الإخلاص والحماس في كتابات أحمد رجب - عبد الستار نورعلي


[21-09-2005]

 المتتبع لكتابات الكاتب والمحلل السياسي الكردي العراقي أحمد رجب يتلمس فيها خاصيتين ، هما الاخلاص والحماس.
الاخلاص في الذي يتناوله من موضوع سياسي سواء أكان في موضوع يدور حول الاحداث العراقية عامة أو الاحداث الكردستانية التي وقعت أو تقع في العراق وكردستان العراق و في عموم كردستان باقاليمها في دول الجوار العراقي. فهو يكتب عن الوقائع والاحداث التاريخية الماضية او التي تقع وتمر يومياً في عموم العراق و كردستان.
إن ما يمكن للمتابع استخلاصه من ضمن خصائص عديدة في ثنايا ما يحلله أو يبدي رأيه هو هذا الاخلاص للموضوع والتحليل المبني على وقائع وحقائق من خلال الاطلاع الواسع أو التجربة الشخصية المعاشة . حيث أن الاستاذ رجب شخصية وطنية ساهم بفعالية واخلاص وحماس في النضال السياسي ضمن الحركة الوطنية التقدمية العراقية والكردستانية ، وقد تحمل من أجل ذلك الطريق الذي اختاره بثبات واصرار واختطه لنفسه المطاردة والسجن والفصل والتشريد ، كما ساهم في حركة الانصار في ربوع وجبال ووديان كردستان العراق. وكان آخر ما عاناه في سبيل ما آمن به وحمله من أفكار وتوجهات سياسية هو بعده الطويل عن عائلته لمدة خمسة عشر عاماً قبل أن يحط به الرحال في الغربة والمهجر ليلتقي بها بعد طول فراق ومشاق ومعاناة .

هذه الحياة التي عاشها الكاتب أحمد رجب ونضاله من أجل شعبه انطلاقاً من الايمان بقضاياه المصيرية في الحرية والديمقراطية والعدالة والتخلص من الدكتاتورية ، وحقه بحياة كريمة خالية من الفقر والقهر والتمييز الطبقي والعنصري والطائفي هي التي كانت خلف ما حمله كاتبنا من هذه التوجهات باخلاص تام ، وما رسمه لنفسه من درب كفاحي مختار بإرادة ذاتية ، وهي النهر الذي يستقي منه اخلاصه ووفاءه لما حمله وآمن به . لذا لا يعترينا أي عجب حين نقرأ في كل ما يخطه قلمه هذا الكم العميق من الاخلاص للموضوع الذي يتناوله بالراي والتحليل . فالمخلص لأفكاره هو مخلص لقلمه بالضرورة ، يحترم ما يسطره وما يقوله ، لا يعبث بقارئه أو يحاول أن يلتف حول ما يقول مجاملاً أو ساتراً ما يدور في خلده ونفسه وفكره. وهو ما يظهر للقارئ المنصف مدى ما يسري ويدور في أحاسيس وفكر الكاتب من صدق وقناعة وصفاء. وهو ما نفتقده كثيراً في كتابات البعض.

إن الاخلاص للموضوع المتناول والقناعة التامة به يؤديان بالضرورة بالكاتب الى الحماس في تناوله. والحماس دليل الاخلاص والصدق والايمان بالموقف الموضوعي والذاتي ، فالكاتب لا يمكنه الجنوح عن عواطفه الشخصية وموقفه الفكري والايديولوجي الخاص عن الموضوعة المعنية في كتابته ، وإلا لماذا يكتب عنها إذا لم يكن قد تأثر بها سلباً أو إيجاباً فدفعته الى تناول قلمه ليسطر هذا الأثر ويحدث في القارئ التأثير الذي يصبو اليه في القبول أو الرفض ولينقل اليه رأيه وموقفه ؟

فالحماس في الكتابة وخاصة في الموضوعات السياسية الكبرى وحتى الصغرى التي تحدث تأثيراتها الآنية والبعيدة المدى ، وبخاصة في المسائل المصيرية التي تخص الجمهور العريض من الناس. إنه مطلوب في هكذا أحداث. تتباين الحماسات من قلم الى آخر . لكننا في قلم أحمد رجب نرى الحماس دليلاً عاماً على الاخلاص الصادق والتفاعل العميق والايمان المتجذر في الفكر والنفس ، وهو ما يدفعه الى الصراحة في القول والنية والكشف بجرأة وصدق عما في مكنونه الداخلي من خلال العرض دون خشية أو مواربة أو لف ودوران ، فهو في شخصيته العامة صادق شفاف و صريح في قولة الحق وجريء في الرأي يذهب الى مايريد مباشرة ، يحترم ذاته ويحترم فكره ، كما يحترم من يحترم نفسه . وهذا ما نستخلصه في ثنايا كتاباته . ولذا يفرض احترامه ومحبته في نفوس من يعرفه عن قرب .

إن الحماس الذي يمتاز به الكاتب أحمد رجب في ما يكتب بالعربية والكردية نلحظه بالخصوص في الموضوعات الكردستانية التي ضحى في كفاحه من أجلها ولا يزال يضحي حتى اليوم حتى بصحته ووقته.