صرخة المظلومين : أليس للمرأة الكردية الفيلية علينا حق؟ عبد الستار نورعلي
تمثل المرأة الكردية الفيلية عنصراً أساساً في مسيرة الحياة والتاريخ الفيلي. لقد عُرف عنها الاخلاص والوفاء والصلابة والحرص ومجاهدة الصعاب وبناء عائلة كريمة مشبعة بكل القيم الاخلاقية السامية الرفيعة والانسانية القيمة. لقد كانت ولا تزال تشارك الرجل جنباً الى جنب في الحياة والمعيشة والعمل، ربة بيت كانت أم عاملة، وبكل تفانٍ ونكران ذات واخلاص وتحمل لمشقات الحياة. كما أنها خير بانية للأسرة من خلال تربية الأطفال وتحمل مشاغل البيت ورعاية رب الأسرة والوقوف على خدمة بيتها دون كلل أو تذمر، وعن قناعة وايمان بتماسك الأسرة وتنشئة أبنائها تنشئة صالحة قويمة ليكونوا رجالاً صالحين يشار اليهم بالاحترام والتقدير والمحبة، وعاملين مثابرين مخلصين في الحياة الاجتماعية، وبناة للوطن.
كلنا نتذكر أمهاتنا البطلات المضحيات، يد تعمل في البيت، ويد تربي الأطفال، ويد تخبز عند الفجر، ويد تطعم رب البيت، وعين ساهرة على كل صغيرة وكبيرة في بيتها، وبيت عيالها، وبيت أهلها، وبيت جيرانها، غاية سعادة أمهاتنا كانت حين يزرن الكاظمين، وحين يذهبن الى سيد محمد وسامراء، وحين يسافرن الى كربلاء، وحين ينعمن بحضرة الأمام علي عليه السلام، وحين يزرن مقابر ذويهن في وادي السلام حيث يلتقين ليفرغن همومهن من خلال البكاء وذرف الدموع على الأعزاء الذين رحلوا. هذه كانت غاية فرحهن وسياحتهن وراحتهن بعد عناء ايام العمل داخل البيت.
أما الأمهات اللاتي غاب فلذات أكبادهن في حملة التهجير الهمجية خلال ثمانينات القرن العشرين فقصتهن مأساة انسانية لا مثيل لها في عالمنا المعاصر، ولا في تاريخ الشعوب شرقاً وغرباً. حيث تم حجز أبنائهن الشباب بعد تسفير أهلهم ليختفوا في مقابر لم تظهر حتى اليوم. ياترى لو كنا في قلوب أمهاتهم ماذا كنا نسمع ونحس ما تنبض به هذه القلوب الوالهة المكتوية بفراق الفلذات؟؟؟ هذه الأمهات البطلات، نعم أنهن بطلات الكرد الفيليين الخالدات في تاريخنا وقلوبنا وعيوننا، مهما كتبنا صحفاً وصحفاً ومجلدات ومجلدات عنهن لن نوفيهن حقهن في رقابنا ورقاب الأجيال القادمة.
صوتك يندبني يا أمي ياروحي ياعيني ياقلبي ياقمر البيت، صوتك يندبني يندبني عبر مجرات الكون عبر محطات العمر عبر مسافات الدهر عبر فضاءات الروح صوتك من قلبي من روحي من عيني صوتك مازال يرنُ يرنُ يرنُ في أذني يدعوني ياأمي أن أحملك فوق الكتفِ طول العمر فوق الرأس طول الدهر أنتِ الخالدة الكبرى أنتِ زينبنا الكبرى أنت ...أنتِ ... أنتِ ... ياكل العمر يا كل الحب ياكل النَفَس الخارج من صدري ياعمري صوتك في أذني في أذني في أذني يا أجمل لحن غناه القلب ياأجمل وجه في الدرب ياأدفأ صدر يحضنني ياه ...!!!! لو ظليت أقولُ أقولْ ما وفيتُ ما كفيتُ لا واللهْ ! يا أحلى آياتِ اللهْ يا أمي ...!
فهل كثير علينا ونحن نذكر مأساة الكرد الفيليين أن نقف اجلالاً لأمهات الشهداء؟
ولنساء الكرد الفيليين مواقف مشرفة في كل الحركات والأحزاب القومية والوطنية الكردية والعراقية حين كن ظهيراً مسانداً وقوياً لأبنائهن وهم يناضلون ويسجنون ويعذبون ويقتلون في سبيل وطنهم وقومهم ومبادئهم. هذه سجون ابوغريب وباب المعظم والحلة ونقرة السلمان شاهدة عليهن وهن يزرن أيناءهن وأشقاءهن وأقرباءهن حاملات الملابس والفرش والمأكولات دون تعب أو كلل أو خوف أو توجس، وبكل شجاعة وصلابة وثبات وشموخ. وهذه نساء الكرد الفيليين العاملات في كل المجالات التي يعمل فيها الرجال، ومنهن حاملات الشهادات العالية، مدرسات، معلمات، طبيبات، مهندسات، موظفات، محاميات، عاملات، سائقات. ويكفي الكرد الفيليين فخراً أن أول قاضية امرأة في العالم العربي كانت السيدة المناضلة زكية اسماعيل حقي الفيلية وبجدارة وكفاءة مشهودة.
وبعد كل هذا أليس من حق المرأة الكردية الفيلية أن تكرم منا وبيوم مشهود ؟
عبد الستار نورعلي السويد - 5 شباط 2008 |