هل الحرب الأهلية هي التي ستوقف العنف في العراق ؟ عبد الستار نورعلي
في مقالة الاستاذ فؤاد الهاشم ( حسن العلوي وثقافة الخوف) يتناول الكاتب رؤية حسن العلوي في توقف العنف في العراق بأنه سيتوقف "حين تتفوق ثقافة الخوف على ثقافة الرحمة". ويقصد خوف القادة الطائفيين الذين يقفون وراء القتل والعنف المتبادل على الهوية في العراق بين الطرفين السني والشيعي، خوفهم من أن يصل القتل اليهم شخصياً، وذلك حين يزداد عدد القتلى بين الشيعة والسنة ، فإن القائد السني سيفكر ألف مرة قبل أن يأمر بقتل شيعي لأن القائد الشيعي سيأمر بقتله، والعكس صحيح. وعندها سيتوقف السني عن قتل الشيعي والشيعي عن قتل السني لأنه سيدرك بأن الدور في المرة القادمة سيكون عليه. لذلك " اتركوا العراق يغرق في الدم السني والشيعي حتى يرتووا تماما ويطفح من آذانهم وعيونهم وانوفهم فتسيطر عليهم ثقافة الخوف من الابادة.. فيتوقفوا! " يقول الهاشم.
الهاشم في مقالته يدعو صراحة الى ترك العراقيين يغرقون في الدم وفي الحرب الأهلية حتى يصلوا الى قناعة من خلال الخوف فيتوقفوا وتحل قضيتهم. ويضرب من الحرب الأهلية في لبنان مثلاً، وكيف توصلت جميع الطوائف متأخرين الى قناعة بان الكل يحترق بنارها ، فالقتيل لبناني والجريح لبناني والمعوق لبناني والأرملة لبنانية والثكلى لبنانية فتوقفوا. بمعنى لا غالب ولا مغلوب، فاتفق الجميع على التعايش ونبذ الاقتتال. لقد سمعتُ من بعض المحللين شخصياً قناعة مثل هذه ، ويوجد حتماً آخرون يريدون ذلك لكنهم يكتمونها في دواخلهم خشية من الغضب والطعن والهجوم والاتهام بالعمالة . بالمقابل هناك قناعة وتصور عند عدد من القوى السياسية والطائفية وأنصار النظام السابق بأن الحرب الأهلية اذا قامت ستنتهي لصالحه لذلك يدأب على محاولة اثارتها. وبعضهم يصرح على المكشوف بذلك، وآخرها تصريحات محمد بشار الفيضي وهو يقول لصحيفة لوس أنجلوس تايمز أنه لو نشبت الحرب الأهلية فسينتصر السنة فيها. وبالتأكيد يتصور الطرف المقابل كذلك بأنه سينتصر ، وقد سمعنا السيد عبد العزيز الحكيم يقولها في زيارته الى عمان ، بأن الخاسرالأكبرمن الحرب الأهلية سيكون الأخوة السنة ، وإن كذبوا هذا التصريح بعد ذلك . لكن هذه القناعة موجودة عند هذا الطرف بالفعل. وهناك الذين يحلمون ويخططون لتقسيم العراق الى دويلات طائفية وقومية، فيعملون على تأجيج الصراع ليصل الى نشوب هذه الحرب لتحقيق هذا الهدف. وهذا التمني ينبع من مواقف مختلفة سياسية وطائفية ، ليست بعيداً عنها كما يرى البعض اسرائيل والصهيونية التي تريد تقسيم المنطقة الى دويلات متصارعة لابعاد الخطر عنها حفاظاً على كيانها وديمومته. وهناك الدول العربية التي تريد تأجيج هذه الحرب انطلاقاً من خلفية طائفية وسياسية ، وبدعوى الدفاع عن السنة المضطهدين في العراق ، لكن الهدف من خلفها هو العمل على استعادتهم للحكم الذي فقدوه مثلما يرون ، ومحاربة للنفوذ الايراني المتغلغل في العراق ووقوفاً في وجهه لخطره السياسي والأمني عليهم. وهناك التكفيريون الذين يرون في الشيعة رافضة كفرة لذلك يفتون بتحليل دمائهم وأعراضهم ومقاتلتهم وقتلهم أينما ثقفوهم. هذه المنطلقات المختلفة تعمل بدأب وجهد مشهود لايصال الاوضاع في العراق الى الحرب الاهلية المدمرة . وفي المقابل فإن القوى السياسية العقلانية والوطنية الحقيقية الحريصة على العراق وشعبه والتي تعمل من أجل تخليصهما من الوضع المتردي الحالي تقف بالضد من هذه الدعوات والأعمال وتجهد من أجل وقف العنف والاحتراب لمنع قيام الحرب الأهلية الطائفية. لكنها الى متى تستطيع الصمود ومنع أمراء الحرب الطائفيين وملوك الطوائف من تحقيق مخططاتهم الشيطانية؟ فالسؤال المهم هو هل فعلاً الحرب الأهلية الطائفية ستنتهي الى قناعة بلا معناها ولاجدواها وبالاتفاق على ايقافها بين الجميع كما يرى البعض؟ أم انها ستدمر البلاد والعباد ، وتحرق الزرع والضرع ، وستستمر الى ما لانهاية ، خاصة ونحن نرى ونسمع جمعاً غفيراً لا يستهان به يزيد من حطبها وينفخ في نارها ليل نهار دون توقف من مسؤولية وطنية أودينية أوانسانية ، ولغرض من طمع في السلطة والمال ، أو بدافع تاريخي ماضٍ ضيق مريض ؟
السبت 20 يناير 2007 |