الرئيس جلال الطالباني كبير يا سعد السيلاوي

عبد الستار نورعلي

 

 في تغطيته لقناة العربية عن علاج الرئيس جلال الطالباني أمس ظهر مراسلها في العاصمة الاردنية عمان سعد السيلاوي بشكل استفزازي مستهجن لا يليق باعلامي وعلى فضائية بحجم قناة العربية التي لها مكانتها الاعلامية المميزة بين القنوات العربية ، والتي تتسم بالحرفية وبالاتزان والاعتدال والعقلانية ، حيث تبرز فيها بصمات الاعلامي السعودي البارز مديرها الاستاذ الفاضل عبد الرحمن الراشد.

 

لقد ظهر السيلاوي ناقلاً سيئاً لتقريره باستخفاف واستهزاء واستهتار وهو يتمضحك ويقهقه فرحاً شامتاً مستهزئاً ومعه المذيعة والمذيع المتبرجان ، وهم يتمازحون على الهواء مباشرة ماخذين راحتهم على الآخر، حتى أن السيلاوي قال ساخراً بأنهم هم يحتاجون الى عملية قسطرة ! وكان في حالة من النشوة بحيث لم يبق أمامه الا أن يعتمر الكوفية والعقال وينطلق راقصاً مغنياً يمسك بأيدي جوقة من الراقصين والطبالين والمرتزقة والمرتشين والاعلاميين المزورين المنافقين.

 

له الحق فالرئيس الطالباني ليس كغيره من بعض زعماء الأمة العربية أمياً وبلطجياً وسليط اللسان بذيء اللغة رداحاً يده والمسدس والسيف وقضبان السجن والتعذيب وارسال القتلة المحترفين لذبح المعارضين حتى بالعينين في غرف نومهم أو في شوارع دول اللجوء. فهو لم يعتد أن يردح لغيره من الزعماء في المؤتمرات ولا يتراشق بالصحون والملاعق والسب والشتم والتهديد ، ولا يرسل القتلة لاغتيال غيره من الملوك أو الرؤساء في شوارع العواصم الأخرى ، ولا يهدد ويتوعد أو يرشي البعض من الصحفيين والاعلاميين المرتزقة الذين يقفون على الأبواب يعرضون ضمائرهم وأقلامهم لمن يدفع أكثر.

 

مشكلة هكذا نفر وهذه الأمة أنها تبجل وتحترم البلطجية وأصحاب العضلات وذوي الألسنة السليطة والبذيئة لا أصحاب الخلق الرفيع ورجاحة العقل والأدب وسعة العلم والحكمة ، لأنهم قد اعتادوا على أسوأ نماذج الحكام والقادة الذين يصلون الى الحكم على ظهور الخيل والسيوف والدبابات ولعلعة الرصاص والقتل والحروب ، وكم الأفواه ومنع الهواء عن الناس والعيون عن القراءة والبحث. كما استمرأوا وأدمنوا السماع  والاصغاء الى أردأ وأكذب أصحاب اللسان وقراءة  أخبث وأسوأ حاملي القلم ، ومشاهدة أعنف وأهيج وأكذب الاعلام الذي يزور ويحرف كل شيء ويتاجر بكل شيء حتى بأعراض نسائهم.

 

قد نختلف مع فلان أو علان أو زيد وعبيد ، وهذا أمر طبيعي ورحمة من الله على خلقه والا لما حصل تطور وتقدم ، كما قال نبي الرحمة الأمي "خلاف أمتي رحمة" . والاعلامي لكي يكون ناجحاً وصادقاً وحرفياً وانساناً قبل كل شيء لا بد أن يمتلك أبسط مقومات الصحفي وهو الصدق في نقل الأحداث وقول الحقيقة والابتعاد عن كل مايشين ويثير حفيظة واشمئزاز واستهجان المتلقي حتى في خلافه وعدائه ورفضه أو قبوله لفكرة أو شخصية. لكن مع الأسف فغالبية الاعلاميين العرب بعيدون عن كل ذلك ، فهم يفتقدون النزاهة والنظافة والصدق وشرف المهنة والاعتدال والخلق القويم. لذا لا غرابة أن نجد الجماهير العربية في غالبها الأعم معصوبة العين والعقل والادراك تهيم في الوهم والتخلف والعدمية.

 

نحن نفهم رفض المحيط العربي لتولي الاستاذ جلال الطالباني لرئاسة العراق لأنه كردي  ولأنه لم يتسلم الحكم على ظهر دبابة أو باغتصاب من رئيس قبله أو من والده الرئيس الراحل ، لكن أن يصل الحال باعلامي وهو يظهر على الملايين من المشاهدين بذاك الشكل من الضحك والاستهزاء والاستخفاف وعلى الهواء فهو أمر مرفوض ومدان ومستهجن حتى على القناة التي يمثلها وأياً كانت الشخصية التي ينقل عنها خبراً. وإن كان ذلك لا يقلل من مكانة وأهمية وشخصية جلال الطالباني بل من سعد السيلاوي نفسه والقناة التي يعمل فيها، فقد قال الفرنسيون أن الأسلوب هو الرجل نفسه ، فأسلوب السيلاوي هو السيلاوي نفسه.

 

المرض ليس عيباً ولا مدعاة للاستخفاف والفرح ولا لحظة انتصار لخصم على خصم ، وخاصة اذا كانت الشخصية بمثل حجم جلال الطالباني المناضل الذي عرك الحياة السياسية النضالية لشعبه وقاده لأكثر من خمسة عقود مواجهاً الاعتقال والمطاردة والموت دون خشية أو تراجع ، والذي أصبح احدى الشخصيات السياسية العالمية الكبرى ويحضى باحترام وتقدير الدول والمنظمات والشخصيات العالمية ، مثل هذا الشخص لا ينقص منه ولا يقلل من مكانته شخص مثل السيلاوي . فمرضه نتيجة طبيعية لنضاله وتعبه المستمرين وجهده ودفاعه عن حقوق وبناء مستقبل شعبه والعراق كله.

 

إن هذا الرجل هو جلال الطالباني المناضل الذي عاصر نضال الشعب الفلسطيني وساهم مع قياداته وشاركهم كفاحهم ودافع ولا يزال يدافع عن حقوقهم ، وليس آخرها موافقته على استقبال آلاف الفلسطينييين الذين يتعرضون للتهديد والقتل من البعض في بغداد ، واسكانهم في كردستان العراق لتخليصهم من حالتهم المأساوية ضمن حالة العراق الكارثية الحالية.

 

فعلى سعد السيلاوي وأمثاله أن يتذكروا مواقف الطالباني في تأييد القضايا العربية وعلاقاته المتميزة مع القادة والزعماء العرب ووقوفه الى جانب الحقوق العربية ، مثل علاقته المتميزة مع سوريا ورفضه للاعتداء عليها أو استخدام الاراضي العراقية للعدوان عليها أو غزوها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. كما عمل منذ تسلمه الرئاسة على الابقاء على علاقة العراق بأمته العربية وقضاياها وتمتين عرى ذلك. اضافة الى علاقاته المتميزة بالقوى العربية القومية في العراق والعمل على اشراكها في العملية السياسية الجارية ، وتعيينه مستشاريه من العرب حتى من المغضوب عليهم عراقياً ، دون تمييز منه بين عراقي وآخر.

 

عبد الستار نورعلي