في ذكرى المرحوم أبي رائد عيسى رؤوف
الجواهري
صباح الخير، يا عيسى الجواهرْ!
صباحُكَ مشرقٌ ، نوراً ، وعاطرْ
* * *
تستوقفُني كلَّ صباحٍ
في دائرة الحلم
وتوقظني
أتلفَّتُ نحوَ صباحٍ آخرَ،
صباحُ الخير ،
ياذا النائم في حضنِ سلامِ الأحياء!
أينَ صباحٌ كنتُ أقابلُ وجهكَ بالحريةِ
في مدرسةِ الناصرِ
نتجولُ بينَ عيونِ أحبتنا؟
أينَ الضحكةُ ، والقهقهةُ
ومزاحٌ ظلَّ يلاحقُنا أبدَ العمرِ
ببراءةِ طفلٍ في العمرِ ؟
أرتجلُ اليومَ سرابَ الوجهِ،
أبحثُ عنْ ماءٍ في وجهي
عنْ ذكرى
عنْ قدحِ منْ شايٍّ ساخنْ ،
عنْ زاويةٍ من ذاك البيتِ المعمورِ،
سألتُ القلبَ: هل مازلتَ تحيا
بذاك الركنِ ، منْ ظلِّ التصافي
أجابَ: وهل بغيرِ دمي سأحيا
وفيهِ وجهُ مَنْ كانَ احترافي !
احترفنا وجهَنا وقلبَنا ،
مهنتَنا في الحبِّ والتآخي
في زمنِ الوفاءِ والتصافي
حتى حوارِ الشوقِ في المنافي
ملعبُ الشعبِ ، وملعبُ الكشافةِ
رياضةً كانا لنا ، سياحةً ، لقاءا
ومَسْكناً ، مُطوّقاً هواءا
صباح الخيرِ ،
أطيبَ مَنْ قالَ لنا صباحا
ورشّنا منْ عطرهِ فوّاحا
ويثّ في قلوبنا ارتياحا
وفي المساءِ قادَنا أقداحا
رهافةً ، نظافةً ، قِدّاحا
والكأسُ في رفقتنا اصطباحا
بلغني أيها العزيزُ السعيدْ ، ذو الوجهِ الضاحك الغريدْ ، أنّك أصبحتَ عند
الباري العزيز الحميد ، تنظرُ الينا من ذلك القريب البعيدْ ....
عرفْتُ فيكَ الطيّبَ العتيدا
والكرمَ الأصيلَ ، والرشيدا
لا غاضباً، لا عنصراً حقودا
أو مبغضاً مشاكساً عنيدا
بلْ دافئاً ، مُحبّباً ، ودودا
إنْ أطنبتُ ما وفّيتُ ،
ما زيّدْتُ ، ما عدّيْتُ
ما في نفسكَ منْ أمطارٍ
منْ فاكهةٍ ، منْ أشجارٍ
منْ أزهارٍ ، منْ أطيارٍ
سُئلتُ وأينَ إلفُكَ قد أحلا
فقلْتُ: جوارَهُ علّى وجلّى
ومغفوراً لهُ ، عندَ المُعلّى
* عيسى رؤوف الجواهري كان صديقاً وأخاً لم تلده أمي التي ما رُزقتْ صبياً
غيري. كان مدرساً للغة العربية في متوسطة الناصر بمدينة الحرية ببغداد حيث
التقينا معاً عام 1967 حين انتقلت من ناحية المدحتية في الحلة الى نفس
المدرسة، ومن يومها اصبحنا صديقين وأكثر من أخين لا نتفارقان. كان الصهر
الأكبر للشاعر محمد مهدي الجواهري. وقد بلغني انه توفي قبل أكثر من عامين.
امتازت شخصيته بالمرح والفكاهة وسرعة البديهة وبالطيبة المفرطة والكرم
اللامحدود ، والقلب النقي الكبير الذي لم يكنْ موطناً لحقد أو كراهية أو
غلٍّ.
عبد الستار نورعلي
فجر الأحد 4 تموز 2010
Back
|