلف الأنواع و كذلك خرير لجداول وشلالات بعيدة.
ثم قالتْ انظرْ لكن انظرْ فقط ـ كلّ هؤلاء الناس ورأيتهم حشداً ضاجّاً من الحزن والجوع والانفعال والجشع والكراهية والغفران والتوسّل في عيونهم.
وهكذا فجأة همستْ ولكنْ هل نظرتَ في داخلك وبحثتَ في الصمتٍ وقلبي أصبح ساكناً فارتعشتُ من الخوف وأحسستُ أني خاسر.
ولكنْ حينها قالتْ مجدداً يوجد محيط من النور وكان يوجد ومحيط من الخضرة وكان يوجد وبشرٌ وكنتُ موجوداً بينهم في وسطهم كنتُ موجوداً.
* السيكادا: حشرة تعيش في المناطق الحارة تصدر ذكورها صوتاً غنائياً رناناً وخاصة عند ارتفاع الحرارة والرطوبة وذلك لجذب الاناث من أجل التزاوج.
* أخترت القصائد من انتالوجيا الشعر الهندي (Innan ganges flyter in i natten) (قبل أن يفيض غانغس ليلاً) لمجموعة من المترجمين السويديين.
ترجمة: عبد الستار نورعلي الخميس 29 أبريل 2010 |