ولّى الشبابُ!؟ فلا ، وحقِّ قصيدكم !
عبد الستار نورعلي
(الى الكبير يحيى السماوي)
مازلتَ في وَهَجِ الشبابِ الألمعا
قلبٌ تحرّقَ في الهيامِ فأبدعـا
ما العمرُ إلا في الكتابِ مُسجّلٌ
ودمُ الشبابِ يظلُّ فينا المنبعا
ولّى الشبابُ ؟! فلا، وحقِّ قصيدكم،
ولّى المشيبُ ، فليسَ فينا المرجعا
أيُقاسُ عمرُ المرءِ مِنْ شـيباتهِ
أم بالذي بينَ الضلوعِ وما سعى؟
ولقد سعيتَ ، فأدركتْ منكَ المنى
نبضَ الشبابِ فكنتَ منهُ الأنصعا
"نقِّلْ فؤادَكَ حيث شئتَ من الهوى"
ستظلّ في شرخ الصِبا المُتربِّعـا (1)
نقّلْ وزِدْ فينا الأغاني زِدْ لها
وتراً على وترٍ نُغنِّ الأروعا
يا واحةَ العشقِ الكبيرِ وإنْ روى
عشقَ القُليبِ حلاوةً وتطلُّعـا
دررُ القوافي منْ شبيبِ فؤادكم
شبّتْ به النيرانُ شـبّاً مُوجِعا
فتناثرتْ منهُ اللآلئُ ، عِقـدُها
منْ مُغرَمٍ نسجَ الجمالَ فأشبعا
يا عازفَ النغمِ الرقيقِ ، عزيفُهُ
فوقَ الذرى أنْ يستطيلَ ويطلعا
إرفقْ بخافقِكَ المُطوَّقِ بالمدى
متحارباً ، متغرِّباً ، متصدِّعا
يكفيهِ قد ذاقَ الهوى ، ألِفَ الجوى
فرمى الشِباكَ على القلوبِ فأوجعا
قالوا التولُّهُ في الشبابِ حريقُهُ
فلْيقرأوا يحيى إذا الداعي دعا
الحبُّ في كِبَرِ المَقامِ مُقامُهُ
متسامقاً، متنوِّراً ، متفرِّعاً
كِبَـرُ المقامِ منَ البلادِ عِمادُهُ
وعمادُنا رفعَ القواعدَ مَطلَعا
أفدي بلادي بالأصابعِ ليسَ لي
غيرُ الأصابعِ مِقوداً متطوِّعا
إنّي رأيْتُ المُنكَراتِ صددْتُها
بالقلبِ والفمِ والحروفِ مُدفِّعا
وطني استحالَ خريطةً مصدوعةً
بيدِ الطوائفِ صدعُها قد شُرِّعا
بيدِ الصِغارِ صغيرةٌ مهزوزةٌ ،
بيدِ اللصوصِ تُسامُ ويلاً مُفجِعا
كانتْ على سـيفِ الطغاةِ فجيعةً
فغدَتْ على سُوسِ الفسادِ الأفجعا
وطنٌ تسـنَّهَ ماؤهُ وهواؤهُ
بمُزوِّرٍ ومُفسِّدٍ لنْ يُـرفعا
آهٍ ..! وكمْ في القلبِ آهٌ لم تنلْ
منْ سارقي مالِ البلادِ المَسمَعا
* * * * *
ياصاحبي حسبي الكلامُ ومارعى
وعسايَ ما أوقدْتُ فيك توجّعـا
أفديكَ محفوظَ الهوى ومُرفَّعا
ملِكَ القصائدِ قد أجادَ وأسمعا
حسناءُ يحيى في ركابكَ هزّةٌ
بينَ القوافي رفَّ قلباً مُترَعا
إسقيهِ شهداً منْ رضابكِ رحمةً
أو قولـةً تحيي الخليلَ المُولَعا
سبقتْ إليكِ المُرهَفاتُ تغافلتْ
عنها لحاظُكِ لفتةً ، وتطلُّعا
فرمى الشِباكَ وماجنى منْ صيدها
غيرَ الصدودِ ، تكبُّراً ، وتمنّعا
يا مَنْ يذوبُ على هواها رحمةً
بالنفسِ حينَ تفكُّ توقاً أدمعا
لا يُستطابُ الحبُّ دونَ صبابةٍ
منها، فكُنْ في حبِّكَ المترفِّعا
أنا لا أذلُّ لهنَّ حتى لو جرَتْ
فيَّ الحياةُ تضعضعاً وتصدُّعا
لاخيرَ في حبٍّ تهاوى خيلُهُ
الحبُّ أنْ تطأ الذرى مُتمنِّعا
ماذا سأجني إنْ بكيْـتُ ببابها
أو خلفها أطوي الفيافي مُسرعا؟
ماذا سأحصدُ غيرَ نزوةِ عاشقٍ
وجدَ الغرامَ غِوايةً فتزعزعا ؟
ماذا ينـوبُ الجمعَ ممَنْ حولَنا
طيَّ الكلامِ فهل أضاءَ وأشبعا ؟
أنا لا أقولُ دعوا النساءَ وإنّما
ليسَ النساءُ بضاعةً كي تُقطَعا (2)
أو دميةً بيدِ الرجالِ نصوغُها
وكما تشاءُ رغائبٌ أنْ تصنعا
هي أمُنا هي أختنا هي زوجةٌ
ولها علينا أنْ تُصانَ وتُرفَعا
وهي الحبيبةُ والفؤادُ ستارُها
ليسَ المحبةَ أنْ نعرّيَ أضلعا
(1)الشطر الأول تضمين من بيت أبي تمام:
نقّلْ فؤادّكَ حيث شئتَ من الهوى
ما الحبُّ إلا للحبيب الأولِ
(2) في الصدر تضمين من بيت الشاعر حافظ ابراهيم:
أنا لا أقولُ دعوا النساءَ سوافراً
بين الرجالِ يجلْنَ في الأسواقِ
الأربعاء الثاني من آذار/مارس 2011
* الابيات الأربعة الأولى كُتبتْ في الأصل تعليقاً على قصيدة المهدى اليه
الشاعر العربي الكبير يحيى السماوي (طاوي الديار على الدروب موزعا) على
موقع المثقف الألكتروني يوم الأربعاء 11/8/2010 وهو أول ايام رمضان المبارك
لعام 1431 هجرية في عدد من الدول الاسلامية. ثم أتممتُها قصيدةً بحلتها
هذه.
Back
|