هل نسمعُ سعدي الحلي اليومَ يغني ؟ عبد الستار نورعلي
هل نسمعُ سعدي الحلي اليومَ يغني *
الموسيقيُ المقطوعُ الرأس يُخفي اللحنَ الأحمرَ الغاضبَ داخلَ لحم الجثةِ وسط الشارعِ
وحبيبُ الحزنِ ولونِ ترابِ الأرضِ يقطعُ خارطةَ الهجرةِ مذهولاً منْ شرفتهِ الجامدةِ إلى دفء النخلةِ وحضنِ الأمِ كي يسمعَ آهةَ آخر نهاراتِ الوطنِ يومَ اجتازَ الذئبُ الأبيضُ كلَّ مسافاتِ الدنيا رغمَ أنوفِ الأرضِ وتخطى السورَ سورَ التاريخِ، وسورَ سليمانَ، وأبوابَ الأممِ فتربّعَ فوقَ جنائنِ بابلَ بعرشٍ منْ جمجمةِ الهندي الأحمرِ وأنيابِ الكونغرسْ فتبلبلتِ الأرضُ بمَنْ فيها
وأبو خالدْ يحتاجُ الى قرنٍ آخرَ كي يعدلَ أوتارَ العودِ هذا العودِ الموزونِ الآنَ على ايقاعِ العقلِ الغائبِ في ساحةِ تحريرِ اللصْ
الحِلةُ قدرٌ مكتوبْ منذ زمانِ السبيِّ الأولِ وبابلَ ونبوخذْ نصرَ يومَ اجتاح النهرَ حتى أقصى الصخرةِ ليعودَ علينا باللعنةِ ، بالغضبِ ، بالسبيِّ وحتى آخر أنفاس الأرضْ
ذاكَ صفيُّ الدينِ الحلي * ورماحُ عواليهِ ، ومعالينا ما كانَ ليدري أنَّ رماحَ السبيِّ الأقوى تأتينا فيخيبُ رجاءُ الوطنِ برجالاتِ قبيلتنا بـإذا عُدتمْ عدنا
فإذا همْ قد عادوا بالتابوتِ وعلى مَحملِ تفجيرِ الأجسادْ
أأبا خالدْ، غنيتَ وغنيتَ فأطربتَ وأشجيتَ ، الآنَ حبيبُ يناجي إسفلتَ الشارعِ يسألُ عن أمهْ وسط الحشدِ الذائبِ شظايا منْ لحمٍ محروقْ
"حبيبْ أمكْ مَتِقْبلْ مِنْ أحاجيكْ !" وتحاجينا ، والأمُ رسالةُ ذاكَ العهدِ المكتوبِ بينَ سبايا بابلَ وأمِ السبي اليومَ ، فغنينا موالَ السبيّ على الدارِ ومَنْ فيها فأنزلْنا اللعنةَ على الجنةِ ذاتِ الوعدِ جاءتْ فوقَ قطارِ الزحفِ من خلفِ محطاتِ الإنشادِ الغربيهْ
* المرحوم سعدي الحلي (أبو خالد): أشهر مطرب شعبي عراقي. ومن اشهر وأشجى أغانيه (حبيبْ أمكْ متقبلْ مِنْ أحاجيكْ)، و(أحاجيك) بالجيم ذات الثلاث نقاط تحتها والتي تُلفظ باللهجة العراقية كما تلفظ (ch) الانجليزية وهي (أحاكيك) بالفصيحة أي أكلّمك. * متقبل: باللهجة العراقية بمعنى (ما تقبلُ). وتُلفظ (مَـتِـقْـبَـلْ) بفتح الميم وكسر التاء وتسكين القاف وفتح الباء وتسكين اللام. * مِنْ: بمعنى عندما بالعراقية * صفي الدين الحلي هو الشاعر العراقي القديم، والاشارة الى قصيدته التي مطلعها: سلي الرماح العوالي عن معالينا واستشهدي البيضَ هل خاب الرجا فينا
عبد الستار نورعلي السبت 2 حزيران 2007
|