الفيليون كرد شاء من شاء أو أبى من أبى ! - عبد الستار نورعلي
طالب في الأيام الأخيرة
بعد نشر مسودة الدستور العراقي الكثير من الكتاب الكرد الفيليين والجماهير الفيلية
في تعليقاتهم على المادة الثالثة من الباب الأول للدستور المقترح بادراج اسم الكرد
الفيليين ضمن المكونات القومية للشعب العراقي والتي نصت عليها المادة المذكورة ، مع
تحفظنا على ورود اسم بعض المكونات الدينية والمذهبية التي هي ليست قوميات وإنما
أديان ومذاهب مثل الشبك والأيزيدية والصابئة المندائية . وعطفاً على ذ لك انطلقت
الانتقادات والمطالب الفيلية بادراج اسمهم ضمن هذه المادة لكونهم شريحة من الشعب
العراقي لا يشك في كرديتها وعراقيتها ووطنيتها واخلاصها ، وقد عانوا التمييز
والتعسف والاضطهاد من الأنظمة الحاكمة التي مرت على تاريخ العراق الحديث منذ تأسيس
الدولة العراقية في العشرينات من القرن الماضي .
لقد زاد من احتجاج وغضب الفيليين عموماً ما تردد من تصريحات لبعض الشخصيات السياسية
في العراق وبالأخص من أعضاء لجنة صياغة الدستور وعلى راسهم الدكتور همام حمودي رئيس
اللجنة والشيخ جلال الصغير في تعقيبهم على المقصود بالفرس الذين ورد ذكرهم كقومية
ضمن المكونات القومية للشعب العراقي ، حيث اشاروا بأن المقصود هم الذين سفروا الى
ايران في زمن النظام المباد على اعتبار أنهم من التبعية الايرانية ، وبما أن الكرد
الفيليين كانوا ضمن المسفرين الذين كان ضمنهم عرب وتركمان وآشوريون وفرس من سكنة
كربلاء والنجف والكاظمية الذين لم تصل أعدادهم الى عدد الكرد الفيليين الذي قارب
النصف مليون وبذلك كانوا الضحية الرئيسة في تلك الحملة العنصرية الطائفية بالدعوى
الواهية تلك ، وعليه فهم فرس وفق هذا التصنيف والرأي وهم مقصودون في المادة تلك.
لقد كان الأجدى بمطلقي هذه التصريحات ومروجي هذا الرأي والتصنيف أن يكونوا دقيقين ،
إن كانت نيتهم صافية واشارتهم غيرالذي ذكروا ، ويستثنوا الكرد الفيليين من التصنيف
القومي هذا ، إن لم يكن كلامهم مقصوداً وتصنيفاً سياسياً خطيراً وراءه ماوراءه من
دوافع تصل الى ماخلف الحدود العراقية ولداخل الحدود ، منها دوائر سياسية أجنبية
مجاورة تتقصد في ادراج الكرد الفيليين ضمن خانة الفرس لغرض بعيد المدى ووفق مخطط
مرسوم في تلك الدوائر ونقصد بها ايران . واشارتنا هذه تستند على أن بعض الساسة
والمؤرخين والباحثين الفرس يعتبرون الكرد الفيليين من بدو الفرس وفلاحيهم الجبليين
ولغتهم لهجة فارسية محلية ، وهي محاولة مكشوفة خبيثة لسلخهم عن أصلهم وجذرهم الكردي
وذلك لأغراض سياسية وعنصرية منها التقليل من النسبة السكانية للكرد في ايران ،
إضافة الى محاولة سلخ مناطق سكناهم الجغرافية الممتدة من وسط ايران حتى جنوبها
بمحاذاة الحدود العراقية التي يقطن خلفها وبالامتداد الجغرافي نفسه القسم الثاني من
الكرد الفيليين بعد تقسيم مناطقهم وترسيم الحدود بين ايران والدولة العثمانية ،
سلخها من خارطة كردستان الكبرى بقسمها الجنوبي وفق نظرة استراتيجية بعيدة المدى
تخطط ليوم يناضل فيه الأكراد مطالبين بحقوقهم القومية داخل ايران.
كما أن هذا الرأي والفكرغيرالسديد والخطير يتلاقى مع الفكر الشوفيني العنصري لدى
البعض من المفكرين والباحثين والسياسيين والحكام العرب الذين مروا بالعراق حين
اعتبروا الكرد الفيليين فرساً وتبعية ايرانية لتبرير تسفيرهم وتهجيرهم والحاق الأذى
بهم وحرمانهم من حقوق المواطنة العراقية ، وهو ما قامت به كل الأنظمة التي مرت
بالعراق وآخرها وأبشعها النظام السابق .
إننا نربأ بالبعض من الذين نكن لهم الاحترام ممن عانوا من ظلم وجور النظام
الدكتاتوري الدموي على أن يكونوا هم أيضاً استمراراً فكرياً وسياسياً لتلك الأفكار
والتوجهات السياسية والعنصرية. كما نتمنى أن لا يكونوا جسراً لعبور أفكار بعض دوائر
الدول المجاورة ومخططاتها السياسية والعنصرية وأطماعها في التغلغل داخل العراق
والامتداد الجيو سياسي لتحقيق أحلام دارت وتدور في أذهانهم منذ تاريخ بعيد ، وكانوا
سبباً مباشراً في الكثيرمن الآلام والمظالم والحروب التي لحقت بالعراقيين ، خدمة
لأهداف وأطماع مريضة وللامتداد السياسي . وما جرى ويجري في العراق بعد سقوط الصنم
مؤشر حقيقي واضح على دورهم الخبيث التدميري للعراق وشعبه بحجة دفع الخطرالأمريكي عن
أراضيهم ونظامهم . أما قفازات الحرير التي يرتدونها كذباً وخبثاً معهوداً فيهم ما
هي الا ضمن مايخططون للعراق.
إن الكرد الفيليين ومن تسميتهم يتبين لكل ذي بصيرة أنهم شريحة من الشعب الكردي
وأنهم لم يتنكروا يوماً لقوميتهم أو يقفوا في الضد منها ، وقد يكون للبعض منهم
مواقف تجاه بعض القوى والحركات والأحزاب الكردستانية من منطلق أيديولوجي أو مذهبي
أو موقف سياسي خاص لكن ذلك لم يدفع أحداً منهم أن يتنكر لأصله ، أو يعمل ضد مصالح
شعبه الكردي . بل إن الكثيرين منهم عملوا ويعملون ضمن القوى والأحزاب الكردستانية ،
وقد اختلطت دماء الكثيرمن شهدائهم على أرض كردستان دفاعاً عن حقوق شعبهم ومقارعة
للظلم الذي لحق ويلحق بأمتهم .
لا يستطيع أحد كائناً من كان أن يزايد على أصلهم أو ينكر عليهم دورهم . لقد كانوا
يوماً الظهير للحركة الكردستانية والخط الأول في تلقي البطش والاضطهاد من النظام
الدكتاتوري المباد في طريق نضال شعبهم في كردستان ، وحملات التهجير والتسفير كانت
احدى هذه المظالم.
ليس الكرد الفيليون الا أكراداً شاء من شاء أو أبى من أبى !